علي الرغم من كل الصخب الذي أثارته قضية أكياس الدم غير المطابقة للمواصفات وشركة د. هاني سرور المنتجة لها إلا أن هذا الجذب لم يقترب حتي الآن من جذور القضية.. فوزير الصحة د. حاتم الجبلي صرح منذ بدايتها بأن هيئة الرقابة الدوائية هي المسئول عن الترخيص لاستخدام هذا المنتج والسماح بتداوله.. كما تضاربت تصريحاته عندما قال بعدم وجود معايير قياسية لاختبار الجودة في حين أكد رئيس هيئة التوحيد القياسي وجود هذه المعايير. وإذا كان الرأي العام المصري قد تجاوز في أكثر من واقعة أخري تراخي المؤسسات الرقابية عن عملها إلا أن هذا الدور الرقابي علي الأنشطة التي تدخل في صحة المواطنين لا يصح التهاون فيه، وهذا الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام مناقشة قضية دور الأجهزة الرقابية المشرفة علي المستلزمات الطبية، وهل آن الأوان مع قضية أكياس الدم أن نفتح الملف بالكامل من أجل قيامها بعملها، والأهم أن نعرف تماما من الذي يراقب جودة الخدمات المقدمة لصحة المصريين. د. محسن الكومي مدير أحد بنوك الدم والخبير بهذا القطاع منذ 40 عاما اعتبر قضية أكياس الدم مسئولية الأجهزة الرقابية وهيئة الرقابة الدوائية علي وجه التحديد لأنها هي التي تعطي الترخيص للمصنع بتداول منتجه في السوق خاصة ان مجال إنتاج قرب الدم من أصعب المجالات التي لم يستطع منتج مصري ان يقتحمها كما يقول الكومي، مشيرا إلي انه لم تكن في مصر منذ السبعينيات سوي تجربة واحدة لمنافسة المنتج المستورد وتمت بشركة الكيماويات المصرية إحدي شركات القطاع العام وكانت فاشلة ولم يدخل أي مصنع آخر في هذا المجال لارتفاع تكلفته التصنيعية واحتياجه لمستويات مرتفعة من رقابة الجودة في الإنتاج. وفيما يرحب الكومي بدخول مصر هذه الصناعة، إلا أنه يشدد علي ضرورة ان تكون الرقابة عليها صارمة نظرا إلي ان ارتفاع تكلفة إنتاجه قد تغري المستثمرين للتوفير في بعض اشتراطات الجودة لتحقيق الأرباح علاوة علي ان التقصير في الجودة قد يتسبب في الاضرار المباشر بصحة المتعاملين معها. كما يلفت د. السيد البدوي القيادي بحزب الوفد ورئيس أحد مصانع الأدوية إلي انه علي الرغم من تطبيق وزارة الصحة لرقابة صارمة علي جودة المنتجات الدوائية، إلا أنه لا يتم تطبيق نفس الصرامة علي المستلزمات الطبية، ويدلل علي ذلك بوجود منتجات رديئة الصنع كالسرنجات البلاستيكية والفلاتر في السوق تصنعها مصانع دون المستوي الإنتاجي علاوة علي عدم وجود مواصفات قياسية للجودة، ويشدد علي ان السوق المصري في مسيس الحاجة إلي مواصفات واضحة لجودة هذه المنتجات وهيئة رقابية جديدة يكون تخصصها الوحيد هو الترخيص للمستلزمات الطبية. ويؤيده في ذلك د. محمد إسماعيل عميد صيدلة عين شمس حيث يشير إلي انه في حال انتهاء التحقيقات الجارية علي أكياس الدم وإثبات ترخيص هيئة الرقابة الدوائية للمنتج مع وجود تجاوزات فيه لمعايير السلامة والأمن الصحية، فسوف يكون من الضروري إعادة دراسة نظم الرقابة علي المستلزمات الطبية بالهيئة، ويوضح اسماعيل ان الرقابة علي جودة وأمان المستلزم الطبي تتطلب عمليات معقدة مثل الرقابة علي الدواء واحيانا تكون أكثر تعقيدا منه نظرا إلي ان الرقابة علي الدواء تتطلب اختبار أثاره ومفعوله علي حيوانات تجارب أما اختبار المستلزمات الطبية فيتطلب قياس جودة التعقيم والمواد الحافظة وغيرها، كما ان هذه النوعية من الاختبارات تحتاج لأجهزة ذات حساسية عالية وصيانة مستمرة، وهو ما يتطلب أيضا إعادة النظر في نظم الصيانة بالهيئة وكفاءة أجهزة الاختبار فيها. ومن جانبه يري د. هاني عنان وهو مستورد وصاحب مصنع للتجهيزات الطبية وقيادي بحركة "كفاية" أن فكرة إصدار مواصفات قياسية للمستلزمات الطبية وإلزام المنتجين والمستوردين بها فكرة غير عملية نظرا لأن السوق المصري يعتمد بدرجة كبيرة علي المستلزمات المستوردة ومن الصعب إلزام الجهات المصدرة بالمواصفات المصرية ويوضح ان الحل الأنسب هو اشتراط المناقصات في مصر علي الالتزام بمواصفات قياسية دولية وهو ما يحدث في دول عدة مثل المملكة العربية السعودية.