في يناير عام 2005 كشف النقاب عن الطائرة الإيرباص A380 في حفل كبير حضره رؤساء الحكومات ورؤساء الدول في كل من فرنساوألمانيا وبريطانيا وأسبانيا وكان ذلك في مدينة تولوز الفرنسية في المصنع الذي يشهد عملية تجميع أجزاء هذه الطائرة المجلوبة من مختلف أنحاء أوروبا وقد اعتبر ذلك بمثابة انتصار كبير للاتحاد الأوروبي في حينه.. ولكن بعد 6 أشهر فقط من هذا الاحتفال أعلنت شركة الإيرباص تأجيل تسليم أول طائرة من هذا الطراز 6 أشهر عن الموعد المحدد، وفي يونية الماضي أعلنت الإيرباص التأجيل للمرة الثانية لمدة 6 أشهر أخري وقالت إنها لن تسلم في عام 2007 سوي 9 طائرات فقط بدلا من 25 طائرة كما كان مقررا وأدي ذلك كما هو معروف إلي اضطراب كبير في شركة الإيرباص والشركة الأم EADS وفقد رئيسا الشركة الألماني والفرنسي منصبيهما. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن الطائرات الجديدة عادة ما يتأخر موعد تسليمها فقد تأخر تسليم أول طائرة بوينج 747 لمدة عامين عن الموعد المحدد عام 1969 وأدي هذا التأخير إلي وضع بوينج علي شفا الإفلاس.. ومنذ أيام أعلنت شركة EADS أن مدة تأخير تسليم الطائرة A380 ستصل إلي عامين وأن ذلك ستكون له عواقب مالية وخيمة.. وأنه لن يتم تسليم سوي طائرة واحدة في عام 2007 وإن ذلك سيكبد الشركة خسائر حجمها 4.8 مليار يورو "6 مليارات دولار" ونقصا في الإيرادات حجمه 6.3 مليار يورو "7.9 مليار دولار" وذلك في الفترة من 2006 2010. ولكن هناك من يتوقع أن يكون حجم الخسائر أكبر من ذلك.. صحيح أن الزبائن الرئيسيين لهذه الطائرة وهما الشركة الإماراتية والشركة السنغافورية لن يلغيا كل طلبياتهما ولكن أصوات التهديد التي بدأت تتعالي خاصة من جانب الشركة الإماراتية تؤكد أن كل الخيارات مفتوحة أمامها في التعامل مع هذا الموقف.. كما أن الشركات الأخري مثل كانتاس ولوفتهانزا وفيرجين أتلانتيك التي أجرت حساباتها علي الطائرة A380 كطائرة اقتصادية توفر في تكلفة المقعد 15 20% سوف تطالب شركة الإيرباص بدفع فروق التكلفة خلال مدة التأخير ويحدث هذا كله في حين أن الطلب علي الطائرة A380 لم يتجاوز حجمه ال 160 طائرة وكل تأخير سيعني انخفاض هذا الرقم، في حين أن الإيرباص كانت تستهدف بيع 250 طائرة من هذا الطراز وهذه كارثة بكل المعايير. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن هناك مشكلات فنية في مكونات الطائرة A380 قد يستغرق حلها عام 2007 بأكمله.. وجزء من هذه المشكلات يرجع إلي التنافس بين فرنساوألمانيا علي صنع أكبر قدر من مكونات الطائرة المنكودة في مصانعها.. وتكشف هذه المشكلات عن نقاط الضعف الخطيرة في هياكل إنتاج شركة الإيرباص عموما في الوقت الذي سيتعين عليها فيه أن تواجه تصاعد المنافسة من جانب شركة بوينج الأمريكية التي يدعم قدرتها التنافسية دون شك ضعف الدولار في الوقت الراهن.. فمعروف أن معظم تكاليف الإيرباص تحسب باليورو القوي في حين أن معظم مبيعاتها تحسب بالدولار الضعيف ولذلك سوف يتعين علي كريستيان سترايف رئيس الإيرباص الجديد أن يعمل بكل جهده علي خفض التكاليف في الفترة القادمة. وتجدر الإشارة إلي أن شركة EADS قد وضعت خطة باسم "باور 8" تتضمن تأخير تسليم الطائرة A380 إلي جانب خفض النفقات بنسبة 30% وتحسين الإنتاجية بنسبة 20% في السنوات الأربع القادمة وهي خطة تأمل EADS أن تؤدي إلي توفير نحو 5 مليارات يورو "3.6 مليار دولار" وبذلك تعوض ما ستخسره نتيجة تأخير تسليم الطائرة A380. ويري تيوزا أن الإيرباص مطالبة بعمل أكثر جذرية للخروج من ماَزقها الراهنة مثل الكف عن تقسيم العمل السياسي بين فرنساوألمانيا وأسبانيا وبريطانيا وتقسيم العمل علي أساس اقتصادي محض إلي جانب إغلاق 7 من مواقع إنتاجها الستة عشر منها مصنعان في فرنسا وأربعة في ألمانيا وواحد في أسبانيا وأن تقيم نوعا من التخصص في الإنتاج بين الدول المشتركة في المشروع فتصنع الطائرة A380 في فرنسا والطائرة A320 في ألمانيا. كذلك تحتاج الإيرباص إلي تطوير علاقاتها مع الموردين.. ومع ارتفاع الأجور وقوة اليورو تحتاج الإيرباص لنقل مصانعها إلي بلدان ترتبط عملتها بالدولار.. ويمكن القول بأن هذه المشكلات جميعا موضع دراسة من جانب سترايف ولكن أسقف التغيير المتاحة أمامه لاتزال منخفضة بسبب العوامل السياسية وبالذات التنافس بين ألمانياوفرنسا علي النفوذ الاقتصادي والتقني داخل الاتحاد الأوروبي وما يكون لذلك عادة من انعكاسات سياسية علي كل المشروعات المشتركة.