في منطقة ثيد احدي ضواحي مومباي يستطيع المتسوقون الهنود ان يستمتعوا بالممرات والاجنحة الفسيحة والارفف الممتلئة عن اخرها بالسلع في متاجر هايبر سيتي التي تبيع الاغذية المستوردة من متاجر ويتروز البريطانية الي جانب مختلف احتياجات المطبخ وحتي الادوات الرياضية.. وفي متجر هايبر سيتي ستجد ايضا 30 خزينة لخدمة المترددين تعمل من الحادية عشرة صباحا وحتي العاشرة مساء سبعة ايام في الاسبوع. كما ان المتجر يعمل بنظام اخدم نفسك حيث يستطيع اي زبون ان يدفع الترولي امامه ويضع فيه ما يشاء من السلع المصفوفة علي الارفف قبل ان يذهب الي الخزينة لدفع الحساب وباختصار فإن زبائن هايبر سيتي يتسوقون كما تقول مجلة "الايكونوميست" مثلما يتسوق الناس في اي بلد متحضر. ولكن تجارة التجزئة المنظمة في متاجر الهايبر ماركت والسوبر ماركت والدبارتمنت وما شابه ذلك لاتزال شيئا نادرا في الهند ولاتمثل سوي 4% من اجمالي تجارة التجزئة الهندية البالغ حجمها 322 مليار دولار سنويا. فمعظم عمليات التسوق الهندية لاتزال تتم عبر متاجر او بالاحري ملايين من دكاكين البقالة المستقلة التي يديرها مالك الدكان ومساعد او اثنان معه علي اكثر تقدير. كما يحصل الناس علي حاجتهم من الفاكهة والخضراوات الطازجة من الباعة الجائلين بعربات اليد او الجالسين علي الرصيف. والسؤال المهم هو: ما الذي يمنع انتشار متاجر السوبر ماركت في الهند؟ والاجابة ببساطة ان الحكومة هي المسئولة عن ذلك لانها تمنع الاجانب من الاستثمار في تجارة التجزئة عدا المتاجر التي تبيع صنفا واحدا من السلع حيث يمكن للاجانب ان يتملكوا حصة تبلغ 51% في مثل هذه المتاجر فقط. وهذا معناه ان شركة ريبوك يمكنها انشاء متجر كبير لبيع احذيتها كما حدث في مدينة حيدر آباد ولكن كارفور متاجر السوبر ماركت الفرنسية العملاقة لا تستطيع ان تفتح لنفسها اي متجر في الهند، والأمر الأسوأ هو ان اقامة متجر في القطاع المنظم من سوق تجارة التجزئة الهندية يقتضي المرور بنحو 33 خطوة من الحصول علي التراخيص الي اجراءات منع التخزين قبل ان يصبح ممكنا افتتاح هذا المتجر للعمل، واذا قرر احد هذه المتاجر نقل جزء من بضاعته الي ولاية هندية اخري غير الولاية التي يعمل فيها فعليه ان يدفع ضريبة مغادرة واذا اراد استقدام بضاعة من ولاية اخري فعليه ان يدفع رسم دخول واحيانا يتم دفع رسوم لمجرد تحريك البضاعة داخل الولاية نفسها من مدينة الي مدينة اخري. والحقيقة ان اصحاب الدكاكين الهندية الصغيرة الحريصين علي ايراداتهم هم انشط الناس في السعي للحيلولة دون تنظيم تجارة التجزئة في الهند، ويذكر انهم نظموا مظاهرة احتجاجية في مومباي في اكتوبر الماضي ضمت 20 ألف شخص ضد متاجر الهيبر ماركت والسوبر ماركت وهم يرفعون شعارات غريبة عن رغبة المتاجر الجديدة في احتكار السوق رغم ان الامر كله لا يعدو ان يكون مجرد شكوك، وأمام هذه الاحتجاجات الصاخبة كلفت الحكومة المجلس الهندي لابحاث العلاقات الاقتصادية الدولية ICRIER.