إذا اردت ان تعرف مكانة شعب من الشعوب فابحث عن القانون.. واذا اردت تقييم حكومة من الحكومات فابحث عن العدالة.. وقد تتوافر كل الاشياء ويغيب القانون وتكتشف انك تعيش في غابة.. قد يتوافر المال والسلطان والقرار وتغيب العدالة ويفقد كل شيء أهميته ومعناه.. ومن هنا فإن بداية الحضارة لم تكن فقط منجزات في العلم او الآداب او الفنون ولكن الحضارة ارتقت بالقوانين.. القوانين هي التي حفظت حقوق الناس وهي التي وضعت اسس الحريات وهي التي جعلت من الانسان انسانا.. وحين تغيب القوانين تسقط الحقوق ويصبح السيف اعلي من القضاء ويصبح البطش والاستبداد الطريق الي الحكم وتصبح العدالة حنينا عزيزا.. اذا اردت ان تدرس احوال شعب ففتش عن القوانين التي تحكم حياته وتسير اموره.. فإذا وجدت قوانين تخنق الحريات وتستعبد الناس ولا تعطي اهمية لاقدار البشر فإن النتيجة الطبيعية ان يسود التخلف ويصبح الاستبداد سيدا علي الجميع.. لقد حاربت الشعوب زمانا طويلا لكي تستعيد حريتها ولا توجد حرية بلا قانون.. وهناك شعوب اخري استكانت وتركت اقدارها وحياتها للظلم والاستبداد وفي ظل القوانين يصعب ان تجد مستبدا.. وهناك من حاول استخدام القوانين لتكون سيفا علي رقاب البشر.. ولكن الفرق بين قانون وآخر ان هناك قوانين تؤكد حرية الانسان وقوانين اخري تسلبه هذه الحريات.. وفي التاريخ ابطال صنعوا امجادا عظيمة بالحرية والعدالة.. واذا كان الانتصار في ميادين الحرب مجدا فإن تحقيق العدل بين الناس وسيادة القانون والمساواة بين البشر هي المجد الحقيقي.. الانتصار في معركة انجاز عظيم ولكن الاعظم منه الانتصار ضد رغبات الشر ونوازع الاستبداد ومقاومة التسلط.. وفي البلاد المتخلفة لا توجد حرمة لقانون لان القوانين هي ما يراه الحاكم والعدالة هي ما تريده السلطة ولا شيء يسبق قرار السلطان.. وهذا هو الفرق بين شعوب تحكمها القوانين وشعوب اخري يحكمها الاستبداد.