قطاع البنوك يعتبر من أهم القطاعات التي دخلت إليها الاستثمارات العربية والاجنبية في الفترة الأخيرة وهي بنوك تبحث في المقام الأول عن الربحية وتحقيق أعلي عائد.. لذلك فقد اتجهت عملياتها المصرفية للتوسع في قروض التجزئة المصرفية وتقديم الخدمات المالية بينما أحجمت عن تمويل المشروعات والقطاعات الصناعية التي تحتاج لقروض طويلة الأجل بالرغم من تضخم حجم السيولة بهذه البنوك وعدم كفاية الجهود التي يبذلها البنك المركزي ووزارة المالية لاستغلال هذه السيولة من خلال طرح السندات وأذون الخزانة وطبقا لآخر مؤشرات البنك المركزي ارتفع حجم السيولة بالبنوك من 604.68 مليار جنيه في شهر فبراير الماضي إلي 681.9 في شهر سبتمبر بزيادة تبلغ نحو 77.2 مليار جنيه. من جانبهم أكد مسئولو البنوك علي ترحيبهم بتمويل جميع القطاعات والمشروعات التي تتوافر بها شروط منح الائتمان والملاءة المالية وأشاروا إلي أن الاتجاه لقروض التجزئة المصرفية اتجاه عالمي ومازال السوق المصري يحتاج للمزيد من هذه النوعية. وحملوا الحكومة مسئولية توجيه الاستثمارات الاجنبية والمحلية من خلال توفير اعفاءات وحوافز وتسهيلات تشجي علي الدخول للاستثمار في قطاعات بعينها ووضع شروط وضوابط علي القطاعات التي تريد الحد من الاستثمار فيها. يقول علي فايز مدير عام اتحاد بنوك مصر إن الاستثمارات الصناعية هي القطاع الرائد الذي يقود التنمية الحقيقية والاستثمارات الأخري ما هي إلا قطاعات مكملة مشددا علي أهمية توجيه الاستثمارات الأجنبية لقطاعات إنتاجية وصناعية واستثمارات طويلة الأجل وليست قصيرة الأجل فقط اعتمادا علي الربح السريع. وأشار إلي أن البنوك لم تقصر في هذه الشأن وتسعي لتوظيف أموالهم ولكن ليس هناك اتجاه استثماري للقطاعات الصناعية بالرغم من تضخم حجم السيولة بالبنوك والتي يقترضها البنك المركزي ووزارة المالية عن طريق طرح أذون الخزانة والسندات أما ما يأخذه البعض علي اتجاه البنوك للتجزئة المصرفية فقد أكد علي فايز أن التجزئة المصرفية اتجاه عالمي لا يقتصر علي القطاع المصرفي المصري فقط ويمثل عنصراً أساسيا من عناصر الربح للبنوك وبالعودة لميزانيات البنوك الأجنبية سنجدها تتجه لمختلف القطاعات مشيرا إلي الاتجاه المصرفي الجديد لتوفير القروض الكبيرة للتمويل في صورة قروض مشتركة استفادت منها مشروعات بتروكيمياوات وصناعة الاسمدة والاسمنت ولم يستطع بنك واحد توفيرها فتم تمويلها في صورة قروض مشتركة. وأكد علي فايز أهمية وضع خطة حكومية كاملة لجذب الاستثمارات الأجنبية للقطاع الصناعي من خلال ايجاد بيئات صناعية مناسبة وتوفير الحوافز والامكانيات لتشجيع الاتجاه للقطاعات الإنتاجية وكذلك تطوير التشريعات والقوانين الاقتصادية لأنها أحد عوامل الاطمئنان للمستثمر الأجنبي بالاضافة لاستكمال الاصلاح السياسي وتعميق الديمقراطية ورفع معدلات التعليم الصناعي لتوفير الكوادر والعمالة المدربة للقطاعات الصناعية. ورحب علي فايز باصدار قانون الضرائب العقارية مشيرا إلي أن فرض الضريبة العقارية سيحد من الاتجاه للاستثمار العقاري. وشدد فايز علي أهمية النظر للدين الداخلي ليأخذ نفس حجم الاهتمام بالدين الخارجي لأنه أحد العناصر المؤثرة علي الاقتصاد الوطني. القيمة المضافة وتساءل أحمد قورة رئيس مجلس إدارة البنك الوطني المصري الاسبق عن القيمة المضافة من الاستثمارات الأجنبية المركزة في البورصة والأوراق المالية والاستثمارات العقارية؟! وما هي السلع والخدمات الجديدة التي تنتجها هذه الاستثمارات؟ ويجيب أحمد قورة أن الاستثمار الأجنبي له طبيعته الخاصة وظروفه التي تناسبه هو فقط بينما لا تراعي احتياجات ومتطلبات الاقتصاد القومي مشيرا إلي أن المستثمر الأجنبي يبحث في المقام الأول عن الربح السريع. وأشار إلي أننا نخسر قطاعنا الصناعي والإنتاجي بشكل سريع سواء عن طريق برنامج الخصخصة وبيع المصانع الموجودة حاليا للأجانب أو بسبب أن الاستثمارات الجديدة بعيدة عن القطاع الصناعي مما أدي لظهور حالات الاحتكار وارتفاع الأسعار لأرقام غير مسبوقة. ويشير أحمد قورة إلي أن الاتجاه الحكومي الحالي هو تنفيذ تعليمات صندوق النقد الدولي بتقليص القطاع العام والتوسع في الخصخصة دون أي قيوط أو ضوابط في مقابل تخفيض نسب ديون مصر الخارجية وما ينطبق علي الاستثمارات العقارية يسير علي القطاع المصرفي حيث إن البنوك الأجنبية والعربية دخلت السوق المصري للتربح وليس للاستثمار الوطني ولذلك فهي تركز علي قطاعات التجزئة المصرفية والخدمات المالية البسيطة بعيدا عن تمويل الصناعات الوطنية سواء الثقيلة أو الخفيفة وفي نفس الوقت تعاني هذه البنوك من تضخم حجم السيولة وغياب التمويل للقطاعات الكبيرة لذلك تتجه لاقراض البنك المركزي والحكومة وتري البنوك أن هذا الوضع أفضل لأنه أكثر أمانا ودون خسائر محتملة.