علي مدي ربع قرن كامل كانت خريطة العمل المصرفي الإسلامي في مصر شبه جامدة لا تتحرك لأسباب عدة علي رأسها رغبة بعض المسئولين بالدولة في تحجيم هذا النوع من الخدمات، والصعوبات التي واجهت المؤسسات العاملة في هذا المجال. ومنذ بداية فترة الثمانينيات من القرن الماضي وحتي منتصف عام 2006 كانت الصورة نمطية وتبدو كالآتي: 1- 3 بنوك اسلامية هي فيصل الإسلامي المصري وبنك التمويل المصري السعودي والمصرف الاسلامي الدولي للاستثمار والتنمية. 2- بنوك تقليدية لديها فروع اسلامية مثل مصر والتجارة والتنمية (التجاريون) والمهندس والمصري الخليجي وقناة السويس والتنمية والائتمان الزراعي والوطني المصري والوطني للتنمية والنيل والمصري المتحد الا انه منذ منتصف العام الماضي بدأت الصورة تتغير بعض الشيء حيث اختفي ثالث بنك اسلامي في مصر وهو المصرف الاسلامي الدولي للاستثمار والتنمية عبر دمجه في المصرف المتحد الذي استحوذ ايضا علي بنكين آخرين كانا يعملان في مجال تقديم الخدمات المصرفية الاسلامية وهما البنك المصري المتحد. ولم يقف تطور العام الماضي علي ميلاد المصرف المتحد لكن واكبه تطور آخر تمثل في استحواذ البنك الأهلي المصري علي بنك التجارة والتنمية (التجاريون) الذي كان يمتلك فروعا اسلامية، وأدت هذه الخطوة إلي اقتحام أكبر بنك في مصر مجال الخدمات المصرفية الاسلامية ربما دون أن يرغب في ذلك. لاعبون جدد ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة للعمل المصرفي الاسلامي اذ ان كل التوقعات تشير إلي أن خريطة البنوك الاسلامية في مصر ستشهد تطورات ملحوظة خلال الفترة القادمة خاصة مع دخول لاعبين جدد مجال المنافسة في هذا المجال وعدم قصرها علي اللاعبين التقليديين واذا تطرقنا إلي اللاعبين الجدد يمكن رصدهم في عدة بنوك هي: * الوطني للتنمية * المصرف المتحد * الوطني المصري علي مستوي البنك الأول فعلي الرغم من ان الوطني للتنمية يقدم الخدمات المصرفية الاسلامية منذ سنوات طويلة عبر فروعه المنتشرة في محافظات الجمهورية الا ان هذا الدور كان محدودا بسبب ظروف البنك وامكانياته المالية لكن الامر قد يتغير خلال العامين الماضيين عقب استحواذ مصرف ابوظبي الاسلامي علي البنك وزيادة رأسماله إلي 3 مليارات جنيه ويراهن البنك الاماراتي علي تحويل الوطني للتنمية إلي البنك الاسلامي رقم واحد في مصر عبر تقوية رأسماله واعادة هيكلته ونقل الخدمات التي يقدمها البنك في منطقة الخليج إلي السوق المصري. أما بالنسبة للبنك الثاني وهو المصرف المتحد فان كثيرين يتوقعون احتلال البنك الرقم الأول في آلسوق المصري ويستند هؤلاء في توقعاتهم الي عدة اعتبارات علي رأسها: * الدعم القوي الذي يحظي به المصرف المتحد من قبل البنك المركزي المصري الذي يسانده بشكل قوي باعتباره مملوكا له حيث يستحوذ المركزي علي آكثر من 99% من اسهم البنك البالغ رأسماله المدفوع مليار جنيه. كما منح المركزي قرضا مساندا للمصرف قيمته 3 مليارات جنيه ولمدة 10 سنوات وبدون فوائد. * حماس ادارة المصرف المتحد الشديد للعمل المصرفي الاسلامي خاصة مع زيادة الطلب عليه من قبل المتعاملين مع البنوك وتراهن هذه الادارة علي تحويل المصرف الي بنك اسلامي خلال عامين من الآن. حدوث تقدم ملحوظ في اعادة هيكلة المصرف المتحد وحل مشاكل محفظة الائتمان الموروثة عن البنوك الثلاثة التي استحوذ عليها وهي النيل والمصري المتحد والمصرف الاسلامي. * ابتكار المصرف المتحد لمنتجات مصرفية جديدة تلقي اقبالا من السوق وفيما يتعلق بالبنك الوطني المصري فإن الرهان علي اقتحامه مركزا متقدما في قائمة البنوك الاسلامية الكبري في مصر يتوقف إلي حد كبير علي المشتري الجديد للبنك، فاذا كان هذا المشتري بنكا اسلاميا مرموقا فان الوطني المصري سيحتل هذا المركز اما اذا كان المشتري بنكا تجاريا مثل الكويت الوطني ويورو بنك اليوناني او العربي الأردني فان البنك سيسير بمعدل نموه الطبيعي في الخدمات المصرفية الاسلامية وتخطط ادارة الوطني المصري إلي تحويل نحو 30% من الخدمات المصرفية إلي اسلامية خلال فترة لا تتجاوز 3 سنوات. واللاعبون التقليديون وإلي جانب اللاعبين الجدد الذين قد يعيدون تشغيل خريطة البنوك الإسلامية في مصر، فان هناك بنوكا أخري لا يمكن تجاهلها، خاصة وامنها موجودة في السوق ولديها عدد ضخم من العملاء. وفي مقدمة هذه البنوك: فيصل الإسلامي المصري الذي يصنف علي انه اول بنك اسلامي في مصر ويعد البنك المهيمن علي الخدمات المصرفية الاسلامية ولديه علاقات قوية مع العملاء وتجمع الأعمال في مصر والي جانب تاريخ البنك الطويل فان فيصل تدعمه مجموعة مالية قوية منتشرة في العديد من دول العالم هي مجموعة فيصل العالمية ويتوقع البعض استمرار هيمنة بنك فيصل علي سوق الخدمات المصرفية الاسلامية وذلك لحين انتهاء المصرف المتحد والوطني للتنمية من اعادة هيكلة مراكزهما المالية وقد يواصل البنك احتلاله المرتبة الأولي بين البنوك الاسلامية العالمية في السوق. ويأتي بنك التمويل المصري السعودي في الفترة الاخيرة خاصة مع نجاحه في جذب عدد من الكوادر البشرية المتميزة وتوسعه في مجال الاستثمار المباشر والقروض المشتركة والخدمات المصرفية المتنوعة وطرحه لادوات استثمارية تشهد اقبالا من قبل المتعاملين. مفاجأة الأهلي أما أبرز مفاجأة قد يشهدها سوق الخدمات المصرفية الاسلامية في مصر فتتمثل في اقتحام البنك الأهلي المصري هذا المجال بقوة، ففي رأي كثيرين فانه في حالة دخول البنك العام هذا المجال فانه قد يحدث قفزة خاصة مع الامكانيات الضخمة المتوافرة لديه وشبكة الفروع الواسعة الانتشار لكن هذه الخطوة تتوقف علي رؤية المسئولين بالدولة للعمل المصرفي الاسلامي ومدي الاستعداد لمنافسة الكيانات الضخمة القادمة من الخارج والعاملة في هذا المجال وعدم تخوف هؤلاء المسئولين من هذه الخدمات لما جرت العادة في عهود سابقة. ويمارس الأهلي العمل المصرفي الاسلامي حاليا علي نطاق محدود من خلال فرعين ورثهما عن بنك "التجاريون". دور الفروع وإلي جانب اللاعبين الجدد والتقليديين العاملين في مجال الخدمات المصرفية الاسلامية فان هناك لاعبين آخرين يعملون في هذا المجال عبر الفروع ويأتي في مقدمة هؤلاء بنك مصر الذي يمتلك سلسلة واسعة الانتشار من الفروع الاسلامية التي يقدم، من خلالها خدمات مصرفية متنوعة كما يمتلك البنك صندوق استثمار اسلاميا يلبي احتياجات عملائه وهناك بنوك اخري لديها فروع اسلامية منها: * قناة السويس * المصري الخليجي * التنمية والائتمان الزراعي.