شهدت أسعار الورق في السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا حيث تجاوز سعر الطن 700 دولار ولأن انتاج مصر من الورق لا يكفي 40% من احتياجاتها فيتم استيراد الورق المستخدم في طباعة الصحف بالكامل و95% من الورق المستخدم في التعبئة والتغليف، وبعض هذه المنتجات الوافدة من دول شرق آسيا اسعارها منخفضة ولكن ذات نوعيات رديئة. وتتجه دول العالم إلي إعادة تدوير المخلفات الورقية لتغطية احتياجاتها من الورق حيث يقوم الامريكيون بتدوير 60% من نسخ الجرائد التي يبلغ عددها 62 مليوناً يوميا وقد طور باحثون في جامعة فلوريدا اسلوبا جديدا لإزالة الحبر عن الورق لانتاج انواع أكثر جودة بطرق أقل تكلفة مثل الجرائد والمجلات ذات الأوراق اللامعة والناتج بنفس جودة الورق الأصلي وكثيرا ما يدون علي غلاف المجلات منتج من إعادة التدوير كنوع من الفخر والاعتزاز بانتاجه. ومازلنا في مصر نستورد اكثر مما ننتج بالرغم من تراكم المخلفات الورقية في القمامة وتوافر الأموال لدي الأفراد والبنوك والتي لا تجد مجالات متاحة للاستثمار سوي شراء الأراضي والعقارات بدلا من إنشاء مصانع حديثة لتدوير الورق تستخدم فيها تكنولوجيا متطورة لتحقيق اكتفاء ذاتي والاستغناء عن الاستيراد من الخارج. مخلفات وتجار ماهر حسين تاجر مخلفات (روبابيكيا): يقول إنه يشتري الكتب المدرسية القديمة من الطلبة، بعد انتهاء موسم الامتحانات بسعر 10 قروش للكيلو، أما الصحف فسعرها أعلي فورقها مستورد من الخارج بالكامل وتمثل عجينة جيدة للورق ويشتريها بسعر جنيه للكيلو الواحد ثم يقوم ببيعها للتاجر الذي يشتري أيضا المخلفات الورقية وورق الكرتون من جامعي القمامة بسعر يتراوح بين 250 300 جنيه للطن، ثم يوردها بسعر أعلي لمصانع الورق في القاهرة الكبري لكي تقوم بتدويرها. ويبدي الدكتور ابراهيم والي مدرس قسم طباعة ونشر كلية فنون تطبيقية جامعة حلوان أسفه لعدم وجود صناعة متطورة لتدوير الورق في بلادنا، والطريقة المستخدمة حاليا بدائية جدا تقوم فقط بتصنيع الكراتين وأطباق البيض من مخلفات الورق وتعتمد بشكل كلي للحصول علي نوعيات جيدة من الورق تصلح للطباعة علي الاستيراد من الخارج وتشجع وزارة التربية والتعليم الورق المنتج محليا من مصاصة القصب وقش الأرز بعد خلطه بنسبة ضئيلة جدا من الملابس المستعملة والورق الناتج من اعادة التدوير وبعد اضافة مواد كيماوية ومواد مبيضة يتم ادخاله في غلايات لتصنيع الورق العادي المستخدم في طباعة الكتب المدرسية وكراسات الاجابة في الامتحانات والتي يشكو الطلبة من رداءتها وعدم امكانية الكتابة عليها بأقلام الحبر حتي لا تطبع الأحبار في الصفحات المقابلة. كما يشكو أصحاب المصانع علي حد قول الدكتور إبراهيم من تناثر بعض جزيئات الورق عند ادخاله في ماكينة الطباعة مما يؤثر علي جودة الطباعة، كما يشكون من تكرار انقطاع "فرخ" الورق، بعد لفه في الماكينة مما يزيد من معدل استهلاكه كما أن الورق المصنع محليا من نوعية واحدة لجميع الأغراض، بعكس المستورد الذي تختلف نوعيته بطبيعة الاستخدامات، للحصول علي أفضل درجة في الطباعة، فهناك ورق مخصص للطباعة الملونة علي الكمبيوتر، ونوعيات أخري تصلح لماكينة التصوير، وأخري لماكينة الطباعة المعتادة، كما أن أصحاب مصانع الورق المحلية لا يزالون يستخدمون الطرق القديمة في الصناعة، ولا يهتمون بتطوير انتاجهم أو تحسين جودته، ماداموا قد ضمنوا بيع انتاج مصانعهم للقطاع العام. أحبار وكرافت ويحذر الدكتور ابراهيم من استخدام المطاعم الشعبية لأوراق الصحف، وأوراق الكراسات والكتب في تغليف جميع الأطعمة التي تستخدم فيها الزيوت للطهي، لتفاعلها مع الأحبار المستخدمة في الطباعة، وخاصة إذا كانت الأطعمة ساخنة، كما يحذر من تناول الطعام في الأطباق الورقية التي يكثر استخدامها في الحفلات وأعياد الميلاد، وتستخدم الأحبار الملونة في تزيينها ورسمها، وتعتبر الأكياس البنية اللون المصنعة من ورق "الكرافت" بدون أي اضافات كيماوية، أو مواد مبيضة للون هي الأفضل صحيا، وتستخدمها المطاعم الراقية في تغليف الساندويتشات التي تقدمها، ويمكن عن طريق تدوير الورق تصنيع أكياس صحية علي درجة كافية من المتانة لحفظ الأطعمة، ولكن يجب أولا التخلص من ثقافة اكياس البلاستيك، التي تجاوزتها الدول الغربية المتقدمة، لصعوبة التخلص منها، وضررها الأكيد علي الصحة.