مع استمرار عمليات الاستحواذ علي أسهم الشركات والبنوك المقيدة في البورصة أصبحت البضاعة المتاحة للتداول في السوق محدودة وهو ما تسبب في رأي البعض في التشجيع علي عمليات المضاربة علي الأسهم التي ترتفع بفعل الشائعات.. هذا في الوقت الذي توجد فيه أسهم جيدة في السوق تساهم فيها الحكومة والقطاع الخاص ويمكن اتاحتها للتداول للأفراد من خلال تجزئتها وطرح حصص إضافية منها.. مثل أسهم عز الدخيلة والمصرية للاتصالات وغيرها. في البداية يري هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للملكية الخاصة أن ظاهرة نقص الأسهم المطروحة للتداول ظهرت بشكل واضح بعد عمليات الخصخصة المتتالية لقطاعات كالأسمنت والبنوك وتزامن ذلك مع ارتفاع اسعار الأسهم ووصولها للسعر الطبيعي وهو ما قلل من فرصة وجود أسهم جيدة بأسعار مغرية للمستثمر الفرد وتسبب في ضعف مستوي الطلب.. ويري أن مواجهة ذلك يجب أن يكون من خلال تجزئة بعض الأسهم التي وصلت لأسعار مرتفعة علي المستثمر الفرد مثل أسهم أوراسكوم للإنشاء وعز الدخيلة والشرقية للدخان خاصة أن هذه الظروف هي التي هيأت الأجواء للمضاربة علي بعض الأسهم والوصول بها لأسعار أعلي من قيمتها بناء علي بعض الأخبار التي تشاع في السوق. خفض حجم التعاملات ويعتبر ناجي هندي مدير الاستثمار في بنك مصر إيران للتنمية أن استمرار عمليات الاستحواذ بنسبة 100% علي أسهم بعض الشركات في السوق خاصة من خلال برنامج الخصخصة سيؤدي إلي تقليل حجم التعاملات تدريجيا والتشجيع علي المضاربة علي الأسهم ذات الأداء المالي الضعيف. ويعتبر ناجي أن حل هذه المشكلة يكون من خلال تركيز برنامج الخصخصة علي طرح شركات أو حصص المال العام في الشركات المتداولة في البورصة للاكتتاب العام حيث سيؤدي ذلك من ناحية إلي تجنب الخلافات التي تدور حول تقييم سعر الشركة المعروضة للبيع نظرا إلي أن الشركة المتداولة يتم تحديد سعرها العادل من خلال قوي العرض والطلب في السوق ومن ناحية سيسهم طرح نسبة من هذه الحصص أو الشركات للاكتتاب العام ولتكن علي الأقل نسبة 30 أو 35% في تنشيط السوق وجذب المستثمرين الأفراد لأسهم جيدة ولها سمعة طيبة عند المستثمر. ويتفق المحلل المالي عصام مصطفي مع الرأي السابق حيث يري أن قلة الأسهم المعروضة للتداول في السوق تظهر بوضوح في مؤشرات البورصة نظرا إلي أنه خلال الشهرين الماضيين كانت 10 شركات تستحوذ علي حوالي 50% من السوق وان شركتي المنتجعات السياحية وهيرمس اقتربا من أن يستحوذا علي ربع السوق وهذا له انعكاسات خطيرة كما يوضح مصطفي نظرا إلي انه يؤدي لظاهرة "الدوران الضيق" وهو ما يعني أن احجام التعامل في البورصة تعبر عن تعاملات بأكبر من القيمة الحقيقية وتعطي انطباعا وهميا عن ان السوق نشط وانه في الواقع لا يزيد رأس المال ولكن رؤوس الأموال تخرج وتدخل بشكل متسارع بين عدد قليل من الأسهم وما يدلل علي ذلك هو أنه إذا راقبنا تعاملات الأفراد أسبوعيا سنجد أن نسبة الشراء والبيع شبه ثابتة يوميا وهو ما يعني أن الفرد لم يحتفظ بسهمه لأكثر من يوم. علاج مؤقت إلا أن مصطفي يري أن مواوجهة هذه الظاهرة من خلال عمليات التجزئة هو علاج مؤقت للمشكلة وقد تترتب عليه آثار سلبية نظرا إلي ارتفاع أسعار الأسهم المجزئة بشكل مغالي فيه بسبب قلة وعي المستثمر. ويري مصطفي أن الحل الإيجابي لمواجهة هذه المشكلة هو توفير أسهم جديدة في السوق وكذلك تطوير الفكر الإداري لبعض الأسهم الموجودة بالفعل ويضرب علي ذلك مثالا بأسهم شركات الأدوية التي تعتبر ضامرة نسبيا رغم أن نتائج أعمالها تعتبر ثابتة إلا أن الإدارة القائمة علي هذه الشركات لا تقوم بالإجراءات الكافية للترويج للسهم من خلال نشر المعلومات في الوسائل المختلفة لعدم ادراكهم لتأثير ارتفاع القيمة السوقية للسهم علي القيمة الاقتصادية للشركة وتيسير رواج السهم لعملية التوسع في الشركة، في الوقت الذي نجحت شركات في قطاع النسيج وهو يعتبر قطاعا ضعيفا نسبيا في تنشيط أسهمها من خلال الإدارة الناجحة للسهم. ويشير إلي أن بعض الأسهم مرتفعة السعر قد يكون لها أسبابها وراء عدم التجزئة نظرا إلي انتقال التعامل علي السهم من المؤسسات إلي الأفراد بعد انخفاض سعر قد يعرضه لتقلبات تضر الشركة، ويري مصطفي أن الأسهم التي ترتفع أسعارها بشكل كبير من مصلحتها أن تجري التجزئة إذا ارتأت انها ستحقق إيرادات غير طبيعية في الفترة القادمة. ظاهرة إيجابية ويعتبر المحلل المالي محمد الصهرجتي ظاهرة الاستحواذ هي ظاهرة إيجابية في الأساس لأنها توجد كيانات كبيرة في السوق علاوة علي انه لم تتسبب كل عمليات الاستحواذ في خروج أسهم الشركات من السوق ويضرب مثالا علي ذلك بعملية شراء بنك سوسيتيه جنرال لبنك مصر الدولي أو اندماج بنك كاليون مع المصري الأمريكي وتحولهم لبنك كريدي أجريكول ولكن المشكلة تأتي فقط من استحواذ شركة مغلقة علي شركة متداولة أو استحواذ شركة من خارج السوق علي شركة متداولة. ويري الصهرجتي أن الظاهرة الأخيرة تحمل جانبا إيجابيا أيضا حيث يؤدي تداول أسهم شركة ما في البورصة لرفع سعر أسهمها عند الاستحواذ عليها ويضرب مثالا علي ذلك بالسعر الذي عرضته القلعة للاستحواذ علي الأسهم المطروحة من أسمنت قنا وهو 80 جنيها للسهم نظرا إلي أن السعر المتداول به السهم 60 جنيها، أما الجانب السلبي من هذه الظاهرة والمتمثل في نقص الأسهم المعروضة للتداول فهو لا يعبر عن مشكلة فعلية نظرا إلي أن السوق تحكمه قوانين العرض والطلب وقلة الأسهم المتداولة من قطاع الأسمنت علي سبيل المثال هي دليل علي تنامي تنافسية هذا القطاع وهو ما دفع المستثمرين للاستحواذ عليه وفي نفس الوقت هناك 40 شركة قدمت لوزير الاستثمار طلبات إنشاء مصانع وهو ما يعني أن ظاهرة ندرة أسهم الأسمنت المطروحة ستزول بالتأكيد في الفترة القادمة.