[email protected] منذ مطلع العقد الحالي يكثر الحديث علي المستوي المحلي عن مفاهيم التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني كأحد أهم ثمار ثورة التكنولوجيا والاتصالات والتي يمكن أن يكون لها آثارها الايجابية علي تحسبن وتطوير العملية التعليمية في مدارسنا وجامعاتنا والتحول من الأسلوب التقليدي المعتمد علي التلقين والحفظ إلي التركيز علي التفاعل والتفهم بين الطالب والمدرس والمناهج التعليمية. ومؤخرا أكد الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم أن التعليم الالكتروني يتجاوز قيود الزمان والمكان في العملية التعليمية ويراعي الفروق الفردية بين المعلمين, ويسهم في حل مشكلة ازدحام الفصول وقاعات المحاضرات ومواجهة العجز في هيئات التدريس وينشر ثقافة التعليم والتدريب ويوفر بيئة تعليمية تسمح للطلبة والمعلمين وأولياء الأمور وإدارة المدرسة بالتواصل موضحا أنه تم تنفيذ نظام الحصص التخيلية من خلال المركز التكنولوجي بالوزارة في 4 آلاف مدرسة إعدادية بالاستعانة بعدد 9 استوديوهات لبث تلك الحصص التي بلغ عددها640 حصة شهريا في51 منهجا دراسيا. وفي الحقيقة يجب أولا أن نفرق بين كل من مفهوم التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني فإذا كان الأول يتيح للطالب في اي مكان إمكانية الحصول علي المناهج التعليمية ومتابعة دراسته التعليمية دون أن يضطر إلي الذهاب إلي مقرها المدرسة أو الجامعة وهو ما يؤدي إلي تحقيق توفير في التكلفة المالية للطالب فإن مفهوم التعليم الالكتروني يطلق علي منظومة متكاملة لتطوير التعليم تشارك فيها المدرسة من خلال استخدام أدوات تكنولوجيا متطورة في عملية التدريس بدلا من الأدوات التقليدية وان تتاح للأسرة فرصة أكبر لمتابعة عملية التحصيل والتقييم لابنائها من خلال الموقع الالكتروني للمدرسة. ويحتاج التعليم الالكتروني لتوافر المواد والمناهج الدراسية بصورة رقمية الكترونية علي أقراص مدمجة وتكون متوافرة للطلبة بما يسمح لهم بالاستعانة بها في الاستذكار بالمنزل كما يجب أن تكون تلك المناهج مصممة بطريقة تسمح بوجود قدر أكبر من التفاعل الايجابي بين الطالب والمنهج بعيدا عن الحشو والتكرار والذي لا هدف منه إلا ملء عقول الطلبة بما لا يتفق مع تنمية قدراتهم الذهنية في التفكير والابتكار. نتصور أنه في ظل إيمان ورفع شعار حكومة نظيف للتكنولوجيا كوسيلة لضمان حياة أفضل للمواطن يصبح الحديث عن التوسع في تطبيق أساليب التربية الحديثة المعتمدة علي التكنولوجيا في مجال التعليم هو أمر ضروري وليس اختياريا ومن ثم فان التفكير في إقامة مراكز كمبيوتر في جميع المدارس تتضمن عددا من أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالانترنت هو بداية الطريق إذ يجب أن يتوافق معها توفير المدربين المتخصصين -2 لكل مدرسة- القادرين علي التعامل مع الأجهزة وتعظيم استفادة الطلبة منها وتأهيلهم للتعامل مع الأدوات الجديدة لعصر المعرفة وليس مجرد إقامة المركز هو نهاية الطريق ليغلق عليها الباب كعهدة حكومية!! نريد أيضا أن يتوافق مع إقامة تلك المراكز بالمدارس أن يتم تطوير الأدوات التعليمية والاستعانة بأجهزة العرض التكنولوجية واستبدالها بأنظمة الكتابة علي السبورة بما يعطي فرصة أفضل للتفاعل بين الطالب ومدرسه بدلا من ضياع الوقت في ممارسة عملية النقل للشرح. نريد كذلك أن يتم التوسع في عملية تأهيل وإعداد المدرس من الناحية التكنولوجية ليكون قادرا علي نقل أهمية التكنولوجيا للطلبة مع الأخذ في الاعتبار إلي أن عدم قناعة المدرسين في الولاياتالمتحدة بأهمية التكنولوجيا يعد أحد أهم أسباب تخلف المدارس هناك في استخدامها . في النهاية لا نريد أن تكون تلك المراكز بمثابة نوع من الوجاهة أو التفاخر و إنما آلية حقيقية لتطوير التعليم والانتقال لمرحلة التعليم الالكتروني خاصة أن التنمية البشرية تعد بمثابة التحدي الأساسي الذي يجب أن نواجه إذا أردنا اللحاق بركب الدول المتقدمة حيث إن تخلف المهارات البشرية في المستقبل عن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة سيولد نوعا من البطالة يعرف بالبطالة الفنية نتيجة الاستغناء عن القوي البشرية القائمة وغير القادرة علي التعامل مع النمط الجديد من متطلبات سوق العمل ونؤكد أن قدرتنا علي إثبات وجودنا مستقبلاً وفي ظل النظام العالمي الجديد (العولمة) مرهون بقدرة أجيالنا علي التعايش مع التقدم التكنولوجي ومحاكاته بفاعلية لا بمظهرية وباعتبارنا مشاركين في صنع هذا التقدم وليس مجرد متلقين لثماره.