وسط التداعيات الدرامية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتم تتويجها مؤخرا بزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس جاءت أهمية الحوارمع البروفيسور جؤل بنين أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا الذي تم تعيينه قبل أيام رئيسا لقسم دراسات الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية. وحول هذه التداعيات أكد جؤل بنين أن رايس جاءت إلي المنطقة لتجني مزيدا من الفشل للسياسات الأمريكية في أفغانستان والعراق ولبنان وأخيرا إيران، ولفت إلي أن الرئيس الأمريكي مازال مصرا علي إنكار ذلك الفشل وعدم المراهنة علي أن يكون الرئيس الأمريكي القادم من الحزب الديمقراطي. وفيما أشار إلي المتناقضات التي تحملها السياسات الأمريكية في المنطقة شدد علي أنه لا سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل إلا إذا وازنت أمريكا بين اهتمامها بالأمن الإسرائيلي والفلسطيني علي حد سواء.. وأوضح أن تسييس الخلافات مشكلة أساسية في كل الدول العربية، مستبعدا أن يسيطر التيار الإسلامي علي المنطقة لغياب البرنامج الحقيقي لديه ليكون بديلا عن النظم الموجودة.. وقال: الكارثة في مصر أنه سواء النظام أو المعارضة لا يوجد لديهم البرنامج السياسي للإصلاح. ما هو تحليلك لزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية الأخيرة للمنطقة ومصر وحديثها عن محور جديد للدول المعتدلة؟ كونداليزا رايس أتت في رأيي في إطار محاولة لتحسين صورة أمريكا في المنطقة بعد الفشل الفظيع للسياسة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط الكبير وتشجيع الديمقراطية في الشرق الأوسط وكل أهداف الرئيس بوش الابن التي رفعها تحت شعار "الحرب علي الإرهاب" لكنها في رأيي محاولة فاشلة لأسباب عدة أولها أن رايس تطلب من حلفائها في المنطقة المساعدة علي تشجيع الديمقراطية في العراق وهذا يجعلني أتساءل كيف تطلب ذلك من أحد الأنظمة التي قد يكون ذلك ضد مصالحها لأنه أولا نظام غير ديمقراطي إضافة إلي أن جزءا كبيرا من الإسلاميين السنة في العراق أعداء لأحد الأنظمة العربية الخليجية، فكيف يوافق إذن ذلك النظام علي طلب رايس بضرورة تشجيع السنة في العراق علي الدخول في النظام السياسي هناك. أما عن الملف الفلسطيني الذي جاءت رايس من أجله أيضا فنحن نري أنه منذ اتفاقية أوسلو والنظام الأمريكي سواء في ظل رئاسة كلينتون أو بوش لم يقم بأية محاولة لتسوية الصراع علي أساس عادل شامل واعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ويتبني النظام الإسرائيلي منذ عهد باراك سياسة رفض استمرار المفاوضات والاتجاه لتحطيم الإرادة الفلسطينية لإجبارها علي قبول الشروط الإسرائيلية وان رد الفعل علي ذلك هو الانتفاضة الثانية، ويعتبر نظام بوش أن المشكلة الأولي هي أمن إسرائيل وعلي الرغم من أن الفلسطينيين هم الطرف الأضعف فإن رايس لا تسأل نفسها عن الأمن الفلسطيني ولا أحد في نظام بوش يسأل كيف نضمن الأمن للفلسطينيين؟ ومادام هذا السؤال غير مطروح فلا يوجد حل للقضية.. ومن المتناقضات أيضا في الإدارة الأمريكية أنها تدافع عن أيمن نور في مصر وتطالب بإخراجه ولكن الواضح أن هذا مجرد كلام، فرايس لا تستطيع أن تتخذ أي موقف جدي حيال ذلك لأنها تحتاج لمساندة النظام المصري. الفشل الأمريكي لكن هناك تحليلات تشير إلي أن اجتماع وزراء الخارجية العرب في مصر مع رايس كان موجها ضد إيران؟ هذا السؤال يحتاج لمعلومات مخابراتية للإجابة عنه، وليست لدي هذه المعلومات، ولكننا نسمع تصريحات مهمة ضد إيران وهناك صحفيون أمريكيون من مجموعة المحافظين الجدد يشجعون كل يوم النظام الأمريكي علي الحرب ضدها، وقد قرأت في صحيفة ال "نيويوركر" و"ذا نيشن" مقالتين تفيدان بأن هناك خطة لشن الحرب ضد إيران وأن حديثا عنها في واشنطن جدي، ويجب أن نذكر أيضا حرب لبنان الأخيرة وأري أنها كانت فكرة أمريكية كمحاولة لإزالة حزب الله كحليف لإيران حتي يمكن في المستقبل أن يكون هناك هجوم أمريكي علي إيران بسبب الملف النووي، ولذلك منعت أمريكا أي تدخل دولي لوقف الحرب، حتي في الوقت الذي أصبح واضحا للعالم كله وحتي للأمريكيين أن هذه الحرب فشلت، وبالتالي يكون من المنطقي أن تأتي رايس إلي المنطقة لتتناقش مع حلفائها بشأن هذه الحرب، أما ما يتعلق بموقفهم من الحرب، فهذا ما لا تتوافر عنه المعلومات حتي الاَن.