بعد موافقة البنك الدولي مؤخرا علي منح نصف مليار دولار قرضا ميسرا لدعم وتمويل سياسات اصلاح القطاع المالي المصري والذي سيسدد علي 18 عاما بفائدة ميسرة وفترة سماح 6 سنوات .. اختلف الخبراء حول الموافقة السهلة للبنك الدولي علي هذا القرض "النظيف" فمنهم من ارجع ذلك الي مباركة البنك للخطوات الاصلاحية التي تقوم بها الحكومة المصرية ولاسيما ان القرض سيخصص لدعم برنامج الاصلاح المصرفي بالبنوك وكذلك علي الاصلاح المالي للمؤسسات المالية غير المصرفية مثل شركات التأمين والتمويل والتأجير التمويلي. ولكن علي جانب آخر تخوف البعض من الالتزام المطلق بشروط البنك الدولي الاصلاحية والتي تحمل بعض الاحيان في بعض الخطورة غير المنظورة علي الاقتصاد القومي. وقرض البنك الدولي ينتظر حاليا موافقة مجلس الشعب المضمونة كي يضخ في الاجندة المصرفية. والاسئلة التي تطرح نفسها عند الحديث عن أي قرض خارجي هو هل يفرض هذا القرض التزامات علي الحكومة ستكون مطالبة بتنفيذها وفق جدول زمني محدد ؟ وهل يفرض البنك الدولي اجندته الاصلاحية علي القطاع المصرفي ام ان الحكومة ستضع تصوراتها وخطط الاصلاح لهذا القطاع حسب رؤيتها وجدولها الزمني وفي ظل الامكانيات المتاحة؟ وهل تتطلب مثل هذه القروض الميسرة من البنك الدولي موافقة مجلس الشعب بإعتباره قرضا خارجيا وما أوجه الاعتراض التي قد يبديها المجلس علي هذا القرض او غيره من القروض الميسرة؟ الدولة صاحبة المبادرة الاصلاحية وليس البنك الدولي هذا ما تؤكده الدكتورة سحر نصر الخبيرة بالبنك الدولي ومسئولة القطاع المالي بالبنك وتشير الي ان برنامج الحكومة الذي قدمه الرئيس حسني مبارك العام الماضي في برنامجه الانتجابي فيما يتعلق باصلاح القطاع المالي والذي التزم به البنك المركزي بالنسبة للبنوك، وكذلك وزارة الاستثمار بالنسبة للمؤسسات المالية غير المصرفية والتي تتمثل في شركات التأمين والتمويل العقاري والتأخير التمويلي والبورصة وسوق المال. وأضافت أن الدولة التزمت بماوضعته في البرنامج من خطط بل وفاق انجازها الجداول الزمنية الموضوعة من قبلها حيث تم بيع 12 حصة مشتركة من حصص المال العام في بنوك مشتركة رغم ان الجدول الموضوع خلال الفترة الزمنية الماضية كان يهدف للتخلص من 8 حصص فقط. وأكدت سحر نصر ان الدولة التزمت بماوضعته من برنامج لاصلاح هذا القطاع فيما يتعلق باعادة هيكلة البنوك وادخال تكنولوجيا منظورة مشابها لما هو موجود في البنوك الاجنبية وكذلك ملتزمة ايضا بتقوية ادارة البنوك من خلال تقوية اداء البنك المركزي ودوره الرقابي مشيره الي انه تم انجاز العديد من الاجراءات الاصلاحية في هذا القطاع من اهمها تسوية مديونيات القطاع العام لدي بنك الاسكندرية والاعلان عن دمج بنكي القاهرة ومصر والعمل في الاجراءات التنفيذية لهذا الدمج.ترفض سحر الخبيرة بالبنك الدولي ما يشاع بان قروض او منح البنك الدولي ترتبط بفرض شروط علي الدولة المفترضة من اجل الاسراع في عمليات الخصخصة والبيع. مؤكدة ان البنك الدولي لا يفرض اجندة اصلاحية علي الدولة المتقدمة بالقرض وانما هي التي تقدم برنامجها الاصلاحي والبنك يقدر ما اذا كان القرض سيمنح ام لا وذلك من خلال متابعته لاداء هذه الدولة ومدي التزامها بما قدمته من برنامج وهو ما حدث بالنسبة لمصر. حيث كانت القصور من جانب البنك الدولي تجاهها يختلف عن الآن حيث ان الحكومات السابقة كانت قد اعلنت في التسعينيات عن بدء تطويرها للجهاز المصرفي وتهيئة المناخ امام المنافسة الاجنبية وكذلك الاعلان عن بيع احد بنوك القطاع العام وهو ما لم يحدث. لكن- والكلام لسحر-عندما تقدمت الحكومة الحالية منذ قرابة عام بطلب هذا القرض من البنك الدولي كان التصور انها لن تلتزم بها جاء في برنامجها لكن ما حدث كان علي عكس كل توقعات قيادات البنك الدولي وهو مادفعنا كمسئولين عن البنك في مصر وكمصريين توضيح الصورة كاملة وهو ما قوبل باستحسان من الجميع. أما ما يشاع بأن البنك يفرض الخصخصة فهذا غير صحيح -من وجهة نظر سحر- والدليل ان اعلان الحكومة عن بيع الاسكندرية كان من المفترض ان يتم خلال شهر مارس او مع نهاية النصف الحالي من العام الجاري وهو ما لم يحدث والبنك يقدر ذلك ولا يضغط كما يتصور البعض ويقدر ظروف الدولة في عدم التسرع بالبيع حتي لا يتسبب هذا الضغط عليها في اجبارها علي البيع في توقيت غير مناسب أو بسعر غير ملائم من جانب المشترين. وأوضحت انه بمجرد موافقة مجلس الشعب علي منح القرض سيبدأ البنك في دفع قيمته للبنك المركزي وهو المسئول عن توزيعه علي البنوك كيفما يشاء.