التخفيض الجديد في التعريفة الجمركية يعد محاولة جادة من الحكومة لنقل العديد من مزايا التنمية الاقتصادية للمستهلك مع تطبيق المزيد من التحرر الاقتصادي والتجاري الذي يفتح باب المنافسة الحقيقية امام الصناعة المصرية في المرحلة القادمة خاصة ان الحماية الكاملة التي حظيت بها الصناعة لسنوات طويلة لم تعد وسيلة مقبولة في ظل المنافسة العالمية لتحقيق جودة صناعية أو حتي تطور في أي من المجالات ناهيك عما يعانيه المستهلك من تدهور بعض المنتجات المحلية واحتكار السوق. إلا أن هذه القرارات التي تحقق شبه اعفاء كامل علي الأغذية كاملة الصنع والادوية وخفضا علي السلع الاستهلاكية التي كانت تسدد جمارك 40% باستثناء السيارات يتوقع ألا يستفيد المستهلك منها وذلك بسبب جنون الأسعار المستمر والذي لا يتأثر بأي حال من الأحوال بأية تخفيضات جمركية وخير دليل علي ذلك ما حدث بعد التخفيضات الجمركية الكبري التي نفذتها حكومة نظيف الأولي في سبتمبر 2004 وهذا ما دفع الحكومة للإعلان في العام الماضي عن خطة لضبط الاسعار واحكام الرقابة علي الاسواق وهذا ما أيقنته الحكومة بأن دور الدولة في الاقتصاد الحر اقوي واكبر من مجرد المشاهدة والفرجة علي جنون الاسعار.. فهل تستطيع الحكومة ضبط الاسواق والسيطرة علي أسعار السلع الاساسية بعد حالة الفوضي والعشوائية التي أصابت الأسواق التجارية؟ والسماح لآليات السوق ونظام العرض والطلب بالعمل بحيث يستفيد المستهلك والمواطن محدود الدخل من هذه التخفيضات التي تستهدفه كما أعلنت الحكومة وما الآليات التي يجب عليها تنفيذها لتحقيق ذلك؟ في البداية يقول وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي ان التعديل الاخير للتعريفة الجمركية هو استكمال لما انتهجته وزارتا المالية والتجارة والصناعة خلال هذه المرحلة المهمة من اجراء التعديلات اللازمة والضرورية والتي تقتضيها خطة الدولة الرامية الي تسهيل حركة التجارة فضلا عن تخفيف الضغوط المعيشية علي جموع الشعب المصري حيث تستكمل تلك التخفيضات ما تم في سبتمبر 2004 بخصوص تخفيض متوسط التعريفة الجمركية. وأوضح غالي ان تخفيضات 2004 كانت تستهدف بالدرجة الأولي السلع الاستثمارية والوسيطة مع تخفيضات قليلة علي السلع الاستهلاكية النهائية اما التخفيض الحالي يستهدف بدرجة أكبر سلعا استهلاكية نهائية مثل السلع المعمرة كالافران والتليفزيونات والثلاجات وغيرها وايضا سلعا استهلاكية اخري كالملابس والمواد الغذائية مع الاهتمام بجميع مكونات تلك الصناعات وكذلك الدوائية ومستلزماتها الوسيطة مشيرا الي ان كل هذا هدفه المواطن بالدرجة الأولي دون النظر الي الحصيلة المتوقعة خاصة بعد المساندة المستمرة للصناعة المصرية والتي لم تحقق الغرض منها علي مدار السنوات الطوال الماضية والتي حرمت المستهلك المصري من الحصول علي منتجات جيدة بأسعار معقولة. واعترف وزير المالية بأن المواطن قد لا يشعر بالأثر الايجابي لتلك التعديلات في التعريفة الجمركية كما حدث مع تعريفة 2004 معللا ذلك بوجود معوقات في مسارات التجارة الداخلية وجشع البعض في تحقيق مكاسب اكثر علي حساب المواطن والخزانة العامة التي تتنازل عن الحصيلة الجمركية لصالح محدودي الدخل. وقال غالي ان الحل يكمن في اصلاح شبكة ومنظومة التجارة الداخلية حتي يشعر المواطن بما تقوم به الدولة وحتي تعبر المزايا التي تهدف لها هذه التخفيضات من خلالها. فجوة بين الأسعار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة يؤكد انه بالفعل هناك فجوة بين الاسعار في الخارج والاسعار المحلية ولذلك تم فتح الاستيراد لجميع السلع من خلال تخفيض التعريفة الجمركية حتي يحصل المواطن علي ما يريد من منتجات بسعر مناسب وهذا أيضا يمنع التهريب مشيرا الي انه بعد هذه التخفيضات أصبحت تكلفة الاستيراد أقل بأضعاف كثيرة عن تكلفة التهريب مع استمرار الأجهزة الرقابية في ملاحقة المتهربين التي أسفرت مؤخرا عن ضبط ما يزيد علي 220 منفذ بيع تم تحويل أصحابها للنيابة العامة وكانت السلع المضبوطة ملابس جاهزة وسلعا هندسية. ويشير رشيد محمد رشيد الي ان الحكومة جادة في ضبط الاسعار والقضاء علي الاسواق العشوائية من خلال خطة بدأت بالتخفيضات الجمركية ثم اعمال آليات السوق الحر بكل ضوابطه والتي لا تراجع عنها وتتضمن الحفاظ علي حقوق المستهلكين مع حرية المنافسة ومواجهة الممارسات الاحتكارية الضارة بالمجتمع مشيرا الي ان الحكومة لا تتدخل في تحديد او فرض اسعار علي التجار ورجال الاعمال وانما تهدف خطة ضبط أسعار السلع لحل مشكلات العرض والطلب والتي تحدث نتيجة وجود اختناقات في الأسواق بالاضافة الي العشوائية التي تضر بمصلحة التجار الملتزمين كما انها ليست في صالح المستهلك.