فوز محمد يونس رئيس بنك جرامين البنجلاديشي بجائزة نوبل للسلام هذا العام أحدث ردود أفعال كبيرة لدي رؤساء البنوك في مصر فالبعض رأي ان فوز يونس بالجائزة يرجع إلي نتائج البنك الإيجابية والآثار التي نتجت عنه برفع مستوي معيشة فقراء بنجلاديش وانتشالهم من حالة الفقر المدقع وعدم وصولهم لمستوي ما تحت خط الفقر والجوع الذي يؤدي بالإنسان إلي تدمير وتخريب الوطن الذي يعيش فيه مؤكدين ان فوز محمد يونس يرجع إلي فكره كرجل مصرفي استطاع ان يكون مؤسسة مصرفية رائدة تخدم وطنه وشعبه. أما الرأي الآخر فيري ان فوز محمد يونس بجائزة نوبل للسلام يرجع إلي ان هذا الرجل لديه الفكر السياسي الممزوج بالفكر الاقتصادي مما ساعده علي رفع شأن وطنه عن طريق مساعدة الفقراء وتكوين مؤسسة مالية أفرزت نتائج ملموسة ورفعت من شأن أبناء وطنه. واختلف هؤلاء حول إمكانية تكرار تجربة بنك جيرامين في مصر بل هناك من تحفظ علي وجود بنك مصري للفقراء. وأشار مصرفيون آخرون إلي ان هذه التجربة يمكن تطبيقها في مصر بعد إعداد دراسة كاملة عن مستوي مستخدمي هذه القروض وحالتهم بالإضافة إلي تطوير الفكرة لتلائم فقراء مصر. أما البعض الآخر فرفض الفكرة من أساسها وعلل ذلك بأن مصر لن تصل بمستوي فقرائها إلي مستوي فقراء بنجلاديش وأن بها من الأدوات البديلة ما يغنيها عن وجود مؤسسة مصرفية للفقراء مثل الصندوق الاجتماعي والذي يقدم قروضا لأصحاب الدخول الضعيفة لعمل مشروعات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر علاوة علي ان مصر لن تسمح لنفسها أمام العالم بأن تظهر بهذا الوجه وتلك المؤسسة. مؤكدين ان هناك أسباباً أخري تحول دون ظهور بنك للفقراء بمصر. من جانبه يقول د. كمال سرور نائب رئيس بنك مصر الدولي والعضو المنتدب السابق إن فوز محمد يونس بجائزة نوبل للسلام يرجع إلي ان المصرفي ليس رجلاً بعيداً عن السياسة أو انه محظور ان يعمل بها فلقد كان في مصر رؤساء بنوك ارتبط عملهم بالسياسة مع الاقتصاد ونجحوا في ذلك نجاحا باهراً ومن هؤلاء المصرفي السياسي أحمد فؤاد أحد الذين قامت علي اكتافهم ثورة 23 يوليو وكان يتعاون مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومع الضباط الأحرار لقيام الثورة وكانت منشورات الثورة توزع من منزله ومن مكتبه ببنك مصر حيث كان عضوا منتدبا لبنك مصر ثم رئيسا له وكان أحمد فؤاد ذا شهرة واسعة وكان اسمه مطروحا كل يوم بالصحف والمجلات علاوة علي انه كان قاضيا قبل ان يكون مناضلاً سياسياً ورئيسا لمؤسسة مصرفية كبري وكان أحمد فؤاد رئيسا للجنة الاقتصادية بمجلس الأمة وعضوا بقيادة الثورة. ويضيف د. سرور ان هناك شخصية أخري سبقت أحمد فؤاد في العمل السياسي والمصرفي وهو محمد رشدي رئيس بنك مصر في بداية الخمسينيات وكان زوج بنت الاقتصادي الأول في مصر طلعت حرب باشا وكان لرشدي دور سياسي بارز وناجح في قيادة الثورة بالإضافة إلي فكره المصرفي الاقتصادي الذي خلفه لأحمد فؤاد. دور اقتصادي ويشير نائب رئيس بنك مصر الدولي السابق إلي ان هناك دوراً اقتصادياً كبيراً للمؤسسات المصرفية والمالية تجعله يقوم بإصلاح حال الوطن والاقتصاد وهذا الدور قام به "البنك المركزي" المصري مؤخرا بقيادته الحالية والذي جعل بفكره استقرار في سعر الصرف وزيادة الاحتياطي النقدي بعد ان اصبح حال الجنيه المصري متدهوراً وكان الأمر وقتها ينذر بحدوث كارثة اقتصادية كبري للدولة. ويستطرد سرور قائلاً: إن نجاح السياسي في عمله داخل مؤسسة اقتصادية يؤدي إلي عدم قيام ثورات واضطرابات داخل الدولة ويجعل الدولة في حالة استقرار وهذا ما فعله محمد يونس بإنشائه هذه المؤسسة المصرفية التي جعلت في دولته حالة من الاستقرار. وعن تطبيق فكرة بنك جيرامين في مصر وإنشاء بنك للفقراء يقول د. كمال سرور إنه طالب بإنشاء هذا البنك في مصر عن طريق تحويل أداء وعمل الصندوق الاجتماعي إلي بنك للفقراء بهدف تشغيل جميع البطالة والعاطلين وتقليل نسبة الفقراء الموجودة بالمجتمع والتي تصل إلي نحو 9 ملايين عاطل وهو رقم لا يعبر عن الحقيقة الموجودة. ويوضح د. سرور ان نجاح بنك الطعام في مصر والذي أنشئ من خلال مجموعة تفضل نكران الذات ولا يريدون التحدث عن أنفسهم يجعل من التجربة الخاصة ببنك الفقراء قدم "سعد" في مصر. ويؤكد كمال سرور بأن وجود مؤسسات مصرفية مثل بنك ناصر الاجتماعي والصندوق الاجتماعي خير دليل علي ان هناك أعداداً كبيرة في مصر تحتاج إلي مساندة ومساعدة من الدولة وليس هناك ما يقلل من كرامة هؤلاء الناس المحتاجين إذا ما حصلوا علي أموال وأقاموا مشروعات وارتفع مستواهم المعيشي. ثم ان بنكاً للفقراء ليس عيباً أو سبة لا للدولة ولا للفقراء.