حالة الترقب تسيطر علي حكومات المنطقة مع تهديدات متصاعدة بارتفاع معدلات التضخم في المنطقة خلال شهر رمضان مدعومة بارتفاع الاسعار الشديد وزيادة الطلب والانفاق الاستهلاكي وهو الامر الذي حذر منه العديد من الخبراء فقبل ايام عقد الدكتور احمد نظيف اجتماعا موسعا اكد فيه ان الحكومة تراقب عن كثب الاسعار ومعدلات التضخم خلال شهر رمضان وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء قد أشار الي ارتفاع الرقم القياسي لاسعار المستهلكين "معدل التضخم" خلال يولية الي 23.1% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي وارجع ذلك لارتفاع اسعار الطعام والشراب والمطاعم والفنادق والنقل والمواصلات. وذكر بيان صادر عن الجهاز ان معدل التضخم الشهري خلال يولية سجل ارتفاعا بنسبة 2.9% مقارنة بالشهر السابق نتيجة ارتفاع اسعار الطعام والشراب والثقافة والترفيه. أضاف البيان ان من ابرز السلع التي ارتفعت اسعارها بشكل كبير خلال يولية الماضي مقارنة بالشهر المناظر من العام الماضي الارز بنسبة 25.6% والمكرونة 32.8% والدواجن 39.1% والالبان 38.5% والجبن 41.1% والزبدة البلدي 71.1% والعدس 81.1%. يذكر ان الحكومة السعودية أعلنت منذ ايام انفجار معدلات التضخم في الاراضي السعودية الي معدلات غير معهودة منذ 30 عاما متوقعة استمرار ارتفاع معدلات التضخم حتي نهاية الربع الثالث من العام والذي سيتزامن مع نهاية الشهر الكريم. من جانبه حذر الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي من ان معدلات التضخم مرشحة لمزيد من الصعود مع ارتفاع الطلب المصحوب بانخفاض المعروض ومع ارتفاع الاسعار السائد في السوق علي الرغم من انخفاض اسعار السلع عالميا. واستطرد قائلا لا نستبعد ارتفاع معدلات التضخم بسبب الانفاق الترفي في رمضان الامر الذي سيرجح ان يقوم المركزي برفع اسعار الفائدة خلال الفترة القادمة، مشيرا الي ان ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهر الماضي الي 25% وما وصل اليه الحال ايضا في المنطقة العربية خصوصا السعودية يشعل التكهنات مجددا باستمرار موجة التضخم وتصاعد وتيرتها خلال الفترة القادمة مدعومة بالارتفاع في اسعار المواد الغذائية وانفلات القدرة علي ضبط الاسعار في الاسواق. وأشار عبدالعظيم الي انه من الطقوس التي ترسخت في ثقافتنا الاستهلاكية خلال شهر رمضان المبارك الاهتمام الاستثنائي باعداد ما لذ وطاب من الطعام علي وجبة الافطار بما يفوق حاجة الصائم الحقيقية الي درجة ان العديد من الصائمين يربط الشهر الفضيل بالاكل والشرب حتي التخمة، مما ينعكس سلبا علي ساعات العمل والانتاج، والتعامل مع الشهر الفضيل كفترة اجازة غير معلنة! وبسبب هذه الثقافة الاستهلاكية النهمة فإن الاجهزة الحكومية المعنية ترفع حالة الطوارئ والاستنفار الي اللون الاحمر بهدف توفير السلع والمواد الغذائية بكميات كافية واسعار مناسبة. وأشار الي ان جنون اسعار المشتقات البترولية وضعت غالبية المواطنين في مواجهة العاصفة وانعكس ذلك اتوماتيكيا علي اسعار جميع السلع والخدمات خاصة المواد الغذائية واستجابة لخصوصية الشهر الفضيل فقد بدأت الحكومة مبكرا اصدار تطمينات للناس والاعلان عن استعدادات واجراءات استباقية ووقائية والتأكيد علي توافر المواد الغذائية الاساسية واقامة الاسواق الشعبية. ويقول الدكتور عبدالعظيم انه ربما تجد الحكومة آليات للتحكم نسبيا باسعار بعض السلع لكن مع ذلك فإن المسافة بعيدة في معدلات الاسعار والتضخم بين رمضان العام الماضي ورمضان الجاري إذ تعرض المستهلكون لهجوم الغلاء الكاسح بسبب ازمة عالمية مصحوبة بانفلات غير مسبوق في اسعار كل شيء وخروج الدولة من آليات التسعير والمراقبة، والاستسلام لآليات السوق الحر غير المقترنة بالرقابة وهو الامر الذي يجعلنا دوما نتساءل دوما لماذا ترتفع الاسعار ولا تعاود انخفاضها متوقعا تفاقم الامور في النصف الثاني من رمضان. ويلتقط اطراف الحديث الدكتور عمرو رضوان الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة، مشيرا الي ان السلطات النقدية امام تحد كبير خلال الفترة القادمة مع ارتفاع الاسعار الذي يجتاح الاسواق العربية، مؤكدا ان البنك المركزي قد يكون مضطرا لرفع جديد لاسعار الفائدة خلال الشهور القادمة لكبح جماح التضخم الذي يضرب الاسواق. وأوضح ان الفاتورة الاستهلاكية للشارع المصري خلال شهر رمضان تتجاوز المليارات، مشيرا الي انه يتردد كثيرا ان التضخم ظاهرة عالمية وهي ظاهرة لا يمكن انكارها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا ترتفع الاسعار في شهر رمضان بمعدلات تفوق المعدلات العالمية للتضخم؟! ويوضح رضوان ان مخاوف الحكومات في المنطقة من ارتفاع معدلات التضخم في المواسم الاستهلاكية يعزي الي المخاوف من القدرة علي هذه المعدلات الجامحة بواسطة رفع اسعار الفائدة، قائلا ان التضخم الفعلي يحدث لدي المستهلكين توقعات وتخوفا غير عقلاني من ارتفاع الاسعار بشكل مفاجئ مما يؤدي الي شراء كميات كبيرة في وقت واحد لاعتقاد المستهلك أن الاسعار سترتفع فجأة وهي ظاهرة تغذيها الشائعات في ظل غياب المعلومات الصحيحة والثقة بالمستقبل لكن حين تتعدي الحدود العقلانية تصبح ظاهرة عالية الضرر فيما يعرف في علم الاقتصاد بشراء الهلع