يسمونها "جمهورية سامسونج" بسبب دورها المسيطر في اقتصاد كوريا الجنوبية، وتقول مجلة "نيوزويك" إن سامسونج إحدي أبرز الإمبراطوريات الاقتصادية العائلية في آسيا تواجه أزمة حقيقية بعد فضيحة الفساد التي فجرها في الشهر الماضي محامي سامسونج السابق كيوم يونج تشول - 49 عاما - حيث ادعي أن سامسونج قامت خلال الفترة من 1997 - 2004 بتقديم رشاوي للعديد من السياسيين والصحفيين والقضاة وموظفي الحكومة للحصول علي مزايا غير مشروعة في أعمالها الاقتصادية.. وقد اكتسبت هذه الاتهامات خطورة جديدة منذ أيام عندما أعلن الرئيس الكوري الجنوبي روه موو هيون عزمه علي انتداب محقق خاص للتحقيق في تلك الفضيحة، وبعد هذا الإعلان بساعات صدر قرار بمنع كبار قادة سامسونج من السفر إلي الخارج، بمن في ذلك رئيس مجلس الإدارة لي كون هي البالغ من العمر 65 عاما. وليست معروفة حتي الآن دوافع كيم الذي كان يشغل أيضا منصب رئيس الشئون القانونية في سامسونج لتفجير هذه الفضيحة قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية الوشيكة، ولكن الشيء الواضح أن العائلة المالكة لسامسونج تخوض معركة مصير من أجل بقاء وسلامة هذه الامبراطورية البالغ حجمها 300 مليار دولار، ومعروف أن أهم أجزاء هذه الامبراطورية هي سامسونج اليكترونيكس التي تنتج شاشات التليفزيون المسطحة وأجهزة التليفون المحمول والميكروشيب وغيرها والتي تعد كبري شركات مجموعة سامسونج السبع عشرة المسجلة في البورصة، وتبلغ القيمة السوقية لهذه الشركات مجتمعة 90 مليار دولار، كذلك تملك سامسونج أكبر شركة تأمين كورية إلي جانب 40 شركة أخري صغيرة. وعموما فإن كيم يدعي أن رئيس مجلس الإدارة لي كون هي أنشأ شبكة للرشاوي كانت تدفع الملايين من أجل عملياته المشبوهة، ومنها أنه نقل إلي ابنه حصة مسيطرة من ممتلكات العائلة لكي يتهرب من ضريبة الشركات وهي ضريبة لو دفعت كاملة ستنتهي سيطرة العائلة علي امبراطورية سامسونج، وهذه الفضيحة ستعري ليس فقط سوء إدارة مجموعة سامسونج وإنما ستؤدي أيضا كما يتوقع يانج هامونج عميد كلية التجارة في جامعة كوريا - وأحد النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المساهمين - إلي احتمال تقسيم المجموعة إلي قسمين أحدهما مالي والآخر صناعي. وتؤكد مجلة "نيوزويك" أن هذه الأزمة ستهز كل مجتمع الشركات الكوري الجنوبي، فمبيعات سامسونج في العام الماضي بلغت قيمتها 160 مليار دولار، أي نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي لكوريا الجنوبية، كذلك فإن 20% من صادرات كوريا الجنوبية هي من إنتاج سامسونج وعدد العاملين فيها 250 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم، وقد كانت سامسونج الشركة العملاقة الوحيدة في كوريا التي لم تتفكك تحت تأثير الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 وكان الظن أن نجاتها من هذه الأزمة راجعة لحسن إدارتها، ولكن المؤسف أن سامسونج كانت تعتقد علي ما يبدو أنها تستطيع تحريك كوريا كلها من خلال جماعات المصالح والرشاوي. وهذا الرأي تؤكده ادعاءات كيم في مؤتمراته الصحفية خلال الشهر الماضي عن وجود صندوق للمصاريف السرية ميزانيته 220 مليون دولار كان يتم الانفاق منه علي هذه الأنشطة غير المشروعة، ولكن ما ينبغي أن يقال أيضا إن الاتهامات التي أطلقها كيم قد لا تكون صحيحة خصوصا أنه ظل صامتا لمدة 3 سنوات منذ ترك منصبه في سامسونج جروب قبل أن يفجر هذه الفضيحة، ولكن الاتهامات علي اية حال تستحق التحقيق لأنها تطول شخصيات مهمة من بينها أحد مساعدي الرئيس الكوري روه الذي يقال إنه حصل علي هدية قيمتها 5500 دولار عام 2004. وعموما فقد نفت سامسونج كل هذه الاتهامات قائلة إنها ضحية عمل انتقامي من موظف سابق لديها تملؤه روح الحقد علي المجموعة وأْعمالها الناجحة. ولابد من القول بأن هذه ليست هي المرة الأولي التي تواجه فيها سامسونج مشاكل قانونية، ففي عام 2005 أدانت محكمة سول اثنين من قادة سامسونج التنفيذيين بتهمة تمكين الابن الاصغر لرئيس مجلس الادارة من شراء حصة مسيطرة في شركة سامسونج القابضة مقابل 10% فقط من قيمتها الحقيقية في السوق. ولايزال هذا الحكم ينظر أمام محكمة الاستئناف ولكن الاب رئيس مجلس الادارة قام بدفع 880 مليون دولار كتبرع للانفاق علي طلاب كوريا الجامعيين كنوع من الترضية للناقمين علي شركته.. وعموما فإنه من السابق لاوانه معرفة مدي الحقيقة في الاتهامات التي فجرها كيم خصوصا ان الرئيس الكوري لم ينتدب بعد المدعي الذي سيتولي التحقيق في القضية وهو ما يتوقع ان يتم في وقت لاحق من شهر ديسمبر الحالي، ولكن سامسونج خسرت حتي الآن نحو 5 مليارات دولار من قيمتها السوقية بسبب هذه الاتهامات حيث انخفضت اسعار اسهم ملحقات وفروع سامسونج بنسبة 3% في البورصة منذ إعلان هذه الاتهامات وحتي الآن.