سعد هجرس الكاتب الصحفي قال ان احياء ذكري طلعت حرب هذه الايام غاية في الاهمية لانها تعتبر احياء لرؤية منظمة وليس لمجرد شخص ثم بدأ حديثه عن طلعت حرب مشيرا إلي انه تخرج في كلية الحقوق عام 1905 وتنقل للعمل في العديد من الشركات إلي ان وصل للشركة العقارية المصرية وهي كانت البداية الحقيقية لبلورة فكرة عمل علي تمصيرها، كما كان طلعت حرب ينتقد الشعارات التي تنادي بالاستقلال التام او الموت الزؤام في حين ان الاقتصاد المصري كله تسيطر عليه الأجانب مشيرا إلي أن طلعت ذكر في أحد مقالاته أننا نطلب الاستقلال العام ونطلب أن تكون مصر للمصريين وهذه أمنية كل مصري ولكن ما لنا لا نعمل للوصول إليها؟ وهل يمكننا أن نصل إلي ذلك إلا إذا زاحم طبيبنا الطبيب الأوروبي ومهندسنا المهندس الأوروبي والتاجر منا التاجر الأجنبي والصانع منا الصانع الأوروبي، وماذا يكون حالنا ولا "كبريتة" يمكننا صنعها نوقد بها نارنا ولا إبرة لنخيط بها ملابسنا ولا فابريقة ننسج بها غزلنا فما لنا عن كل ذلك لا نفكر فيما يجب علينا فعله تمهيدا لاستقلالنا إن كنا له حقيقة طالبين.. وأري البنوك ومحلات التجارة ملأي بالأجانب وشبابنا إن لم يستخدموا في الحكومة لا يبرحون القهاوي والمحال العامة. وأري المصري هنا أبعد ما يكون عن تأسيس شركات زراعية وصناعية وغيرها وأري المصري يقترض المال بالربا ولا يرغب في تأسيس بنك يفك مضايقته ومضايقة أخيه وقت الحاجة.. فالمال هو "اساس كل الأعمال في هذا العصر وتوأم كل ملك". أي أنه كان يؤمن بفكرة الاستقلال المالي والاقتصادي بجانب الاستقلال السياسي وهذه الفكرة أصبحت غائبة الآن عن كثير من المصريين. وأضاف هجرس أن طلعت حرب كان يتمتع برؤية اقتصادية متكاملة حيث كان هناك توازن بين الثورة السياسية والشعبية والتي تزعمها سعد زغلول عام 1919 والثورة الاقتصادية والتي تزعمها طلعت حرب بل يعتبر طلعت حرب أسبق من سعد زغلول في إرساء أفكاره حيث أعلن عن فكرته في إنشاء بنك للمصريين منذ عام 1911 إلا أن الحرب العالمية الأولي عطلت إكمال هذا المشروع، وظل طلعت حرب مصرا علي استكماله حتي تقرر إنشاء بنك مصر عام 1920 برأسمال 180 الف جنيه علي أن يكون سعر السهم 4 جنيهات، وظل يعمل 5 سنوات لمدة 15 ساعة يوميا دون أن يتقاضي أجرا، كما كان طلعت حرب يعمل وفقا لرؤية متكاملة ولم يكن مبدؤه هو التجربة والخطأ ولكن كان لديه مشروع شامل للنهضة الاقتصادية يعمل وفقا لخطة محكمة وهذا يتضح من خلال خريطة بناء وتأسيس الشركات والتي تشبه بناء الأهرام في عبقريتها وتنظيمها بحيث يتعجل المتأمل في هذا المشروع كيف يكون لطلعت حرب مثل هذه الرؤية العلمية والدقيقة وبعيدة المدي، واهتم طلعت حرب في مشروعه بالعمل الجماعي حيث قام بتحويل الشركات من الفردية إلي الشركات المساهمة وكل هذا يتم وفقا لتخطيط دقيق وليس بعشوائية كما يحدث هذه الأيام. وذكر سعد هجرس ان اجهاض مشروع طلعت حرب ليس بالشييء الغريب فالطبيعي في مصر ان تحدث ثورة تم تجهض وهذا يتضح مثلا في حرب 1967 والتي هددت المشروع الناصري. وأوضح هجرس ان محاولات الاجهاض عادة ما تتم بالتحالف بين حرف أجنبي وظهير محلي فهذه ظاهرة متكررة، مشيرا إلي أن الرأسمالية في مصر تنقسم إلي الرأسمالية الوطنية والرأسمالية الطفيلية (غير المنتجة) وهي دائما تتحالف مع عنصر خارجي وتضرب مشروع النهضة بقسوة شديدة وبأثمان باهظة وقال ان هذه قضية تحتاج لتأمل وهو لماذا لا يحدث تغيير في مصر؟ ففي الماضي الصحافة كانت تنقسم لاتجاهين أحدهما يعبر عن الأجانب متمثلا في المقطم والآخر يعبر عن الحركة الوطنية متمثلا في جريدة التنكيت والتبكيت لعبد الله النديم وفي الاقتصاد وايضا يوجد اتجاهان احدهما اصلاحي يمثله طلعت حرب والاخر يمثله الريان والفرانشايز والذي لايهمه تعميق الصناعة ولاخلق تكنولوجيا جديدة لذلك فنحن في حاجة لنظرية للتغيير تتعرف علي جذور الشخصية المصرية وتحاول تغييرها. وذكر هجرس ان قيمة الصادرات المصرية في الستينيات تساوي صادرات كوريا وتايوان اما الآن فهم يصدرون في 3 أيام ما نصدره في سنة كاملة وهذا يعني اننا في وضع صعب جدا وهذا مايجعل هناك اهمية للاحتفال بميلاد الرائد العظيم طلعت حرب ليس لمجرد التذكرة ولكن للتركيز علي ضرورة وجود مشروع جديد لنهضة مصر. واستطرد هجرس قائلا ان ظروف العصر الذي عاش فيه طلعت حرب تختلف عن نظيرتها في الوقت الحالي ولكن هناك ضرورة لاستلهام الدروس من تجربة طلعت حرب بهدف بناء مشروع جديد لنهضة مصر. فنحن لانعرف إلي اين تتجه مصر هل هي دولة دينية ام مدنية؟ هل هي عربية ام شرق اوسطية؟ وهناك عشوائية شديدة ومثال ذلك المشروع الذي يضع رؤية مستقبلية للعاصمة قام الرئيس بالغائه بعد نشرة مباشرة، والمتأمل في مستقبل مصر يلاحظ ان البترول سينضب خلال سنوات ومن بعده الغاز الطبيعي فضلا عن انخفاض الرقعة الزراعية ثم اختفائها بجانب التغيرات المناخية التي يمكن ان تقضي علي الدلتا، بالمقارنة بدول الخليج والذي حقق 4 تريليونات دولار بسبب ارتفاع سعر البترول هنا نحن بحاجة لطلعت حرب جديد ومصر فيها عقول ذات كفاءة بجانب ابحاث ودراسات مهمة فلابد من التفكير في ايجاد مشروع جديد لنهضة مصر.