عندما يأتي ذكر عباقرة التكنولوجيا تقفز الي الذهن اسماء مثل بيل جيتس وستيف جوبز ولكن الناس تنسي هاسو بلاتنير علي الرغم من انه مؤسس شركة ساب (SAP) الالمانية ثالث اكبر شركات العالم في مجال البرمجيات.. وقد برهنت (SAP) علي ان اوروبا البطيئة يمكن ان تكون مبتكرة في العصر الرقمي ويمكن القول ان ما بين 20 و50% من اعمال الشركات تتم الان اعتمادا علي برمجيات هذه الشركة الالمانية واليوم في ظل التحول الذي يدخله الانترنت علي صناعة البرمجيات العالمية يتطلع الاوروبيون الي ساب مرة اخري لكي تحجز لهم مكانهم في العصر الجديد القادم. لقد كانت الشركات تستخدم اجهزة المينفريم في بداية ثورة الكمبيوتر.. ثم جاءت شركات البرمجيات لتدخل بالثورة الكمبيوترية عصر الديسكتوب.. واليوم يجري تطوير جيل جديد من برمجيات الشركات للعمل به عبر الانترنت.. وهي برمجيات ستجعل عصر الديسكتوب يبدو بطيئا ومتخلفا، ويسعي هيننج كاجرمان الرئيس التنفيذي الحالي لشركة ساب الالمانية ليدخل بشركته هذا العصر الجديد، عصر برمجيات الانترنت. وتقول مجلة "نيوزويك" ان كاجرمان وهو استاذ جامعي سابق قد وضع لشركة (SAP) اهدافا طموحة.. فشركة ساب التي تبلغ قيمتها السوقية 8.5 مليار يورو تعمل في سوق حجمه حاليا 30 مليار دولار ولكن كاجرمان يسعي الي زيادة حجم هذا السوق ليصبح 70 مليار دولار بحلول عام 2010 كما يعمل الرجل علي مضاعفة سعر سهم ساب وقيمتها السوقية. ولأجل تحقيق هذه الاهداف يجتذب كاجرمان العاملين المهرة من الشركات المنافسة وبالذات في مجال الوظائف القيادية ويغريهم بالاجور الافضل وانظمة التحفيز المتطورة والسخية.. ويمزج كاجرمان في ثقافة ساب بين منهاج الاستقرار الاوروبي وقدرة الابتكار الامريكية في توليفة جعلت هذه الشركة تخطو بقوة الي الامام، ففي التسعينيات من القرن الماضي كانت ايرادات ساب من السوق الامريكي لا تتجاوز ال 256 مليون يورو ولا يعمل لديها في امريكا سوي 68 شخصا، اما الان فقد صار السوق الامريكي ثاني اكبر سوق لبرمجيات ساب واصبح لديها عملاء كبار مثل ماكدونالدز واكسون موبيل وبلغت ايراداتها من هذا السوق في الربع الثاني من العام الحالي وحده قرابة ال 593 مليون دولار. ويقول كاجرمان انه ادرك مبكرا ان عليه ان يعولم نشاطه والا يقتصر عمله علي المانيا او حتي اوروبا وحدها ولذلك صارت ساب حاليا لها اعمال في اسواق مثل الهند والصين وبلغاريا الي جانب السوق الامريكي ويعمل كاجرمان عادة بخطط طويلة او علي الاقل متوسطة الاجل فهو لا يعول علي النتائج الربع سنوية فحسب وانما يفكر خمس سنوات الي الامام. وفي عام 2001 اتي بلاتنير بخبير اخر الي جوار كاجرمان هو شاي اجاسي - 38 عاما - لكي يسهم تكنولوجيا في دخول ساب عصر برمجيات الانترنت وقد تم اختيار اجاسي عضوا في مجلس ادارة ساب مسئولا عن الشئون التكنولوجية ولكي تكتمل التوليفة اصبحت الانجليزية وليست الالمانية هي لغة العمل الفعلية في ساب واصبحت ساب من اوائل الشركات الاوروبية التي اعتمدت علي الاسهم المختارة كأسلوب لتحفيز القيادات علي نطاق واسع. وتتعدد وتتعمق مظاهر العولمة في اعمال (SAP) وعلي سبيل المثال فان عدد العاملين غير الالمان في الشركة لم يتجاوز ال50 شخصا في عام 2001، اما الان فان نصف الفريق القيادي في ساب والبالغ عدده 65 شخصا هم من غير الالمان كما ان 80% من انتاج ساب يتم خارج المانيا. وتقول مجلة "نيوزويك" ان الشركات الالمانية صارت اكثر ثقة في نفسها عما كانت عليه من قبل وكذلك فانها تندفع في طريق العولمة بخطي ثابتة في السنوات الاخيرة.. وتعد ساب نموذجا للشركات الالمانية في هذا المجال ويؤكد كاجرمان ان ساب صار في مقدورها ان تعمل بغض النظر عن التطورات السياسية التي تحدث في المانيا او اوروبا. ان هناك من يتنبأ بان صناعة البرمجيات سوف تموت في عصر الانترنت عندما يصبح في مقدور من يريد ان يحصل عليها من الشبكة العنكبوتية مقابل اشتراك زهيد ولكن ساب واوراكل ومايكروسوفت كلها تطور برمجياتها الان كما تطور اسلوب تسويق هذه البرمجيات بحيث يتناسب مع العصر الجديد الذي اصبحت فيه شركات الانترنت الكبري شريكا في صنعه وفي جني ثماره. لقد كانت ساب هي التي نقلت في ثمانينيات القرن الماضي قوة المينفريم الي الديسكتوب وهذا انجاز مسجل لها في تاريخ ثورة الكمبيوتر ولذلك فان الجميع ينتظرون ما سوف تفعله او تحققه ساب من انجاز في عصر برمجيات الانترنت.