كان في ذمة الحكومة خلال عام 2006 6 مشروعات قوانين مهمة لتنظيم النشاط المالي والاقتصادي في إطار عملية الإصلاح الجارية، وانتهي العام بنتيجة "التعادل" حيث صدرت 3 قوانين منها هي: قانون الدمغة وقانون الضريبة علي الدخل وقانون حساب الحكومة الموحد، في حين تم تأجيل 3 قوانين أخري هي قانون التأمينات والمعاشات وقانون الضرائب العقارية وقانون دمج القطاع غير الرسمي. المفارقة هنا ليست في العدد المتعادل، ولكن في ان هناك ملاحظات وثغرات جوهرية يرصدها الخبراء علي القوانين الثلاثة التي تم صدورها في عام 2006. وهذا ما يرصده التقرير التالي. وكان من أبرز القوانين التي صدرت وكان لها تأثير علي منظمات الأعمال والاستثمار خلال عام 2006 قانون الدمغة رقم 143 لسنة 2006 لتعديل القانون رقم 111 لسنة 1980 حيث جاء القانون مليئا بالآمال والطموحات حيث اتسم التعديل بإلغاء العديد من الضرائب النوعية كما يقول نصر أبو العباس المحاسب القانوني وعضو مجلس إدارة جمعية الضرائب العربية وشمل ذلك المحررات المصرفية وتعديل الضريبة النسبية علي التسهيلات الائتمانية والقروض والسلف وكذلك خفض الدمغة النسبية علي أقساط التأمين بنسبة 50% وخفض ضريبة الإعلانات إلي 15%. ويري أبو العباس ان اللائحة التنفيذية لهذا القانون جاءت مخيبة للآمال خاصة من وجهة نظر البنوك ومنها علي سبيل المثال ان اللائحة الغت ضريبة الدمغة علي الكمبيالات والشيكات والحسابات المصرفية وخطابات الضمان، ويشير أبو العباس إلي انها في المقابل لهذا الإلغاء فرضت ضرائب جديدة لم يتم إدراجها في القانون أصلا كما لم تعالج مشكلة الديون المشكوك في تحصيلها، كما تضمنت اللائحة العديد من المخالفات الصارخة للقوانين القائمة وهو ما دفع بعض الخبرات القانونية بالبنوك إلي القول بأنها مخالفة للدستور خاصة في المادة 119 التي تنص علي ان فرض ضرائب أو تعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون. ضريبة الدخل ومن بين القوانين التي أصدرتها وزارة المالية وأحدثت جدلا رغم مرور ما يقرب من عامين علي صدورها القانون 91 لسنة 2005 والخاص بضريبة الدخل، ويري طارق المنشاوي المحاسب القانوني انه رغم صدور القانون في يونيو 2005 إلا ان هناك نواحي إجرائية في القانون ناقصة، ومنها علي سبيل المثال الأسس المحاسبية للمشروعات والأنظمة الصغيرة والإقرار الضريبي للأشخاص الاعتبارية، فضلا عن ان القانون قرر اعفاء ضريبي علي المنشآت الصغيرة وربطه فقط بالمنشآت والأنشطة الصغيرة التي تمول بقروض من الصندوق الاجتماعي كما اشترط ان يكون المقترض شخصا فرديا أي لا شركاء معه. ويضيف المنشاوي أنه مر عام كامل علي أول تقديم للاقرارات الضريبية في القانون وسيبدأ خلال أيام الموسم الثاني للإقرارات ولم يعلن حتي الآن عن الممولين الذين لم يقدموا إقرارات ضريبية أو حتي الذين تهربوا وقدموا للنيابة العامة مما قد يدفع البعض مما يعلمون في ضوء القطاع الرسمي إلي القطاع غير الرسمي للتهرب من الضريبة. أما ياسر محارم المحاسب القانوني فيرصد مشكلات أخري تتعلق بالضرائب والصناعات القائمة علي ما يسمي "بالروبابيكيا" مثل الصناعات النسجية وكذلك الورق، والحديد ويقوم ذلك النشاط علي خردة الحديد حيث تجمع هذه الصناعات المواد الخام الخاصة بها من تجار متجولين ليس لديهم سجلات أو دفاتر، وبالتالي لا يتم الحصول منهم علي فواتير ويمكن إثباتها في السجلات وإذا تم تسجيلها لا تعترف بها الضرائب وتهدرها. أما بالنسبة لضريبة المبيعات فإن المنتج لا يستطيع خصم ضريبة المبيعات علي مدخلات هذا المنتج ويتحمل ضريبة مزدوجة كما يقول ياسر محارم وإذا لم تلجأ المنشأة لهذه المواد الخام بهذا الشكل سوف تتوقف مؤكدا انه تم عرض الأمر علي مصلحة الضرائب المصرية التي وعدت بالحل وحتي الآن لم يظهر. ومن القوانين المهمة التي صدرت عام 2006 القانون 139 والخاص بحساب الحكومة الموحد والذي صدر لضم جميع الحسابات الحكومية التي في البنوك لحساب موحد في البنك المركزي لا يتم الانفاق منه إلا بموافقة من وزير المالية ورغم ان هذا الحساب سوف يضبط الانفاق العام حيث تبين ان هناك أكثر من 5 آلاف حساب لجهات وهيئات حكومية في البنوك التجارية بها حوالي 84 مليار جنيه أموال راكدة، إلا أن عددا من الهيئات والجهات والمؤسسات الحكومية اعترضت علي ذلك بحجة ان ذلك لا يتفق مع طبيعة عملها. القوانين المؤجلة وعلي الجانب الآخر ينتظر خلال العام القادم صدور عدد من التشريعات المالية الأخري كان من المفترض ان تصدر خلال العام الحالي 2006 ويأتي في مقدمتها قانون التأمينات والمعاشات المموحد ويقول الدكتور محمد يوسف عميد تجارة القاهرة والرئيس السابق لهيئة الرقابة علي التأمين إن هذا القانون مهم وضروري لإزالة تشوهات قوانين التأمينات الأربعة المطبقة حالياً، مشيرا إلي ان الدكتور غالي أعلن عن مشروع هذا القانون مع ضم وزارة التأمينات والمعاشات لوزارة المالية في الحكومة الثانية للدكتور نظيف وتساءل الدكتور محمد يوسف: هل سيدخل هذا القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية مع وجود التعديلات الدستورية المقترحة والتي أعلن عنها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي؟. أما القانون المهم الذي أعلن عنه من بداية 2006 ولم يصدر فهو قانون الضرائب العقارية ويقول صفوت نور الدين المحاسب القانوني إن الدكتور غالي منذ توليه وزارة المالية عام 2004 أكد ان منظومة الإصلاح الضريبي لن تكتمل إلا بصدور قانون واحد للضرائب العقارية حيث يحكم هذه الضريبة ثلاثة قوانين هي قانون الضريبة علي الأطيان الزراعية رقم 113 لسنة 1939 وقانون الضرائب علي العقارات المبنية رقم 56 لسنة 1954 والقانون 29 لسنة 1999 والخاص بضريبة الملاهي حيث صدرت هذه القوانين منذ فترة طويلة تزيد علي نصف قرن. وأوضح ان صدور تشريع يجمع هذه القوانين الثلاثة سوف ينعكس إيجابيا علي الاقتصاد ويساعد في زيادة الإيرادات السيادية بحوالي 7 مليارات جنيه. ويتمثل القانون الأخير الذي أعلنت عنه حكومات الحزب الوطني المتعاقبة وحتي الأخيرة وهو قانون دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي وقد كان علي رأس أولويات وزارة المالية حتي العام الحالي إلا أنه لم يصدر ولا أحد يعلم السبب كما يقول الدكتور سعيد عبد المنعم وكيل تجارة عين شمس حيث يؤكد ان هناك مشروع قانون لدمج القطاع غير الرسمي أعدته الحكومة وتبناه وزير المالية وأعلن عن ملامحه وصدوره خلال 2006 ولكن لم يصدر أيضا. وهكذا لفظ عام 2006 آخر أيامه ولم تر هذه القوانين النور أو حتي تعالج مشكلات القوانين الأخري فهل يكون هناك أمل في أن تصدر عام 2007؟