أزمة الأسمدة مستمرة وهو الأمر الذي قد ينبئ بحدوث كارثة في قطاع الزراعة ما لم يوفرها قبل حدوث السدة الشتوية وقضية الأسمدة لم تخل جلسات مجلس الشعب من طرحها وتقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة لوزير الزراعة إلا أن كل ذلك لم يحل المشكلة. طالب عدد من خبراء الاستثمار الزراعي بضرورة تقليل الفجوة الشاسعة بين الانتاج والاستهلاك.. والتوسع في إنشاء مصانع الأسمدة العضوية.. ووضع ضوابط علي التصدير وعلاج الخلل الموجود حاليا في توزيع وتسعير وبيع الأسمدة.. أشاروا إلي أن الحصص المقررة بعضها للأسف يذهب للسماسرة والتجار مما يؤدي لارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، كما طالب الخبراء القطاع المصرفي بالتوسع في تمويل مصانع الأسمدة العضوية بالمحافظات.. ومصانع الفوسفات التي ستنشأ حديثا. يقول د.حسام الدين محمود أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر ان القرار الخاص بحرمان التعاونيات الزراعية والقطاع الخاص من المشاركة في توزيع الأسمدة وقصر التوزيع فقط علي بنك التنمية والائتمان الزراعي وفروعه التي تزيد علي 1200 فرع لن يحل مشكلة ندرة الأسمدة ولن يساهم في توفيرها للمزارعين فالمشكلة ستظل قائمة طالما ظلت الفجوة واسعة بين انتاج الأسمدة والاستهلاك. فالأرض الزراعية تحتاج إلي حوالي 9 ملايين طن سنويا والذي يتم انتاجه كما يقول د.حسام الدين من شركات أبو قير والدلتا وكيما أسوان والسويس في حدود 7 ملايين طن وهذا يعني وجود فجوة كبيرة حجمها 2 مليون طن.. ووزارة الزراعة تعرف ذلك وتحاول تغطية هذا العجز من خلال الاستيراد بالسعر العالمي الذي يزيد علي ال1900 جنيه للطن أو من خلال شركات القطاع الخاص بالمناطق الحرة وبالذات من الشركة المصرية للأسمدة وشركتي الاسكندرية وحلوان.. ولكنها لم تنجح حتي الآن!! يضيف: كل هذه مسكنات لن تحل المشكلة بشكل جذري لأن الوزارة تشتري الأسمدة بالأسعار العالمية وتوزعها من خلال البنوك الزراعية بالسعر المدعوم أي ب35 جنيها للشيكارة.. وكل هذا سيوجد أزمة في التسعير وسوقا سوداء وممارسات احتكارية والنتيجة كما نري: المزارعون يصرخون ولا يجدون شيكارة سماد واحدة للقمح أو البرسيم.. وإن وجدوها فسعرها يتجاوز ال120 جنيها وللأسف وزارتا الزراعة والصناعة لا حول لهما ولا قوة. السدة الشتوية قال ان وزارة الزراعة تعلم أن المحاصيل ستتعرض لكارثة إذا لم يتوافر السماد قبل السدة الشتوية أي قبل انقطاع المياه وتعلم أيضا أن السماد المدعم يتم تسريبه وبيعه بالسعر الحر وبمعني أصح بالسعر الاحتكاري الذي لا يقدر عليه المزارع الصغير أو حتي الكبير!! الأسمدة العضوية ويتساءل د.حسام الدين: لماذا لا تسعي الوزارة لحل المشكلة بشكل جذري؟! ولماذا لا تتوسع في إنشاء مصانع للأسمدة الفوسفاتية.. وتتوسع أيضا في إنشاء مصانع الأسمدة العضوية ولدينا منها -حسبما هو معلن- أكثر من 800 مصنع منتشرة في المحافظات؟ ولماذا لا تضيف الدولة خطوط انتاج جديدة لمصانع أبو قير والدلتا وأسوان والسويس؟ وتشير دكتورة عبير قناوي المتخصصة في اقتصاديات استخدام الأسمدة إلي أن الدولة في استطاعتها علاج المشكلة بشكل جذري من خلال نشر مصانع الأسمدة العضوية في مختلف أنحاء مصر ووضع ضوابط علي التصدير ومن خلال تنشيط المصانع المملوكة للدولة ومصانع القطاع الخاص وطالبت بالاسراع في تنفيذ خطة وزير الصناعة الخاصة بإنشاء 12 مصنعا أسمدة فوسفاتية جديدة. تفاقم الأزمة ويتفق د.حمداوي بكري أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر مع معظم ما طرحه د.حسام الدين ويشير إلي أن الأزمة تفاقمت بسبب نقص المعروض من الأسمدة وارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر.. والتلاعب في الكميات المخصصة للبنوك الزراعية موضحا أن الشركات الحكومية تنتج ما يزيد علي ال7 ملايين طن والمفروض أن تصل هذه الكميات للمزارعين من خلال البنوك الزراعية المنتشرة في القري والمحافظات من أجل انقاذ الزراعة من التلف. وتساءل لماذا تقوم المصانع الموجودة داخل المناطق الحرة بتصدير كامل انتاجها للخارج بالسعر العالمي الذي يزيد علي ال1900 جنيه للطن؟ ولماذا لا يتم شراء ال2 مليون طن -مقدار العجز- من هذه المصانع وحمل د.بكري الحكومة السبب في كل ما يحدث من أزمات كل موسم ودعاها للتوسع في إنشاء مصانع الأسمدة العضوية.