المستهلك المصري يتعرض حاليا لموجات غلاء متلاحقة طالت السلع الأساسية والخدمات وحتي المازوت مما أرهق ميزانية الأسرة بشدة بل ويزيد ذلك من معدل الفقر خاصة ان الأسعار مرشحة للزيادة العام الحالي بل وفشلت الجهات الرسمية والشعبية في حماية المستهلك. موجة من ارتفاع الأسعار تجتاح الأسواق المصرية منذ بداية العام الجديد 2008 مع توقع المزيد من الارتفاعات خلال الشهور الثلاثة القادمة أصحاب القرار يؤكدون ان الارتفاع في الأسعار ناتج عن ارتفاع الأسعار عالمياً مع نقض المخزون الاحتياطي لدينا، والخبراء حذروا من حدوث أزمة لتفاوت الفجوة بين الاستهلاك والدخل من ناحية والاستهلاك والانتاج من ناحية أخري وارتفاع الأسعار المتزايد والمستمر يقابلة عدم سيطرة من الحكومة علي الأسعار أو حتي جهاز حماية أما المستهلك فيستغيث. فطبقاً لتقارير صندوق النقد الدولي فإن نسبة الفقر وصلت إلي 52% من تعداد الشعب المصري بينما قدرت نسبة من هم تحت خط الفقر بنسبة 25% من قوة المجتمع مع انخفاض نصيب الفرد من الدعم ليصل إلي 16 جنيها شهريا. وحذر البنك الدولي من ان 43% من المصريين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم وطالب بزيادة الأجور والمعاشات لمواجهة الموجات المتتالية من الغلاء مؤكدا أن الاسعار ارتفعت خلال ال 5 سنوات الأخيرة بنسبة كبيرة جداً ومرات عديدة. أكد المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة ان الحكومة لن تسمح بأي تهاون أو استغلال أو غش أو احتكار في الأسواق أو تلاعب في الأسعار يضر بمصالح الشعب وسيتم فرض عقوبات رادعة للمتلاعبين بالأسعار وأرجع السبب في الارتفاع الحاد للأسعار لزيادة معدلات الاستهلاك عن معدلات الانتاج وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية. "الأسبوعي" رصدت حالة الارتفاع التي شهدتها الأسواق الاسبوع الماضي، والذي شهد زيادات غير مسبوقة في بعض السلع الغذائية وسجلت أسعار الدواجن ارتفاعا ملحوظا خلال الاسبوع الماضي بنحو 50 قرشا للدجاجة من المزرعة رغم الاعلان عن إصابات عديدة من إنفلونز الطيور بل ويتوقع المسئولون بشعبة الثروة الداجنة بغرفة تجارة القاهرة ان يزداد ارتفاع أسعار الدواجن خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الانتاج والاعلاف. بالاضافة إلي وجود أزمة في الأسمدة وتزايد أسعارها في مصر حاليا وفي تقرير صادر عن غرفة القاهرة اكد أن ارتفاع أسعار المنظفات الصناعية بنسبة 21% في المتوسط بالاضافة إلي ارتفاع أسعار مساحيق الغسيل بنسبة 9% كما حذرت الغرفة من حدوث ارتفاع في أسعار الأرز خلال الفترة المقبلة نظرا للتراجع الملحوظ من الانتاج المحلي خلال العام الماضي خاصة في ظل زيادة الطلب. الحديد والطوب علي جانب آخر ارتفعت أسعار الحديد لتصل إلي 4300 جنيه للطن ومن المتوقع ان ترتفع 4500 جنيه للطن في الأيام القليلة القادمة.. والطوب من 140 جنيها للألف الي 300 جنيه للألف وقد برر القائمون علي الصناعتين هذا الارتفاع بارتفاع أسعار البليت المستخدم في صناعة الحديد والمازوت للضعف. المواد الغذائية من جانبه أكد طارق توفيق رئيس غرفة الصناعات الغذائية ان ارتفاع أسعار منتجات الألبان ناتج عن ارتفاع السعر اللبن البودرة حيث وصل سعر الطن إلي 5500 دولار مشيرا إلي أن شركات الألبان حققت خسائر فادحة في الثلاثة أشهر الأخيرة من العام الماضي. اضاف توفيق: ان اسعار الزيوت ايضا شهدت ارتفاعا عالميا بسبب قيام ماليزيا باستخدام 40% من زيت النخيل العالمي في توليد الطاقة. أشار رئيس الغرفة إلي أنه لابد من وضع حلول أكثر واقعية لهذا المشكلة لأن أصحاب الشركات يعانون تماما مثل معاناة المستهلك بسبب نقص الألبان خاصة البودرة. ومن جانبه اشار صفوان ثابت عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات ان الارتفاع الذي شهدته السلع الغذائية بنسبة 25% مع بداية العام الجديد مقارنة بالعام الماضي ناتج عن ارتفاع الخامات الغذائية العالمية والتي سجلت ارتفاعا نسبته من 20 - 25% بالاضافة إلي ارتفاع اسعار مواد التعبئة والتغليف بنسبة 15% وبالتالي انعكاس هذا الارتفاع علي مصر أمر طبيعي. اضاف ثابت ان المشكلة تكمن في قيام كثير من الدول بإستخدام بعض الحاصلات الزراعية كمنتجات لتوليد الطاقة خاصة مع ارتفاع أسعار البترول عالمياً، مشيرا إلي أن حل المشكلة يتمثل في تقليل الفجوة بين الانتاج والاستهلاك عن طريق زيادة معدل نمو الانتاج الزراعي من 2 إلي 7%. من ناحية اخري أكد رئيس شعبة المخابز فرج طلبة ان الغاء انتاج الدقيق الفاخر "دقيق 72" سبب أزمة حقيقية وترك الأمور في يد القطاع الخاص ليحتكر هذا النوع بالاضافة إلي ارتفاع أسعار القمح مما أدي إلي ارتفاع باقي اسعار المنتجات المستخدم فيها القمح. واضاف طلبة ان الأيام القادمة سوف تشهد المزيد من الارتفاع في الأسعار بسبب الأزمة التي تشهدها البلاد حاليا في توفير احتياجات من القمح المستورد مما انعكس علي المخزون الاستراتيجي الذي انخفض من 3 أشهر إلي أقل من شهر حاليا من ثم تقليل حصة المخابز. الخبراء يحذرون من جانبه أكد د.محمد النجار استاذ الاقتصاد والمالية بجامعة بنها انه لابد من الاعتراف بأن سياسة الخصخصة والغاء الضوابط التنظيمية والدعوة إلي الحد من دور الحكومات في الأسواق والتي تنتهجها البلدان النامية قد اتصفت في بعض الاحيان بعدم الاكتراث بمصالح المستهلكين وهو ما يحدث الآن في مصر. واضاف ان الحكومة اصبحت عاجزة أمام شكاوي المستهلكين من ارتفاع الاسعار والذي اصبح يفوق دخل المستهلك. أشار إلي أننا امام مؤشرات اقتصادية تقطع بتقدم مستوي المعيشة ولكن للأسف يقابلها شبح التضخم والذي قفز بالمستوي العام للأسعار لذلك لا يشعر المستهلك بأي تحسن في الحالة الاقتصادية. واضاف النجار ان الحل يكمن في إعادة توزيع الدخل من خلال توزيع موارد الدولة التي شهدت زيادة خلال الفترة الماضية مما يعكس معه نوع من العدالة الاجتماعية. من ناحية اخري اكد د.رضا العدل استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان الحكومة تسعي إلي رفع اسعار الخدمات مما يتبعه من ارتفاع في الأسعار وذلك لسد عجز الموازنة والذي أصبح يمثل خطراً علي الكيان الاقتصادي. واضاف ان مصر مرت بمشاكل كبيرة خلال العام الماضي وكان اهمها فقد الثروة الداجنة ومشكلة استيراد القمح بالاضافة إلي ارتفاع أسعار السولار عالميا مما جعل الدولة تتحمل عبئاً كبيراً وانعكس ذلك علي أسعار السلع في بداية 2008. وأكد د.العدل علي أهمية مواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار قبل ان تتفاقم الأزمة لتصل إلي حد المظاهرات والمجاعة. ومن جانبه اكد سعد حافظ المستشار بمعهد التخطيط ان الارتفاع الكبير في الأسعار غير مبرر ولا يجب تطبيق الزيادة العالمية بكاملها علي السوق ومثال علي ذلك صناعة الحديد تقدم للمنتجين بسعر منخفض مدخلات تلك الصناعة مثل الطاقة وبالتالي فالارتفاع في سعرها غير مبرر ولا يتعلق بالأسعار العالمية بقدر ما يعبر عن السياسة الاحتكارية المسيطرة علي تلك الصناعة.