في قرار تاريخي.. أعلن الرئيس حسني مبارك أمس بدء برنامج لبناء عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر. قال مبارك انه اتخذ هذا القرار الاستراتيجي متحملا مسئوليته كرئيس للجمهورية.. وأضاف ان الاستخدامات السلمية للطاقة النووية صارت بمقتضي هذا القرار جزءا من استراتيجية مصر القومية للطاقة. قال الرئيس مبارك في كلمته أمس في افتتاح محطة كهرباء شمال القاهرة انه سيصدر خلال أيام قرارا جمهوريا بإنشاء مجلس أعلي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وأضاف ان مصر ستمضي في هذا الطريق اقتناعا بأن أمن الطاقة عنصر رئيسي في بناء مستقبل الوطن وجزء لا يتجزأ من منظومة أمن مصر القومي. وقال الرئيس مبارك إننا سنبدأ الخطوات التنفيذية لإقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء وسنسعي بخبرات مصر وقدراتها للتعاون مع مختلف شركائنا الدوليين ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار من الشفافية واحترام التزاماتنا وفق نظام منع الانتشار. وأضاف ان هذا القرار الاستراتيجي يلقي علينا تبعات ومسئوليات عديدة ويقتضي منا قرارات مهمة وإجراءات تشريعية وهيكلية تتصل بقطاع الطاقة بوجه عام والآليات والأجهزة المختصة بالطاقة النووية بوجه خاص. وأشار الرئيس مبارك إلي أنه سوف يصدر في غضون أيام قليلة قرارا جمهوريا بإعادة تشكيل المجلس الأعلي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية تفعيلا لدوره في وضع السياسات واقرار المشروعات المتعلقة ببرنامج الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتدعيما لصلاحياته في متابعة انشاء المحطات النووية وضمان سلامتها وكفاءة تشغيلها. وطالب الحكومة بسرعة التقدم بمشروع قانون ينظم العلاقة بين الجهات العاملة في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية أو المرتبطة به ويحدد بوضوح مسئوليات هذه الجهات وصلاحياتها. كما طالب الحكومة بإعادة هيكلة الأجهزة والهيئات ذات الصلة وتنمية وتطوير كوادرها البشرية واتخاذ الاجراءات التشريعية والتنفيذية الكفيلة باضطلاعها بواجباتها ومهامها وفق أعلي مستويات الكفاءة ومعايير الأمان والسلامة المعمول بها دوليا كما طالب الحكومة بدعم جهاز الرقابة النووية وتحقيق استقلاليته. وأعرب عن ثقته في اننا شعبا وحكومة سوف ننهض بتبعات هذا القرار ومسئولياته وقال اننا سنمضي في توفير احتياجات التنمية من الطاقة ننوع مصادرها ونطور خطوطها وشبكاتها ونحفظ حق الأبناء والاحفاد في ثروتنا من البترول والغاز. كان الرئيس مبارك قد استعرض في بداية كلمته ملامح أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليا.. حيث تشهد أسعار البترول زيادات متتالية في السنوات الأخيرة تجاوزت مستوياتها الأزمة العالمية للطاقة في السبعينيات كما شهدت أسعار الغاز ارتفاعات موازية. وأشار الي انه يواكب هذا الارتفاع في الأسعار.. اضطراب في السوق العالمي للطاقة يدفعه التضارب في توقعات الانتاج والاحتياطي والاستهلاك وما تشهده منطقة الشرق الأوسط بثرواتها من البترول والغاز من أزمات راهنة وأخري تلوح في الأفق. واستعرض الرئيس مبارك خريطة الطاقة في مصر من حيث الانتاج والاستهلاك من البترول والغاز مؤكدا اننا نواجه تحديا كبيرا في الوفاء باحتياجات الاستهلاك المتزايد وما يفرضه ذلك من زيادات مطردة في مخصصات دعم المواد البترولية. وقال اننا نتعامل مع بيئة دولية جديدة في اسواق الطاقة تطرح أمامنا تحديات الطلب المتزايد علي مصادرها في الداخل والخارج وتحتم التمعن في معالم هذه الخريطة وإعادة النظر في المعادلة القومية الراهنة للطاقة والتنمية لانه يظل هدفنا هو تأمين مصادر مستديمة للطاقة تفي بالاحتياجات المتزايدة للنمو الاقتصادي والتنمية في الحاضر والمستقبل. وأعاد الرئيس مبارك الي الاذهان تأكيده في شهر سبتمبر من العام الماضي ان الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ليست حكرا علي أحد وأن مصر لا تبدأ من فراغ حيث كان لها برنامجها النووي منذ خمسينيات القرن الماضي وتمتلك من الكوادر ما يؤهلها لاحياء هذا البرنامج. وقال انه طلب من الحكومة دراسة هذا الخيار بمختلف جوانبه باعتباره قضية استراتيجية ترتبط بمستقبل الوطن وأبنائه. واشار الي انه تابع علي مدار العام الدراسات التي أعدتها الحكومة في هذا الإطار كما تابع مناقشات المجلس الأعلي للطاقة حول هذا الشأن الوطني المهم والاتصالات العديدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال الرئيس مبارك انه في ضوء هذه الدراسات والمناقشات يعلن قرار مصر بدء برنامج لبناء عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء واكد اننا سنمضي في ذلك اقتناعا بان أمن الطاقة عنصر رئيسي في بناء مستقبل الوطن وجزء لا يتجزأ من منظومة أمن مصر القومي. واكد انه علي ثقة في أننا سننهض بتبعات هذا القرار ومسئولياته.