يتجه النصف الأول من عام 2008 إلي نهايته علي نحو مضطرب، وتقول مجلة "نيوزويك" إن وزارة العمل الأمريكية أعلنت يوم الجمعة الماضي 7 يونيو عن فقدان الاقتصاد الأمريكي 49 ألف فرصة عمل في شهر مايو الماضي في خامس خسارة شهرية من نوعها لفرص العمل علي التوالي، وهذا أمر يشير إلي أن الركود الأمريكي صار حقيقة مؤكدة، وإلي جانب ذلك ذكر تقرير صدر في نفس اليوم أن مؤشر داو جونز الصناعي فقد 394 نقطة، أما مبيعات السيارات التي تعتبر أكبر أنواع تجارة التجزئة في السوق الأمريكي فقد هبطت بمقدار 10.7% في شهر مايو أيضا بالمقارنة مع مبيعات مايو من عام ،2007 وفي قطاع الإسكان - وما أدراك ما الإسكان - فإن مؤشر كيس شيللر الذي يقيس أسعار المنازل علي المستوي الأمريكي كله قد تراجع بنسبة 14% في الربع الأول من العام الحالي. ورغم كل هذه الأنباء السيئة فهناك متفائلون يرون أن النصف الثاني من عام 2008 ستكون الأحوال الاقتصادية فيه أفضل من النصف الأول، وفي استطلاع للرأي أجراه بنك الاحتياط الأمريكي في فيلاديلفيا بين عدد من الاقتصاديين في شهر مايو الماضي تبين أنهم يرون أن معدل النمو الاقتصادي الأمريكي في الربعين الثالث والرابع من العام الحالي سيكون 1.7%، و1.8% علي التوالي ويقول لورانس يون كبير الاقتصاديين في الرابطة الأمريكية لسماسرة العقارات أن أسعار المساكن في معظم أنحاء البلاد ستتحسن خلال النصف الثاني من عام 2008 وفي الشهر الماضي أعلن وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون أنهم يتوقعون حدوث نمو اقتصادي أسرع قبل نهاية العام الحالي. ويعتمد المتفائلون في تقديراتهم علي أن الولاياتالمتحدة قد عبأت نفسها للتعافي الاقتصادي، فبنك الاحتياطي خفض أسعار الفائدة بشدة من 5.25% في سبتمبر الماضي لتصبح 2% فقط حاليا، وفي وقت سابق وافق الكونجرس علي مشروع الرئيس بوش للتحفيز الاقتصادي والذي سيضع في يد المستهلكين الأمريكيين 100 مليار دولار مع منتصف شهر يوليو القادم ومع ذلك فإن مجلة نتيوز ويك تري أن هذا الركود سيستمر فترة أطول من ركود عام 2001 الذي استمر ثمانية شهور وهي تري أن النظام المالي الأمريكي قادر علي صنع فقاعات الأسهم بسرعة ولكنه يأخذ وقتا أطول في التعافي من مشكلة الديون المعدومة والمتعثرة كذلك فإن الخيول الأربعة التي قادت الاقتصاد الأمريكي إلي مأزقه الراهن وهي أزمة الإسكان وأزمة الائتمان وارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار الطعام أصبحت الآن أقوي من أي وقت مضي وقوتها تفسد آثار المحفزات الاقتصادية التي قررها الرئيس والكونجرس وبالتالي فإن قدرة انفاق المستهلكين علي إنقاذ الاقتصاد من ركوده لن تكون في سرعة ما أن حدث في ركود عام 2001. فرغم أن الأمريكيين عموما وانصار الحزب الجمهوري بوجه خاص يعيشون علي أمل أن يستعيد اقتصاد بلادهم توازنه ويبدأ التحسن قبل نوفمبر القادم، إلا أن المعروف أن الاقتصاد الأمريكي يواجه عقبتين جديدتين لم تكن أي منهما موجودة في ركود عام ،2001 الأولي محلية بالكامل وهي ناجمة عن جراح أزمة الائتمان التي تضرب قطاع الإسكان والقطاع المالي، والثانية عالمية وهي ناجمة عن التضخم المتصاعد في أسعار الموارد مثل البترول والطعام والصلب، وهاتان العقبتان تسببان ألما اقتصاديا حقيقيا وتحبطان ثقة المستهلك التي وصلت في مايو الماضي إلي أدني مستوي لها منذ 16 سنة. وتذكرنا مجلة "نيوزويك" بأن العلاجات المستخدمة حاليا تشبه علاجات ركود عام 2001 علي الرغم من أن هناك اختلافا في الأعراض بين الركودين. ففي الحالتين هناك نقص شديد لأسعار الفائدة ومرتجعات ضريبية ولكن ركود 2001 حدث بسبب الانفجار الداخلي لقطاع التكنولوجيا والانكماش في استثمارات الشركات وحينذاك نزف الاقتصاد الأمريكي 3 ملايين فرصة عمل من عام 2001 حتي عام 2003 ولكن المستهلكين وقفوا إلي جوار اقتصاد بلادهم كالجنود حتي اخرجوه من عثرته، ويقول إيان موريس كبير الاقتصاديين في بنك HSBC.