يوم 30 يناير 2007 أطلقت مايكروسوفت نظام التشغيل الجديد لأجهزة الكمبيوتر ويندوز فيستا ورغم أن الشركة سبق أن أعلنت يوم 17 يناير أن ويندوز فيستا سيكون متاحا للبيع علي سيديهات أو التحميل المباشر من الإنترنت فإن معظم الناس لايزالون يفضلون شراء السيديهات تماما كما كان يحدث عند إطلاق نظام ويندوز 95 قبل أكثر من 10 سنوات.. ومع ذلك تقول مجلة "الإيكونوميست" إن حجم الإقبال علي نظام التشغيل الجديد لايزال محدودا.. وإن ذلك مؤشر علي تاَكل سيطرة مايكروسوفت علي السوق العالمي لأنظمة تشغيل الكمبيوتر، ويرجع هذا في المقام الأول إلي أن أجهزة الكمبيوتر الشخصي بدأت تستخدم أنظمة تشغيل مفتوحة وغير مقيدة بحقوق الملكية الفكرية مثلما هو الحال في أنظمة "النوافذ" التي تصنعها مايكروسوفت.. فأصحاب الكمبيوترات الشخصية يشاهدون أفلام الفيديو عبر نظام You Tube ويتبادلون الصور عبر نظام Flickr ويراجعون البريد الالكتروني وغيره عبر العديد من الأنظمة الأخري المتاحة مجانا علي الانترنت.. وهذه التطورات جميعا ليست في صالح مايكروسوفت. وقد أطلق نظام ويندوز فيستا مصاحبا لبرنامج أوفيس 2007 وهو نسخة مطورة لبرامج معالجة الكلمات ومنسق الحسابات وغيرها من البرامج التطبيقية.. ومعروف أن أنظمة ويندوز وبرامج أوفيس هما العمود الفقري لشركة مايكروسوفت، فمنهما تحصل الشركة علي نحو 80 90% من أرباحها وبهما تحقق 60% من مبيعاتها. وتقول الأرقام أيضا إن هناك نحو مليار جهاز كمبيوتر شخصي لايزال معظمها إن لم يكن كلها يستخدم أنظمة ويندوز وبرامج أوفيس التي تنتجها مايكروسوفت ولكن هذا كله بدأ يهتز الاَن ولا أحد يعرف هل ستواصل مايكروسوفت جني ما كانت تجنيه من إيرادات وأرباح أم أنها ستدخل قريبا عصر السنوات العجاف؟ ومن المعروف أن نظام ويندوز فيستا استغرق تطويره نحو خمس سنوات وتكلف 6 مليارات دولار وعمل في صناعته نحو 8 اَلاف شخص.. وقد جاء متأخرا عن موعده الطبيعي عامين كاملين، والمتوقع ألا يلجأ الناس من أصحاب الكمبيوترات القديمة إلي شراء ويندوز فيستا وأن يقتصر شراؤه فقط علي من يشتري كمبيوتر جديد، ولذلك يتوقع كثيرون أن تمثل لحظة إطلاق نظام ويندوز فيستا علامة علي وصول مايكروسوفت إلي ذروة نفوذها وبدء تراجع هذا النفوذ في سوق برامج الكبيموتر الشخصي وأنظمة تشغيله. والأمر المؤكد أن صناعة البرمجيات قد تغيرت جذريا منذ ظهرت مايكروسوفت كشركة مسيطرة في هذا المجال عام 1981 تقريبا أي قبل ربع قرن بإطلاق نظام تشغيل الكمبيوتر الشخصي الذي كانت تصنعه IBM اَنذاك.. وتوجد حاليا ثلاثة تطورات كبري تغير هذا الوضع وتأكل من رصيد مايكروسوفت كشركة مسيطرة علي سوق برمجيات الكمبيوتر الشخصي في العالم. وأول هذه التطورات أو التحديات هو ظهور وبدء انتشار البرمجيات مفتوحة المصدر.. وهي برمجيات يصنعها متطوعون في الغالب بأكثر مما تصنعها شركة واحدة بعينها وهي برمجيات مجانية وقابلة للتطوير باستمرار.. ورغم أن الخدمات المرتبطة بهذه البرمجيات صارت تباع فإن تكلفتها تظل أقل من تكلفة برمجيات مايكروسوفت. ومن أشهر البرمجيات المجانية نظام التشغيل لينوكس وبرامج خادمات الانترنت من طراز أباتشي.. بل إن مستكشف الانترنت فاير فوكس الذي لم يكن معروفا منذ سنوات صار الاَن شائعا استخدامه كبديل لمستكشف الانترنت الذي تبيعه مايكروسوفت. أما التطور الثاني الذي يواجه مايكروسوفت فيأتي من البرامج التطبيقية المتاحة عبر الانترن وتحول البرمجيات إلي خدمة تستخدم لترويج الإعلانات.. وفي السنوات الأخيرة لم تعد هناك حاجة لعمل شبكات للكمبيوتر الشخصي حيث أصبح استخدام الانترنت كشبكة بديلة أمرا شائعا.. وأصبحت شركات الانترنت مثل جوجل وياهوو تقدم العديد من الخدمات عبر مواقعها وهي تشمل البريد الالكتروني وأرشفة الصور وتخزين الموسيقي وغيرها من الخدمات المجانية مثل برامج معالجة الكلمات وتنسيق الحسابات. وقد صارت شبكة الانترنت تقدم بعض الخدمات المدفوعة الثمن ولكنها تظل أرخص كثيرا مما تبيعه مايكروسوفت معلبا عبر منافذ البيع.. وتتجه الانترنت من الاَن فصاعدا لتصبح موردا رخيصا أو مجانيا لكل ما يحتاجه مستخدمو الكمبيوتر الشخصي من أنظمة تشغيل أو برامج تطبيقية أو خدمات أخري. والتطور الثالث الذي يواجه أنظمة تشغيل وبرامج أوفيس مايكروسوفت هو نقص الأمن حيث تمكن قراصنة الانترنت من اختراق برامج مايكروسوفت بسهولة ولحل هذه المشكلة صنعت مايكروسوفت ويندوز فيستا بشفرة جديدة تماما لا علاقة لها بشفرات أنظمة النوافذ السابقة.. وهذا التغيير كان سر تأخر مايكروسوفت في طرح ويندوز فيستا عامين كاملين، ومع ذلك فإن أحدا لا يستطيع الجزم بعدم وجود نواقص في أمن نظام التشغيل الجديد إلا بعد أن يشيع استخدامه ويتعرض لألاعيب القراصنة ومحاولاتهم لاختراقه. وتقول الإيكونوميست إن مايكروسوفت لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات الثلاثة وإنها تطور عملها كله للبقاء في صناعة البرمجيات العالمية دون منافس حقيقي.. وإن خطتها لهذا التطوير بدأت منذ عام 2005 وإن راي أوزي أصبح هو المسئول بدلا من بيل جيتس عن خطط الشركة في هذا المجال. فأوزي هو الذي أشرف علي تطوير نظام التشغيل الجديد فيستا وهو الذي يعمل علي تطوير علاقة مايكروسوفت بشبكة الانترنت في مختلف الجوانب الإعلانية والتسويقية علي حد سواء.. بل أكثر من ذلك فإن مايكروسوفت تستعد لفصل توءمها الشهير "أنظمة التشغيل وبرامج المكتب" إذا ثبت لها أنهما لن يعملا معا بنجاح في المستقبل.