علي الجانب الآخر يرفض عدد من علماء الجيولوجيا وبحوث البحار الرأي السابق عن خطورة التغييرات المناخية ودورها في غرق الدلتا والساحل الشمالي. حيث يؤكد الدكتور ابراهيم الشناوي "مدير معهد بحوث الشواطئ" ان ما يقال ويتردد حول غرق الدلتا بسبب ارتفاع منسوب البحر ليس صحيحا. ويضيف ان أحدث الدراسات التي أجراها معهد بحوث الشواطئ حول هذا الامر تؤكد أن ارتفاع منسوب سطح البحر في خلال المائة عام القادمة لن يزيد علي متر واحد فقط في منطقة بورسعيد و50 سم في وسط الدلتا ويصل في الاسكندرية إلي 16 سم، وهذا بناء علي قياسات حقلية، والاختلاف في هذه المناسيب من متر إلي 16 سم يرجع إلي الهبوط غير المتساوي للتربة حيث يزيد في بورسعيد عن باقي المناطق كما ان الدلتا بها حمايات طبيعية مثل سلاسل الكثبان الرملية المنتشرة في شمال مدن البرلس وادكو ودمياط. وفيما يخص السواحل الاخري يوضح د.الشناوي أنه لا يوجد اي خطورة علي سيناء بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر وانتشار الكثبان الرملية. اما الساحل الغربي من الاسكندرية إلي السلوم فيقع علي هضبة جيرية ارتفاعها من 10 إلي 110 أمتار فوق سطح البحر. وعما يقال عن ضرورة عمل سد حاجز في شمال الدلتا يقول د.الشناوي هذا الأمر غير منطقي وغير عملي لأن الطبقة الرسوبية في شمال الدلتا سمكها من 1200 إلي 1500 متر وبالتالي لا يمكن وقف زحف مياه البحر عن المياه الجوفية. ومن جانبه يري الدكتور عمران فريحي "الاستاذ المتفرغ بمعهد بحوث الشواطئ" ان اغلب التقديرات التي ذكرت عن حجم المساحة المعرضة للغرق من دلتا النيل اعتمدت علي تقييم سريع وغير دقيق لمناسيب وارتفاعات المناطق الساحلية الواقعة في شمال الدلتا. وتستند هذه التقديرات الخاطئة علي ان غالبية سواحل الدلتا منخفضة المنسوب مما يعني تعرضها للغمر عند أدني ارتفاع لمستوي سطح البحر في حين تكشف نتائج القياسات الحقلية ان متوسط ارتفاع شواطئ الدلتا يبلغ في اغلب المناطق 2 متر او اكثر مثلما هو كائن بمناطق انتشار الكثبان الرملية في البرلس وحتي جمصة مما يعني انها بمنأي عن خطر الغرق، وهذا باستثناء بعض المناطق المنخفضة حيث يقل المنسوب فيها عن متر واحد بالنسبة لمستوي سطح البحر. ويضيف د.فريحي أنه وبصفة عامة يمكن القول بأن المناطق الزراعية الواقعة خلف حائط محمد علي بمنطقة الطرح حتي جنوبالاسكندرية والتي تنخفض حوالي متراين عن منسوب سطح البحر، وكذلك المنطقة الواقعة علي امتداد الحاجز الرملي الضيق الذي يفصل بين البحر المتوسط وبحيرة المنزلة وطوله حوالي 40 كم والتي يقل منسوبة عن متر واحد هما المنطقتان الوحيدتان المعرضتان لخطر النحر وارتفاع مستوي سطح البحر اذا ما صدقت توقعات زيادة مياه البحر ويشير د.فريحي الي ان شواطيء الدلتا بصفة عامة يمكن تقييمها الي ثلاث مجموعات تبعاً لدرجة تعرضها لخطر عمليات النحر وارتفاع مستوي سطح البحر. المجموعة الأولي وتشمل: شواطيء هشة معرضة للخطر ومنخفض المنسوب مثل ساحل بحيرة المنزلة ومنطقة الطرح. والمجموعة الثانية: عبارة عن شواطيء آمنة وهي ليست معرض لخطر النحر علي الاطلاق وتشمل الشواطيء المحمية طبيعيا بالكثبان الرملية الواقعة بين البرلس وبلطيم وغرب جمصة، بالاضافة إلي الشواطيء الاخري التي يحدث عندها ترسيب وبناء وهي واقعة بين بروزات الدلتا عند جمصة وابو خشبة ومنتصف خليج أبي قير، وأخيراً الشواطيء المحمية صناعيا وتشمل تلك التي تم تأمينها بأعمال حماية صلبة سواء كانت حواجز امواج موازية للشاطيء او رؤوس خرسانية امام البرلس وبلطيم أو حوائط خرسانية امام لسان رشيد ودمياط وهي تغطي حوالي 30% من شواطيء الدلتا ومعظمها يرتفع حوالي 2 متر فوق سطح البحر مما يعني مجدداً انها بعيدة عن اثر الارتفاع المتوقع لمستوي سطح البحر. ويؤكد فريحي ان الصورة المستقبلية لسواحل دلتا النيل ليست بالغة القتامة كما تم عرضها في المناقشات الاعلامية الدائرة وانه بناء علي المعدلات الحالية فإن الارتفاع في مستوي سطح البحر امام منطقة الدلتا سوف يكون في حدود 25 سم علي الاكثر خلال المائة عام القادمة، وهي نسبة يمكن التأقلم معها والتعامل مع السلبيات المحتملة لها من خلال انشاء مزيد من اعمال الحماية الصناعية او غيرها من الوسائل التي تكفل مجابهة خطر الغمر خاصة في المناطق المنخفضة المنسوب. ويتفق الدكتور سيد شرف الدين "استاذ بقسم علوم البحار بجامعة الاسكندرية" مع الآراء السابقة في ان ما يتردد عن غرق الدلتا هو امر لا أساس له من الصحة ولا يعتمد علي قواعد علمية، مشيرا إلي أنهم قاموا بعمل بحث مشترك بالتعاون ما بين قسم علوم البحار وكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية ومعهد حماية الشواطيء لعمل نموذج رياضي للتنبؤ بارتفاع مستوي سطح البحر حتي عام 2030 ووجدوا ان الارتفاع الذي سيحدث في مستوي سطح البحر اثناء هذه السنوات لن يتجاوز بين عشر إلي 15 سم. وقد اعتمدت نتائج هذه الدراسة علي تغير مستوي سطح البحر كل ساعة عند الاسكندرية وبورسعيد، وبالتالي فإن كل ما يقال عن التوقع بارتفاع سطح البحر غير مبني علي أساس علمي. ويضيف دكتور شرف ان هناك توازنا حراريا طبيعيا موجودا علي سطح الكرة الارضية، فخط الاستواء مثلا يحدث به توازن حيث اننا نجد انه رغم ارتفاع درجات الحرارة الشديدة وما يصاحبها من بخر كامل الا اننا نجد في نفس الوقت كمية كبيرة من الامطار تسقط وتعوض النقص الذي يحدث نتيجة للبخر، ولهذا فإن هذا التوازن الإلهي يعد له تأثير اكبر من ثاني اكسيد الكربون. ويقترح شرف ان يتم الترتيب لمؤتمر علمي قومي يضم المختصين في مجالات التغيرات المناخية والبيئة البحرية في مصر لمناقشة هذه القضية التي نعدها قضية أمن قومي بالدرجة الأولي لتكون مخرجات هذا المؤتمر بين يدي المسئولين التنفيذيين يعتمدون عليها في اتخاذ ما يرونه من قرارات. ويطالب بوقف التصريحات الاعلامية بهذا الشأن لانها تثير البلبلة بين المواطنين في قضية لم يحسمها العلماء بعد.