ارتفع مخزون الصين من الدولارات شهريا بنحو 17 مليار دولار بسبب ضخامة الصادرات الصينية إلي السوق الأمريكي وهي صادرات متنوعة تشمل كل شيء من الملابس والمنسوجات إلي الأثاث ولمبات الكهرباء.. ولذلك فإن ما تمتلكه الصين من أوراق مالية دولارية ضمن احتياطياتها يوشك أن يصل خلال الأسابيع القليلة القادمة إلي تريليون دولار، ومع ذلك فإن كلا من البائع والمشتري لن يلقيا بالا لهذه الأرقام المقلقة وسوف تستمر احتياطيات الصين الدولارية في التصاعد دون توقف. وتقول مجلة "نيوزويك" إن هذا المخزون الصيني الهائل من الدولارات هو أخطر مظاهر عدم التوازن في الاقتصاد العالمي.. فالولاياتالمتحدة تستورد بكثافة من الصين وتقترض منها في نفس الوقت لتمويل هذا السيل من الواردات وهو ما يدفع قيمة الدولار إلي الانخفاض ويضع القوتين العظميين اقتصاديا علي طريق التصادم طال الوقت أم قصر. وتضغط واشنطن علي بكين منذ فترة من أجل رفع سعر صرف اليوان ولكن المسئولين الصينيين يرفضون ويلمحون إلي أن استمرار الضغوط الأمريكية قد يدفعهم إلي التخلص مما لديهم من أوراق مالية دولارية وتحويل هذه الاحتياطيات الضخمة إلي عملات أخري كالين واليورو والاسترليني، وهذا أمر لو حدث فسوف يؤدي إلي ركود الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأمريكي علي حد سواء. والحقيقة الوحيدة التي تمنع حدوث تصادم تجاري واقتصادي بين الولاياتالمتحدة والصين هي أن كلتا الدولتين سوف تخسر من هذا التصادم.. وقد وصف لورنس سومرز وزير الخزانة الأمريكي السابق هذا الوضع ذات مرة بأنه يشبه "توازن الرعب المالي" بين واشنطنوبكين. والحقيقة التي لم يلحظها الكثيرون في السنوات الأخيرة هي أن الصين وليست الولاياتالمتحدة وحدها قلقة من هذا الوضع.. وأن الفائض التجاري الصيني المتنامي صار مشكلة بالنسبة للقيادة الصينية.. فهذا الفائض يعكس زيادة الطلب علي السلع الصينية سواء في الخارج أو في الداخل ولذلك سمحت السلطات الصينية بزيادة سعر صرف اليوان أمام الدولار في العام الماضي بنحو 2% وتخشي تلك السلطات رفع سعر اليوان بنسبة أكبر حتي لا يؤثر علي تنافسية بضائعها في السوق العالمي ويؤدي بذلك إلي إفلاس الشركات التي تعتمد أساسا علي التصدير للخارج. وعلي جانب اَخر تقول "نيوزويك" إن الاقتصاد الصيني الذي لا يزال اقتصادا ناميا لا يمكنه أن يستوعب تدفق 17 مليار دولار شهريا عليه من دون مشكلات وأبرز مشكلات هذا التدفق حتي الاَن هي الزيادة المفرطة في معدل النمو التي بلغت 11.3% في الربع الثاني من العام الحالي وهي أكبر معدل نمو يتحقق منذ عام 1994 ويهدد بسخونة مدمرة للاقتصاد الصيني خصوصا أن الصين تحاول منذ عامين خفض معدل النمو دون أن تحقق نجاحات تذكر في هذا المجال. وتقول الأرقام إن حجم الاحتياطيات الدولارية الصينية لم يكن يتجاوز ال 180 مليار دولار في عام 2000 ولكنه قفز في العام الحالي ليصبح 941 مليار دولار وتحاول السلطات الصينية استخدام طرق شتي لعلاج الاَثار السلبية لهذا الاحتياطي الدولاري المتصاعد ومن هذه الوسائل السعي إلي الاستثمار في الخارج. وتسعي السلطات الصينية حاليا إلي تشجيع شركات التأمين وصناديق المعاشات علي استثمار نحو 8.3 مليار دولار في السندات والأوراق المالية الأجنبية، كما تشجع شركاتها البترولية علي الاستثمار المكثف في الخارج خاصة في المناطق البكر مثل أفريقيا كذلك صار لدي الصين الاَن احتياطي بترولي استراتيجي تصل قيمته إلي 30 مليار دولار ولكن هذا كله وغيره من الإجراءات لم يحل المشكلة التي صارت تمثل هما مشتركا لكل من الصينيين والأمريكيين علي حد سواء.