يبلغ حجم تجارة الرصيف في مصر 60 مليار جنيه وبنسبة 80% من حجم التجارة الرسمية وفقا لتقرير حديث صادر عن الأممالمتحدة.. وهذا النشاط يتسع ويتزايد يوميا بالتحاق أعداد جديدة نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشباب فهو المصدر الوحيد للدخل لدي ما يقرب من 5 ملايين نسمة تدفعهم الحاجة والبطالة والفقر إلي بيع المنتجات الرخيصة علي أرصفة الشوارع في محاولة لتأمين أرزاقهم والهروب من جحيم البطالة وأعداد هؤلاء البائعين تتضاعف بصورة كبيرة في الوقت الذي عجزت فيه الدولة عن توفير أسواق منظمة لهم أو إقامة مشروعات جديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب العاطل والذي أصبح يمثل قنبلة موقوتة للانفجار في أية لحظة فإلي متي ستظل هذه الفوضي؟ وإلي متي يظل البائعون يستغيثون من مطاردة الأمن لهم وعدم تقدير المجتمع لهم؟ وقفنا حائرين أمام هذه الوضعية لا ندري من الجاني ومن المجني عليه وإلي متي سوف تظل هذه الأزمة معلقة تبحث عن حلول. البداية كانت مع هؤلاء البائعين في منطقة العتبة والموسكي وهي احدي الاماكن التي تضم عددا كبيرا من هؤلاء الباعة والملاحظة الأولي التي لفتت نظري هي قيام هؤلاء الباعة بعمل "تنظيمات" غير رسمية تحتكر الميادين والشوارع حتي اشارات المرور ووسائل المواصلات وغير مسموح لبائع جديد الانضمام الي صفوف العاملين بها الا بعد اعتماده رسميا من جانب "مسئول" الباعة الجائلين! عم صلاح عبد الحميد بائع أحذية وشنط يعمل في هذه المهنة منذ ما يقرب من 45 عاما والظاهرة اللافتة هي قيامه بفرش بضاعته أمام أحد محلات الاحذية والشنط الكبيرة فالسلعة واحدة وعندما سألته كيف سمح له صاحب المحل بالجلوس في هذا المكان أجاب بالتراضي بين الطرفين. ويضيف الي انه قد هاجر هو ومجموعة من أقاربه من بلدته في محافظة اسيوط منذ زمن بعيد حيث جاءوا الي القاهرة في رحلة تبحث عن وظيفة وعندما فشلوا في الحصول عليها قاموا بالعمل في هذه التجارة مشيرا الي ان مكسبه اليومي يتراوح بين 20 و30 جنيها فالعملية أرزاق علي حد تعبيره.. ويقاطعه شاب رفض ذكر اسمه خوفا من بطش معاون المباحث -علي حد قوله- مؤكدا ان معظم المحال تقوم بتأجير الرصيف المقابل للمحل مقابل مبلغ من المال قد يصل الي 200 جنيه يوميا بالاضافة الي مشاركة صاحب المحل في دفع الضرائب ورواتب العمال مؤكدا علي قيامهم بمنافسة المحلات فالمنتجات عادة ما تحمل نفس الاشكال والخامات ولكن ما يميزنا هو ان اسعارنا رخيصة فنحن نقوم ببيع منتجاتنا بأقل من سعر المحل بنسبة 30% وعن عمله بهذه المهنة رغم مؤهله الجامعي فهو حاصل علي بكالوريوس تجارة اكد انها "البطالة" فقد قمت بالبحث عن وظائف كثيرة ولم أفلح موضحا ان رأسمال هذه الفرشة لا يتجاوز 1000 جنيه.. وبدلا من ان تقوم الدولة بتشجيعي حيث انني لم أعمل بمهنة خارجة عن القانون قامت بمحاربتي حيث تقوم شرطة البلدية بعمل مداهمة يومية للمكان وتقوم بأخذ البضائع وعمل مخالفات حيث يتم حساب هذه المخالفة بطريقة عشوائية فالتقييم حسب المساحة فمتر الإشغال عليه غرامة قدرها 70 جنيها. وعلي الجانب الآخر يقول علي ابراهيم صاحب محل احذية انه يرحب بقيام الباعة الجائلين بافتراش الرصيف امام محله في حالة، اذا كانت السلعة مختلفة أما في حالة قيامه بعرض نفس السلعة فمن غير الممكن ان اسمح له بالجلوس امام المحل علي الرغم من اختلاف الجودة بين المنتجين. ويضيف الي ان تجارة الرصيف لديها قواعد وانظمة حيث يتم تقسيم الشارع بوضع علامات بين تاجر وآخر لا يجب تجاوزها ويتم هذا الاتفاق بمعرفة مسئول الباعة الجائلين وعادة ما يكون كبير "العائلة" حيث ان الظاهرة المنتشرة في هذه التجارة هي تجمع العائلات في مكان واحد لبيع سلعة واحدة وفي نفس الوقت يقوم الكثير من اصحاب المحال بانتهاج اسلوب وضع فرشة امام المحل لعرض بضائعهم رغبة منهم في استقطاب مختلف فئات المجتمع فأنا كصاحب محل أقوم في بعض الأحيان بافتراش الرصيف امام المحل لعرض بضائع "بواقي" بأسعار تناسب محدودي الدخل فالحذاء الذي كان يتم بيعه منذ شهر مثلا ب30 جنيها أبيعه حاليا ب15 جنيها. في قسم الموسكي داخل قسم شرطة الموسكي سألنا احد ضباط الشرطة عن حجم الشكاوي التي ترد للقسم من جراء تجارة الرصيف قال إن مسئولية مطاردة هؤلاء الباعة تقع علي عاتق مسئولية شرطة البلدية ورجال الحي ولا يتم اللجوء للقسم إلا في حالة حبس هذا البائع مضيفا الي وصول شكاوي كثيرة للقسم تتهم فيها الباعة الجائلين باغلاق الشوارع مما يتسبب في تعطيل المرور بالاضافة الي الشكاوي الكثيرة من أصحاب المحال.