جدوي الدور الذي تقوم به لجان فض المنازعات لخصه الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في تصريح له مؤخرا حيث أكد أن تلك اللجان أصبحت غير ملائمة للواقع واستمرارها يعوق العدالة ويضيع الوقت. العديد من الخبراء والمحامين طالبوا بضرورة الغاء تلك اللجان لأن قراراتها اصبحت حبرا علي ورق وغير ملزمة كما أنها أصبحت وسيلة لترضية بعض القضاة المحالين للمعاش مطالبين بسرعة اصدار قانون المحاكم الاقتصادية الذي يغني عن وجود تلك اللجان. وفي المقابل أكد البعض أن تلك اللجان تساند وتدعم وتسهل عمل القضاة خاصة أن لها رؤية متخصصة في نظر الدعاوي وتسهل علي قاضي الموضوع عمله. في البداية يوضح الدكتور محمد عبدالبديع عسران نائب رئيس مجلس الدولة وأستاذ الاقتصاد أن لجان فض المنازعات تعتبر مكملة ليس لها فائدة موضحا أن وقت هذه اللجان غير كاف لدراسة المنازعة واحالتها إلي الخبراء واستماعها للشهود. ويوضح كذلك أن لجان فض المنازعات ليس لها اختصاصات المحكمة وتوصياتها غير ملزمة وتعتبر مجرد حبر علي ورق. وأكد د.عسران أن أكثر من 95% من النزاعات المعروضة علي هذه اللجان تلجأ للقضاء. ويطالب د.عسران بضرورة إنشاء المحاكم الاقتصادية المتخصصة لسرعة حل مشكلات المستثمرين بعيدا عن لجان فض المنازعات التي تستهلك الوقت ثم يلجأ الشاكي للقضاء الذي يستهل مزيدا من الوقت. قاضي واحد ومن ناحيته يوضح الدكتور عصام حنفي أستاذ القانون التجاري بجامعة الأزهر: إن المشرع اشترط ضرورة اللجوء للجان فض المنازعات قبل رفع الدعوي أمام القضاء. ويوضح أن المشكلة تكمن في أن هذه اللجان يفصل فيها قاض واحد وغالبا ما يكون من القضاة المتقاعدين مشيرا إلي أنه يمكن للجهة الحكومية كطرف للنزاع أن تضرب عرض الحائط بالتوصية التي تصدرها لجنة فض المنازعات. ويطالب د.عصام بأن تصبح قرارات لجان فض المنازعات ملزمة أو أن يتم الغاؤها حتي لا تكون مجرد تضييع للوقت. ويطالب حنفي بسرعة إنشاء المحاكم الاقتصادية التي تواجه العدالة البطيئة المتمثلة في المحاكم العادية نظرا لأن طبيعة المنازعات ذات الطابع الاقتصادي أو التجاري تتطلب سرعة الفصل في المنازعة حتي تتحقق العدالة لأنه عادة ما تتغير ظروف السوق أثناء نظر المنازعة أمام لجان فض المنازعات ثم أمام القضاء العادي مما يهدم فكرة العدالة. كما أن المحاكم الاقتصادية والكلام لحنفي تتيح وجود خبرات كافية ذات اختصاص بموضوع النزاع بدلا من القضاء العادي الذي يحيل الدعوي لخبير. اَلية مستحدثة يوضح الدكتور سمير مرقص أستاذ الضرائب بالجامعة الأمريكية أن لجان فض المنازعات اَلية مستحدثة الهدف منها الحيلولة دون وصول هذه المنازعات إلي القضاء وبالتالي تخفيض عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم مشيرا إلي أنه رغم أن هذا الهدف يبدو طيبا إلا أن تطبيقه اصطدم بالعديد من المعوقات منها: إن القائمين علي هذه اللجان مستشارون تعدوا سن المعاشات في القضاء أي أكثر من 66 عاما وبالتالي مقدرتهم علي العمل ليست بالكفاءة المطلوبة. وأضاف مرقص ان هذه اللجان خاضعة للجهات الادارية التي تتبعها وبالتالي يصل الامر الي استئذان الجهة الادارية قبل اصدار القرارات مما ينفي عن هذه اللجان صفة الحياد والاستقلال القضائي اللازم لفض أي منازعة بصورة عادلة. ومن ناحية أخري كما يقول د. سمير مرقص فان العديد من المستشارين الذين يتولون رئاسة لجان فض المنازعات يعملون في غير تخصصهم، فنجد علي سبيل المثال مستشارا متخصصا في العقارات يتصدي لمنازعة ذات طابع مالي أو تجاري. وكذلك فان عدد هذه اللجان قليل جدا بالنسبة للقضايا التي تعرض عليها وبالتالي تلجأ للتأجيل لمرات عديةد مما يعوق العدالة. مشيرا الي ان بعض المستثمرين يلجأون لهذه اللجان كمجرد اجراء شكلي قبل استكمال خطوات اللجوء للقضاء. ويطالب د. سمير مرقص بفصل لجان فض المنازعات عن الجهات الادارية وأن يكون مقرها وزارة العدل وأن يكون اختيار المستشارين الذين يتولون رئاستها تبعا لتخصصاتهم مما سيؤدي الي تحسين عمل هذه اللجان. وسيلة رزق أما الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشوري فيقول ان لجان فض المنازعات مجرد وسيلة رزق وترضية للقضاة بعد احالتهم علي المعاش موضحا ان هذه اللجان تستهلك ملايين الجنيهات تصرف كمرتبات ونفقات دون أن تتحقق منها فائدة. ويوضح شوقي السيد انه قد صدر منشور من وزارة المالية ومن الجهاز المركزي للتنظيم والادارة يلزم الجهات الادارية بعدم تنفيذ قرارات وتوصيات هذه اللجان الا بعد العرض عليها ومما يهدد استقلالية رأي هذه اللجان ويجعل توصياتها غير ملزمة. غير ملزمة وأوضح طارق نجيدة المحامي بالنقض أنه لا توجد قضية واحدة قوية تم حلها امام لجان فض المنازعات، وأن هذا طبيعي طالما ان قرارات هذه اللجان غير ملزمة. ويتفق طارق نجيدة مع الرأي القائل بضرورة الغاء هذه اللجان مؤكدا إنها مضيعة للوقت. ومن جانبه يوضح مدحت مبارك المحامي أمام مجلس الدولة ان هناك العديد من القضايا الخاصة بالعلامات التجارية وكذلك المنازعات الخاصة بتخصيص الأراضي للمستثمرين مرفوعة أمام القضاء، بعد ان فشلت لجان فض المنازعات في حلها نظرا لأنها تصدر قرارات غير ملزمة أو أنها تصدر توصية بأنها ليست جهة اختصاص. تدعيم وتبسيط أما الرأي الوحيد الذي جاء علي عكس كل الآراء السابقة في صالح لجان فض المنازعات فهو للدكتورة سميحة القليوبي استاذ القانون التجاري بجامعة القاهرة والتي تري ان لجان فض المنازعات تسهل "تدعم وتبسط" الدعوي المرفوعة امام القضاء نظرا لان هذه اللجان تصدر رأيا مدعما بالمستندات والبراهين مما يسهل علي القاضي أن يحكم في القضية وبالتالي فان هذه اللجان هي مرحلة مهمة من مراحل التقاضي توفر علي القاضي فحص الملف من بدايته. وتضيف القليوبي ان هذه اللجان كانت فعالة للغاية عندما كانت الوزارات ملتزمة بتنفيذ قراراتها، مشيرة الي ان كل مشكلة هذه اللجان ان الحكومة جعلت قراراتها غير ملزمة. وفي توضيح من المستشار مصطفي سلمان عضو الأمانة الفنية للجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار يؤكد أن اللجنة والتي نصت عليها المادة 16 من القانون 8 لسنة ،1997 مختصة بالفصل في المنازعات الخاصة بالمستثمرين مع الجهات الادارية وقراراتها ملزمة لهذه الجهات دون الاخلال بحق اللجوء للتقاضي. ويوضح مصطفي سلمان ان اللجنة الوزارية حققت العديد من حالات النجاح واستطاعت حل مشكلات المستثمرين دون الحاجة للجوء للقضاء كما ان المستثمر يستطيع ان يلجأ للقضاء مباشرة دون ان يضطر مجبرا ان يلجأ للجنة الوزارية وهذا علي عكس لجان توفيق المنازعات والتي اصدرها القانون 7 لسنة 2000 والتي اعتبرها المشرع خطوة ضرورية قبل اللجوء للقضاء وتهدف الي تخفيف العبء عن المحاكم ولكن قرارتها غير ملزمة للجهات الادارية. كما ان هذه اللجان والكلام لسلمان خاصة بكل منازعة طرفها جهة ادارية مع أي طرف آخر قد يكون مستثمرا أو موظفا حكوميا أو غيره.