في شهر سبتمبر الماضي من عام 2007 فوجئ مصدرو الألبان بصدور قرار من وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد يقضي برفع الدعم عن الألبان وحدها، مع بقائه علي منتجات الألبان التي لاتزال تحصل علي الدعم أما الألبان والتي تصل صادراتها إلي 120 مليون جنيه فقد توقف الدعم بالنسبة لها، الأمر الذي تسبب في إحداث خسائر جمة لأصحاب مصانع الألبان والتي تقوم بالتصدير منذ فترة طويلة وتمكنت من فتح أسواق كثيرة. ورغم أن مصدري الألبان قد قاموا برفع مذكرة للوزير لإيضاح هذا الأمر والتعرف علي أسبابه وكذلك لتوضيح الخسائر المترتبة علي إلغاء الدعم، إلا أنهم حتي اليوم لم يصلوا إلي نتيجة. ولهذا فقد أردنا أن نستعرض نحن تلك المشكلة للتعرف علي أبعادها وتأثيرها من خلال إجراء حوار مع رئيس شعبة الألبان المهندس الكيميائي حاتم صالح لكي تقف منه علي طبيعة الوضع وأسبابه. * بداية ما حجم الدعم الذي كانت تحصل عليه صناعة الألبان؟ ** كنا نحصل علي دعم بنسبة 8% من قيمة الصادرات وكان هذا يمثل دعما جيدا يعوض المصدر ويرفع عنه جزءا كبيرا من الأعباء التي يتحملها من خلال الجمارك وضرائب المبيعات.. وغيرها، فنحن ندفع علي مدخلات الإنتاج جمارك وضرائب مبيعات تصل إلي 20%. * وما مدي استفادتكم من هذا الدعم المقدم؟ ** بسبب الدعم الذي كان يقدم لمصدري الألبان تمكنا من زيادة حجم الصادرات بمتوسط 20% سنويا خلال الثلاث سنوات الماضية. * ما حجم صادرات قطاع الألبان؟ ** صناعة الألبان ومنتجاتها أصبحت أكبر قطاع غذائي بالنسبة للصادرات برقم تجاوز ال مليار و200 مليون جنيه في 2007. فالألبان ومنتجاتها تحتل حاليا المركز الأول بالنسبة للقطاع الغذائي، وكنا نأمل في مضاعفة هذا الرقم في السنوات المقبلة، فالخطة كانت للوصول إلي 3 مليارات جنيه في الخمس سنوات القادمة. * ما أهم الأسواق التي تتواجدون بها؟ ** ليبيا والأردن ولبنان وفلسطين ودبي والكويت والعراق وتركيا، وتمثل أهم الأسواق بالنسبة لنا. * طالما أنتم قطاع واعد بهذا الشكل فما الذي حدث؟ ** الذي حدث أننا فوجئنا بقرار لوزير التجارة والصناعة المهندس رشيد يقضي برفع الدعم عن الألبان فقط وليس منتجاتها. * وما تفسيركم لهذا القرار؟ ** يقال إن هذا القرار صدر استنادا إلي أن مصر تستورد 50 ألف طن لبن بودرة وبالتالي فقد رأت الوزارة أن هناك تعارضاً بين استيراد لبن البودرة ودعم صادرات الألبان. * وهل هذا الأمر بالفعل صحيح؟ ** لا طبعا، هذه الفكرة ليست صحيحة وال 50 ألف طن لبن البودرة لا تستخدم في الألبان وإنما في منتجاتها من الجبن والشيكولاتة والصناعات المختلفة ولا تستخدم كلها في صناعة الألبان. فطبيعة هذه المنتجات تحتاج إلي لبن بودرة كمكون أساسي لصناعتها. كما أننا كمصنعي ألبان يكون لدينا فائض كبير في موسم الشتاء من اللبن السائب ولهذا فنحن حاليا ننشيء مصانع حتي نحول اللبن السائب إلي بودرة لاستغلال الفائض الموجود في السائب وكذلك لتقليل فجوة استيراد لبن البودرة. * ما حجم إنتاجنا الحالي من الألبان وما حجم الاستهلاك؟ ** مصر تنتج حوالي 130 ألف طن لبن معامل حراريا يستهلك منه محليا حوالي 105 آلاف طن ويتم تصدير حوالي 25 ألف طن بما يعادل 100 مليون جنيه. * معني هذا أن ما تقومون بتصديره هو فائض عن احتياجات السوق؟ ** نعم، فالحليب المنتج من المزارع المتخصصة يقابله حاليا مشكلة التصريف، حيث إن السوق المحلي لا يستوعب الطاقة الإنتاجية للبن المعامل حراريا، وبالتالي فنحن نحتاج إلي منافذ تصديرية لتصريف المنتج، حيث إن عدم تصريفه سوف يؤثر علي اقتصاديات مزارع الألبان ومن ثم علي الاستثمار في هذا المجال مما يؤدي إلي الاعتماد علي الاستيراد. * ما أهم الخسائر التي تكبدتها الشركات بعد توقف الدعم؟ ** أهم الخسائر هي تراجع حجم الصادرات المصرية، حيث توقفت بعض الشركات تماما عن التصدير واستمر البعض الآخر ولكنه تحمل خسائر فادحة أملا في العدول مستقبلا عن القرار وحتي لا تغلق الأسواق التي تم استثمار مبالغ طائلة بها في الدعاية والتسويق. فهناك 15 مليون جنيه تحملتها الشركات من تصديرها بعد وقف الدعم. * هل هناك آثار أخري ترتبت علي إلغاء الدعم؟ ** نعم هناك آثار سلبية كثيرة ترتبت علي هذا القرار ومنها: انصراف المستثمرين عن زيادة الاستثمار في مجال انشاء وتطوير مزارع الألبان، وتوجه مصنعو الألبان إلي الاستثمار في قطاعات أخري دون زيادة الطاقات الإنتاجية للألبان المعاملة حراريا وارتفاع أسعار اللبن المعامل حراريا في السوق المحلي نتيجة انخفاض الصادرات وتقليص فرص العمل في مصانع ومزارع الألبان خلال الفترة المقبلة وانخفاض سحب كميات اللبن الخام المنتج في المزارع المتخصصة وإهدار الاستثمارات التي تمت لفتح أسواق تصديرية مما يؤثر علي سمعة المصدر المصري بشكل عام. وتأثر الصادرات الغذائية في هذه الأسواق. * وماذا عن قدرتكم في التصدي للمنتجات الأخري المنافسة؟ ** إلغاء الدعم أفقدنا بالطبع القدرة علي المنافسة والتصدي للمنتجات الأخري ولا سيما وأنه جاء في الوقت الذي نجد فيه دولا مجاورة، ،ومنها السعودية تقوم بإعطاء دعم مباشر وغير مباشر لمنتجات الألبان لديها وهذا الدعم يصل لحوالي 16% من قيمة المنتج. وكذلك ليبيا بدأت تنشئ مصانع ألبان وهناك دعم كبير سيوجه لهذه المنتجات لمساعدتها علي غزو الأسواق. فالفارق ما بين المنتج المصري والسعودي في السوق أصبح في حدود ال 15% وبالتالي فإن المنتج السعودي أصبح في وضع أقوي من المصري نتيجة دعم حكومته. * في ظل كل هذه الأوضاع المترتبة علي إلغاء الدعم ماذا فعلتم لتوضيح ذلك للجهات المسئولة؟ ** قامت شعبة الألبان برفع مذكرة للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة في ديسمبر الماضي عن طريق رئيس غرفة الصناعات الغذائية وحتي اليوم لم نصل إلي نتيجة جديدة لحل المشكلة.