أتعرض بالكتابة عن رجل عسكري يحمل رتبة الفريق وصار وزيرا للطيران بأداء مدني ويتعامل مع مدنيين وليس في وحدة عسكرية، جاء إلي اسطول طيران مصر المدني "خبرة" لا نحب الحال المايل فرسم "خطة طريق" كانت صدمة وكان الاتهام الأول أن "سيادة الفريق يستعين بالعسكريين" وتردد الكلام علي ألسنة طيارين كباتن في مصر للطيران. وكنت اشعر ان الفريق لا ينوي "عسكرة" مصر للطيران، انما ينوي الضبط والربط والانصهار بالتجربة وافراز الخبرات القادرة علي التواصل معه وانا من جيل ينطوي علي احترام جهد "البناة"، في هذا المرفق الحيوي مثل المهندس فهيم ريان ومن سبقوه، ولكن القضية التي نغفلها - ربما لأننا شعب عاطفي - ان لكل ربان منهجا واسلوبا، كان مجيء الفريق صدمة للعاطفيين لأنه "ناشف"، كنا قصيري النظر فلم نحكم علي تجربة هذا الفريق الا من حيث الشكل لا المضمون. * فيما بعد عرضنا أن للفريق شفيق اسلوبا، فهو يدرس "الحال الآني" ثم يحلم بالتغيير، ولم يكن يفعل ذلك وحده، لم يكن الحلم "مطبوخا" في رأسه وحده بل جلس علي مائدة تضم خبرات في الطيران، ادرك الفريق ان مصر مقبلة شئنا أو لم نشأ علي عصر السماوات المفتوحة، حين فتح المناقشة العلمية حول المستقبل سمع 3 انماط من الرأي: نمطا متحفظا، ونمطا يرقب هوي الفريق ونمطا ثالثا ينتظر اشارة البدء. ليس جديدا أن أقول ان علم الادارة ولد في احضان الفكر العسكري وكان اسلوب الفريق هو التخطيط ثم البدء ثم تصور المراحل ثم المحاسبة ثم التقييم ثم دراسة الثغرات ثم الانتهاء من المشروع ولأن حزب اعداء النجاح يمارس نشاطه في كل مجال قال الحزب إياه عن مطار القاهرة الجديد "مطار أحمد شفيق" وبخلوا علي الرجل بكلمة حق في قول انه مطار مصري يشرف كل مصري ويفخر به أي مصري، ان دنيا الطيران تتلخص - دون الدخول في تفاصيل - في مطارات وطائرات وادارة المطارات فن، والترغيب في استخدام مصر للطيران للسفر فن آخر. * أول مرة حاورت فيها الفريق أحمد شفيق قابلني في مكتب بملابس كاجوال، يومئذ أدركت انه وزير "شغال" لا يحب المنظرة، لأنه شبعان تعظيمات وتحيات وطقوس عسكرية وهو قائد، أراد هذا الرجل أن يقدم خبرته و"يتعلم" من الممارسة فاكتسب ثقة الطيارين، قابلته في دبي اثناء معرض عالمي للطيران، كان عبارته "مصر لا تتخلف مطلقا عن طيران العالم"، قابلته عائدا من باريس علي نفس الطائرة يحلم بالمطارات الاخري غير القاهرة مثل الغردقة وشرم الشيخ والأقصر ومرت شهور وشهور وصارت الأحلام حقائق دون طنطة أو نيون واذهلتني عبارة "نحن لا نرصد ميزانية الدولة بل نعتمد علي انفسنا تماما". * منذ أيام دعا الفريق مجموعة متآلفة من الكتاب والصحفيين لنري صرحا جديدا علي وشك ان ينتهي ويزيدنا عزة وفخرا مطارنا الدولي، همست في أذنه هل تستعين بخبرات المانية؟ قال لي "الدنيا كلها تتبادل الخبرات.. انا مؤمن بالخبرة المصرية ولكن لا اغفل الخبرة الالمانية بسبب الانحياز للمصرية، ثم ان العام لا يملكه واحد، العالم نحن" حين كنت اشاهد ما يصعب التعبير عنه بالقلم، كنت اتساءل بيني وبين نفسي: ألم تكن صدمة الفريق في وزارة الطيران صدمة ايجابية مثمرة؟ وليس هذا النمط من الوزراء الدوغري من اختيار قيادة سياسية حكيمة؟ أليست الادارة هي اسلوب الفريق أحمد شفيق؟ الفريق شفيق حازم ورقيق، ودود ورقيق، قائد وصديق.