أدي انتشار ظاهرة استقدام عمالة أجنبية وخاصة من الهند وبنجلاديش وباكستان للعمل في القطاع المصرفي إلي اثارة العديد من التساؤلات حول أسباب ذلك وهل هي نتيجة لرخص هذه العمالة أم لمهارتها؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تقليدا لتجربة البنوك الخليجية في الاستعانة بالعمالة من الهند وباكستان؟ من جانبهم أكد المصرفيون أن أسعار العمالة المصرية لايزال مغريا رغم ارتفاعها مؤخرا نتيجة ندرة الخبرات وأشاروا إلي أن البنوك الأجنبية قدمت إلي مصر وقامت بضخ استثمارات بمليارات الجنيهات وهو ما يجعل من حقها الاستعانة بالخبرات اللازمة لتحقيق أعلي عائد علي رؤوس أموالها أو التي تري أنها قادرة علي نقل تجارب ناجحة في دول ظروفها الاقتصادية مشابهة للحالة المصرية. وأوضحوا أن القانون المصري قام بتحجيم هذه الظاهرة حيث اشترط ألا تزيد نسبتهم علي 10% وألا ينتج عن استقدامهم مزاحمة للعمالة المصرية. يوضح حسن الشافعي المدير العام بالبنك الأهلي المتحد مصر أن القانون المصري يسمح بوجود موظف أجنبي لكل عشرة موظفين مادام هناك حاجة لذلك مشيرا إلي أنه عندما يقوم البنك باستقدام موظف من الخارج سواء هندياً أو أمريكانياً يشترط أن تكون لديه خبرة غير موجودة في السوق المصري خاصة أن البنوك التي تستقدم عمالة من الخارج هي بنوك أجنبية لديها فروع عديدة في الخارج ويكون للبنك تجربة ناجحة في دولة أخري مشابهة في ظروفها مع الحالة المصرية فيقومون باستقدام من يستطيع أن ينقل تلك التجربة للسوق المصري وايجاد صف ثان. ويشير الشافعي إلي أنه كان يعمل في سيتي بنك وتعلم الكثير من الأجانب وهم الذين أكسبوه الخبرة الواسعة والتي مكنته فيما بعد من قيادة الفريق المصري بالبنك بل قام بالسفر للخارج لينقل التجربة في دول أخري. وأوضح الشافعي أن لجوء البنوك الأجنبية إلي استقدام عمالة من الخارج يكون نتيجة رغبة في الانتهاء من إعادة هيكلة البنك الذي اشترته بسرعة وتحقيق عائد سريع علي رأس المال ولذلك فإنهم يستقدمون الخبرات من تجاربهم الناجحة والتي قدموها في دول ظروفها الاقتصادية تتشابه مع الحالة المصرية تكون مهمتها اعداد الصف الثاني الذي سرعان ما يصبح هو الصف الأول في البنك مستشهدا بتجربة خالد الجبالي الذي كان من الصف الثاني في سيتي بنك وأصبح من الصف الأول في باركليز بنك. ويؤكد الشافعي أنه رغم المزايا العديدة التي تنتج عن استقدام خبرات أجنبية إلا أنه لا يتم اللجوء إليهم كثيرا إلا للضرورة وذلك لأن تكلفة استقدامهم مرتفعة جدا حيث يراعي إلي جانب الراتب المناسب صرف بدلات للسكن والاقامة والانتقال ومصاريف المدارس للأبناء وتذاكر السفر وغيرها من الأمور ولذلك فالبنوك حاليا تقلل من الاستعانة بالأجانب وتستعيض بتدريب كوادر مصرية سرعان ما تقوم بتولي العمل في الصف الأول وأضاف أنه بالنسبة لتجربة الأهلي المتحد فإنه من البنوك التي فضلت استقدام الخبرات المصرية ولم يستعن البنك بأجانب. ومن جانبه يؤكد سامي حسن مساعد المدير العام ورئيس قطاع التفتيش بالبنك الأهلي سوسيتيه جنرال أن مسألة الاستعانة بأجانب للعمل في القطاع المصرفي مسألة معقدة وصعبة جدا لأنه يلزمه الحصول علي ترخيص للعمل من وزارة القوي العاملة هذا بالاضافة إلي أنه لا يجوز للأجنبي أن يعمل بمهنة تتوافر فيها عمالة مصرية. وأوضح سامي أن العمالة متوافرة في السوق المصري بشكل كبير وإن كان بعضها يحتاج إلي تدريب لصقل المهارات ومازالت أسعارها مغرية. وبسؤاله عن أن بعض البنوك قد تلجأ إلي العمالة الأجنبية وخاصة الهند وبنجلاديش لرخصها وجودتها أو رغبة منها في تكرار تجربة البنوك الخليجية في الاستعانة بالهنود والبنجلاديشن أوضح سامي أن التجربة يصعب تعميمها خاصة أن الحالة المصرية مختلفة تماما حيث تتوافر العمالة بالاضافة إلي أن أسعارها مغرية جدا ولا تدعو أبدا إلي البحث عن عمالة أجنبية أرخص كما أن عامل اللغة من العوامل المهمة جدا في السوق المصري فأغلب جمهور المتعاملين لا يتحدثون إلا العربية وشريحة كبيرة منهم لا تجيد اللغة الانجليزية وبالتالي فإن الاستعانة بأجانب قد يعني عدم وجود وسيلة للتواصل بين الموظف الأجنبي في البنك وبين العميل وهو ما قد ينتج عنه اضرار بمصالح البنوك عكس ما هو متوقع.