تفاعلت أزمة الرهن العقاري والائتمان في الولاياتالمتحدة خلال الربع الثاني من هذا العام وفي مؤشر واضح علي انعكاس الأزمة علي القطاع المصرفي، أعلن مصرف "واشنطن ميوتول" خسائر فصلية بقيمة 3.3 مليار دولار. وجاء الإعلان إثر آخر مماثل، أشار خلاله رابع أكبر المصارف الأمريكية واشوفيا إلي خسائر هائلة في الربع الثاني من العام بلغت 8.9 مليار دولار. وكشف أكبر مصارف الادخار والقروض في أمريكا، ومقره سياتل، عن خسائر صافية بلغت 6.58 دولار عن السهم ، ويتضمن ذلك بعض الاتعاب المتصلة بالزيادة الإضافية لرأس المال الأخيرة، وقدرها 7 مليارات دولار التي أعلنها المصرف في إبريل. وتأتي الخسائر في أعقاب أرباح قدرها 830 مليون دولار 92 سنتا للسهم حققها المصرف العام الماضي. وتراجعت أسهم المصرف بعد ارتفاعها خلال تعاملات الثلاثاء التجارية، مدفوعة بقرار وكالة "موديز" مختصة في تقييم الائتمان وضع "واشنطن ميوتول" قيد المراجعة، وإمكانية خفض ترتيبه. وتسبب الارتفاع الحاد في احتياطيات خسائر القروض التي تنامت ب3.74 مليار دولار لتصل إلي 8.46 مليار دولار في الخسائر الفصلية الأخيرة. والأداء الأخير هو ثالث خسائر فصلية يُمني بها المصرف علي التوالي، الذي لجأ، وفي سياق تلافي المزيد من الخسائر، لاستقطاع حصصه مرتين وإغلاق بعض وحداته إلي جانب إعادة النظر في جدول رواتب العاملين. وتزامنت خسائر "واشنطن ميوتول" مع إعلان مصرف "واشوفيا"، رابع أكبر مصرف في الولاياتالمتحدة، خسائر هائلة للربع الثاني من العام الجاري بلغت 8.9 مليار دولار. وأعلن المصرف، أن الفترة ما بين إبريل ويونية الماضيين شهدت خسارته 4.20 دولار للحصة الوافدة، مقارنة بنتائج الفترة عينها من العام الماضي، حيث كسب المصرف 2.36 مليار دولار، أو ما يعادل 1.23 دولار للحصة، وذلك بعد يوم من تحذير وزير الخزانة الأمريكية من "أشهر صعبة". تأتي هذه التطورات بعد يومين علي إدلاء وزير الخزانة الأمريكي، هنري بولسون، بمواقف لافتة خلال مقابلة صحفية، قال فيها إن الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلي عدة أشهر لاستعادة عافيته، مشددا في الوقت عينه علي أن النظام المصرفي في الولاياتالمتحدة "مازال سليما وموثوقا به". وقال بولسون إن الاقتصاد الأمريكي "بحاجة إلي أشهر عديدة لاجتياز الفترة الصعبة الحالية حيث تواجهه، وفي مقدمتها التبدلات في سوق العقارات، واضطراب سوق رؤوس الأموال، وارتفاع أسعار النفط. يأتي ذلك بينما انهار بنك إنديماك الكائن مقره في ولاية كاليفورنيا الأمريكية علي خلفية أزمة الائتمان الحالية، وهو من أكبر البنوك التي توفر قروض العقار في البلاد. وقد حجزت السلطات الفيدرالية أملاك البنك خوفا ألا يستطيع تسديد الأموال لأصحابها من زبائنه. وانديماك خامس مؤسسة بنكية تنهار هذه السنة، وثاني أكبر مؤسسة مالية تنهار في تاريخ الولاياتالمتحدة. وفي نفس اليوم، انهارت قيمة أسهم مؤسستين مختصتين بالقروض العقارية بحوالي 50%، وهما فريدي ماك وفاني ماي التي تمول حوالي نصف القروض العقارية في البلاد. وكان إنديماك يصارع من أجل الحفاظ علي مستوي السيولة في خزينته لتفادي اغلاق أبوابه في الولاية التي تعتبر من أكبر ضحايا أزمة القروض العقارية. وافادت تقارير بأن زبائن انديماك سحبوا ما قدره 1.3 مليار دولار من ودائعهم خلال الأيام الأحد عشر الماضية مما أدي إلي انهياره. ورأت السلطات أن إنديماك لن يستطيع أداء مستحقات مؤتمنيه، مما حدا بها إلي وضع كل معاملاته في يد الشركة الفيدرالية للتأمينات لتجد مشتريا له. يذكر أن فريدي ماك وفاني ماي مسئولتان عن دعم القروض التي تمنحها انديماك وضمانها.. وقد أعلن كلتاهما أن وضعهما المالي ليس سيئا وانهما قادرتان علي مواجهة أزمة الائتمان. كما أن اسهمهما انتعشت بعدما أعلن وزير المالية هنري بولسون أنه لا نية اللسلطات الفيدرالية في تسليم إداراتهما إلي القطاع العام. وقال بولسون إن الأهم الآن هو دعم فريدي ماك وفاني ماي نظرا للدور الحيوي الذي يضطلعان به. وفي محاولة من السلطات الأمريكية للانقاذ، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانونا يهدف إلي تقديم مساعدات لمن يعانون من أزمة القروض العقارية. وحسب القانون الجديد سيتم انشاء صندوق تمويل بمبلغ قدره 300 مليار دولار لتقديم قروض بفوائد مخفضة لمن لا يستطيعون سداد القروض العقارية الحالية. كما ستستخدم أموال الصندوق الجديد لمساعدة شركتي "فريدي ماك" و"فاني ماي" العقاريتين اللتين تمولان نحو نصف القروض العقارية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن المنتظر أن يوقع الرئيس الأمريكي جورج بوش القانون الجديد الأسبوع المقبل.. وكان بعض نواب الحزب الجمهوري قد اعترضوا علي القانون الجديد لأنه يحمل دافعي الضرائب مئات المليارات من الدولارات بهدف مساعدة بنوك وشركات خاصة اخطأت في تقديم القروض. يشار إلي أن أكثر من مليون أمريكي فقدوا منازلهم المرهونة من جراء أسوأ أزمة إسكان واجهتها الولايات منذ الكساد الكبير الذي ضرب البلاد في عام 1929. وجاء تغيير بوش لموقفه من القانون رغم اعتراضه علي شرط ورد فيه ينص علي تخصيص مبلغ 3.9 مليار دولار أمريكي للمجتمعات المحلية بهدف شراء وإصلاح المنازل التي عجز أصحابها عن سداد أقساطها الشهرية. وبموجب خطة الإنقاذ، سيصبح بإمكان مئات الآلاف من أصحاب المنازل الذين عجزوا عن سداد أقساطهم الشهرية في ظل هبوط قيمتها السوقية، إعادة تمويل رهونهم العقارية بفضل حصولهم علي قروض ميسرة ومدعمة من قبل إدارة الإسكان الاتحادية. ومن المقرر أن يضع القانون الجديد معايير جديدة علي المستوي الاتحادي للترخيص لوسطاء الرهن العقاري. وكذلك يتضمن القانون الجديد تخفيضات ضريبية تصل قيمتها إلي 7500 دولار أمريكي لأصحاب المنازل الذين يشترون عقارات لأول مرة.