تسببت نصيحة موظف بأحد البنوك الأمريكية لعميل بشراء بعض الأسهم في خسائر فادحة لهذا العميل وهو ما دفعه لمقاضاة الموظف المختص ومطالبة البنك بتعويض مادي كبير. ورغم أن تطورات قضية العميل الأمريكي وما ستؤول إليه مطالبه لا تهمنا كثيرا إلا أن ذلك لم يمنعنا من محاولة التعرف علي مدي قانونية ذلك في البنوك المصرية؟ وهل يحق للعميل مقاضاة بنك وموظف قدم له نصيحة أم لا؟ من جانبهم أجمع القانونيون بالبنوك أن ذلك الأمر لم يرد به نص بالقانون، ولكنهم أكدوا أن المحكمة لا تعتد إلا بالدلائل الموثقة والمكتوبة وليس بالنصائح والتوصيات الشفهية كما هو الحال عند تقديم النصائح والارشادات للمستثمرين. وأشاروا إلي أن العقد شريعة المتعاقدين ومن ثم إذا كان هناك عقد مكتوب بين البنك وعميله ينص علي تحمل الخسارة أو المكسب معا عندها فقط يحق للعميل المطالبة بما يشاء. نصائح شفهية زينب أبو الفرج المدير العام وعضو لجنة السياسات والمشرف علي القطاع القانوني بالبنك الأهلي تؤكد أنه لا يوجد نص بقانون البنوك يلزم البنك أو الموظف بدفع غرامة أو تحمل خسائر العميل نتيجة لتقديم نصائح وتفسيرات وتحليلات مستقبلية دفعت العميل للاستثمار في قطاع ما أو شراء أسهم معينة تسببت في خسارته. وتشير أبو الفرج إلي أن نصائح البنك لعملائه تكون شفهية وغير موثقة بمستندات ومن ثم لا يمكن مقاضاة البنك أو موظفه بدون سند قانوني، كما أن تلك النصائح غالبا ما تعتمد علي عنصر الوقت والآنية وتكون قائمة علي تكهنات وتوقعات مستقبلية ولا يحاسب عليها من يخطئها من موظفي البنوك. وتمضي أبو الفرج قائلة: إن دور موظف البنك ينتهي عند تقديم النصائح والتوصيات بشراء سهم أو بيعه وفقا للمعلومات المتاحة لديه عن هذا السهم كمركزه المالي ونتائجه ومدي الاقبال عليه من عدمه، ولا يلزم الموظف العميل بشيء ويكون العميل وحده هو صاحب القرار في طلب الشراء أو البيع وتحديد السعر المناسب له ويعرض سهمه وفقا لرؤيته الخاصة. وتلفت أبو الفرج النظر إلي أنه في حالة تحقيق العميل لأرباح من جراء نصائح البنك لا يعود ذلك بالنفع علي البنك في شيء ومن ثم لا يمكن تحميله تعويض الخسائر أو حتي جزء منها. ويتفق د. محيي الدين علم الدين المستشار القانوني لأحد البنوك الخاصة وعضو اللجنة القانونية باتحاد البنوك مع الرأي السابق حيث يؤكد أن موظف البنك عند تقديمه لنصائح وارشادات للعملاء بشأن شراء أو بيع أسهم أو الاستثمار في قطاع معين لا يكون ذلك من صميم عمل الموظف وإنما تكون خدمة إضافية يقدمها البنك لعملائه ومن ثم لا يمكن سواء بالقانون أو بالأعراف المصرفية المتبعة أن يتم إلزام من يقدم نصائح بتحمل الخسائر. ويشير علم الدين إلي أن البنوك تقوم بتأسيس صناديق استثمار تتولي إنشاء محافظ استثمارية لعملائها وتقوم بعملية الشراء والبيع من خلال لجنة من الخبراء المختصين وفي تلك الحالة يتحمل البنك والعميل المكسب والخسارة معاً. ويستطرد علم الدين قائلاً: إنه في حالة طلب العميل لارشادات ونصائح من البنك لا تقدم كتابيا وإنما تكون شفهية لا يمكن إثباتها علي موظف البنك ومن ثم لا يمكن مقاضاته ومطالبته بتعويض مادي عند الخسارة، كما انها تعد خدمة استشارية إضافية غير مفروضة علي البنوك وموظفيها. القانون مع الموظف القانون يحمي موظف البنك ولا يعطي العميل الحق في مقاضاته. هذا ما أكده خالد مرعي مسئول الشئون القانونية بأحد البنوك الخاصة، مشيرا إلي أن تقديم توصيات وارشادات استثمارية من البنوك لعملائها تعد من الخدمات التطوعية والإضافية التي تسعي بها البنوك لجذب عملاء جدد وتوفير جميع ما يحتاج إليه العملاء القائمون، وبالتالي في حالة عدم تقديمها لا يحق للعميل مطالبة البنك بذلك قانونيا كما لا يجوز أيضا مقاضاة الموظف ومطالبة البنك بتعويض في حالة ما تتسبب تلك التوصيات في خسائر يتكبدها العميل. ويؤكد مرعي علي أن القانون لا يعتد إلا بالعقود والمستندات ومن ثم فالنصائح والتوصيات الشفهية لا يمكن للعميل إثبات حقه بها ومن بعدها المطالبة بتعويض مادي أو حتي معنوي علي حد قوله. ويمضي مرعي قائلاً: إن هناك جهات وإدارات معينة بالبنوك تتولي إدارة استثمار محافظ عملائها وفقا لعقود مكتوبة وموثقة كما تتولي تلك الجهات جمع المعلومات والبيانات وإعداد التحليلات والخروج بالتوقعات والتكهنات التي علي ضوئها يتم الشراء والبيع وفي تلك الحالة وحدها قد يتحمل البنك مع عميله جزءا من الخسارة وفقا لبنود العقد المكتوب. خدمة تطوعية من جانبه يري عادل الشروني مدير مساعد القطاع القانوني ببنك المصرف المتحد أنه لا يحق للعميل مقاضاة موظف قدم له نصائح وتوصيات بشراء أسهم معينة أو الدخول في محفظة استثمارية نتج عنها خسائر لهذا العميل، وأرجع ذلك لعدة أسباب أهمها أن القانون لم يتضمن في بنوده نصا صريحا بذلك، كما انها أي تقديم التوصيات تعد خدمة تطوعية تقدمها البنوك لعملائها بدون مقابل في ظل المنافسة المحمومة في تقديم الخدمات المصرفية، متسائلاً: هل يعقل في حالة المكسب أن ينسب العميل الفضل لذكائه وفي حالة الخسارة يطالب البنك بتعويض؟! مع التأكيد علي أن البنك لا يعود عليه شيء في حالة جني الموظف لأرباح. وتفسيرا لموقف العميل الأمريكي الذي قرر مقاضاة أحد البنوك من جراء تكبده خسائر بسبب نصيحة موظف البنك قال الشروني: ربما يكون قانون البنوك الأمريكي يختلف عن نظيره المصري، كما أن تعاقد العميل مع البنك يكون هو الفيصل في ذلك، مؤكدا أن البنوك المصرية لا تستقطع عمولات أو تطلب أجرا نظير تقديم المشورة أو التوصية لعملائها وبالتالي لا يمكن مطالبتها بتعويض في حالة الخسارة، أما بعض البنوك الأجنبية ومنها الأمريكية فتنص تعاقداتها مع العملاء علي تحمل المكسب والخسارة معا ومن ثم فعند الهروب من تحمل الخسارة يحق للعميل مقاضاتها بموجب الاتفاق المكتوب الموقع بينهم.