يستند إلي الحقائق الثابتة المبرهن عليها بالوثائق والمستندات الدامغة، وهناك أمثلة للمفاوضات العربية الناجحة مع إسرائيل في مقدمتها المفاوضات حول طابا.. كما أن الرجال الذين أداروا هذه المفاوضات الناجحة لا يزالون أحياء وينبغي أن يستفيد المفاوض الفلسطيني بخبراتهم الثمينة في التفاوض مع الإسرائيليين. من منكم يذكرني.. أنا طابا؟! طابا لأول مرة قبل أن تطفو علي سطح الأحداث كقضية قومية كاسحة.. اخترق سهمها شغاف قلبي، ضحي الاثنين 15 فبراير 1982 وسيناء مازالت أسيرة في قبضة المحتل الإسرائيلي.. هبطت بنا طائرة النقل الهركيولز العسكرية في مطار الجورة، وكان مازال يحمل اسمه الإسرائيلي "قاعدة إيتام الجوية".. انتحيت جانبا بعضو اللجنة العسكرية المشتركة، الكولونيل الإسرائيلي بورات.. سألته: كم علامة من علامات الحدود تم غرسها حتي الان؟.. أجابني باقتضاب: "علامة واحدة.. عند العوجة"! احسست بحجم الخلاف القادم في عملية إعادة تعليم الحدود.. لاحقته بسؤال: وكم عدد العلامات المختلف عليها؟! صعقتني إجابته: "14" علامة.. لعل أهمها العلامة رقم 91 عند طابا! وكانت هذه هي المرة الأولي التي يعلن فيها صحفيا اسم طابا كموقع للخلاف علي علامات الحدود مع إسرائيل! منتصف أكتوبر ،1982 في إحدي زياراتي الصحفية التي لم تنقطع لطابا، كشفت عن عملية تهويد محكمة وشاملة للمنطقة المصرية.. أخضع الإسرائيليون الأمن في المنطقة لشركة إسرائيلية وهمية تحمل اسم "شركة الحراسة المدنية".. كل العاملين فيها من رجال وبنات شرطة إيلات المتاخمة لطابا! أو عزوا إلي رافي نيلسون، صاحب القرية السياحية التي يحتضنها مبني فندق طابا، أن يقيم في قريته 5 ماكينات "سلوت ماشين" للعب القمار.. والقمار محرم دينا وقانونا في إسرائيل.. وتحت الساتر الجنائي، داهمت شرطة إيلات قرية نيلسون في عملية صورية، وصادرت ماكينات القمار! وعندما سألت رافي نيلسون: هذه الطبخة الأمنية.. لماذا؟! أجابني بمنتهي الخبث: "أردت فقط أن أتأكد لأي القانونين تخضع قريتي: القانون المصري.. أو القانون الإسرائيلي؟ لكن باروخ هاشيم والترجمة: حمدا لله! تأكدت من أن قرية نيلسون تخضع للقانون الإسرائيلي"!! فجرت كل ذلك وغيره في تقرير صحفي بعنوان: "انتهاكات إسرائيلية مزورة.. لأرض طابا المصرية"! اشتعلت القضية.. وتناقلت معظم الصحف العربية والبريطانية والأمريكية والإسرائيلية مضمون الانتهاكات الإسرائيلية لطابا المصرية.. وأصبح لاسم طابا رنين يعادل رنين القاهرة عاصمة مصر.. وتحت عنوان: "مصر تنشط مشكلة طابا" نشرت الجيروسالم بوست في 24 أكتوبر 1982 تقريرا مطولا قالت فيه: "إن العلاقات المصرية الإسرائيلية المجمدة تقريبا سوف تتعرض لمزيد من التوتر بسبب مشكلة طابا"! وظللت أتابع قضية طابا 6 سنوات و3 شهور ويومين.. قال لي كمال حسن علي رئيس الوزراء الراحل: "دعني أشكر حملتك عن طابا.. فقد أعطتني من المعلومات أكثر مما وصلني عنها من أجهزة الحكم"! وكانت طابا القضية القومية الأولي التي تطارد أسماع الرئيس مبارك في كل اجتماع شعبي.. ويجيء رده الحاضر: "طابا عندي مثل الاسكندرية.. ولا أحد يستطيع أن يفاضل بين أبنائه في الأهمية".! *** الفلسطينيون مقبلون علي عراك تفاوضي طاحن مع جهابذة التفاوض من رجال وسيدات الخارجية الاسرائيلية حول قضايا الوضع الدائم.. وكل قضية منها قنبلة موقوتة! وقضايا كثيرة منها تحتاج لغطاء مستندي موثق ومنتج في دعواه. والخارجية المصرية ووزيرها النشط أحمد أبو الغيط وخبراء الدبلوماسية الذين حققوا نصر عودة طابا وأخص منهم السفراء والقضاة الدوليين: د.نبيل العربي، حسن عيسي، جورج أبي صعباً الشافعي عبدالحميد وغيرهم.. وعلي رأسهم جميعا د.عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية الاسبق.. الكل مدعو لتشكيل لجنة دعم للمفاوض الفلسطيني في صراعه التفاوضي المقبل مع الذي أرادوا أن يفاوضوا الله!! ويطالبون الآن بتحويل إسرائيل إلي جيتو يهوديا مغلق الأبواب، حتي في وجوه الفلسطينيين أصحاب الأرض.. رغم أن وعد بلفور سنة 1917 الذي أسس الدولة العبرية اشترط في صلبه شرطا واقفا نصه: "مع احترام جميع حقوق الفلسطينيين من غير اليهود".. وأبرز حقوقهم: حق المواطن والمواطنة! شكلت إسرائيل لجانها ال6 لمفاوضات الوضع الدائم حول: القدس، عودة اللاجئين، الحدود ،المستوطنات، المياه والأمن.. لكل قضية لجنة محترفة ومختصة ويبدأ التفاوض رسميا مع الفلسطينيين الاربعاء القادم 12 ديسمبر.