أثارت الانتقادات التي وجهها مجلس الدولة مؤخراً في المذكرة الرسمية التي بعث بها للحكومة بأن مشروعات القوانين التي ترسل بها إلي البرلمان لمناقشتها دون عرضها علي المجلس ردود فعل متباينة بين رجال القضاء والأعمال وأساتذة القانون وأكدوا ان محاولات الحكومة لحل هذه المشكلة مازالت سطحية ولم تأت بأي نتائج واضحة سواء في دوائر الاستثمار التي أنشأتها مؤخراً في القضاء الإداري أو المحاكم الابتدائية ولاتزال المعاناة قائمة بل تعد من المعوقات الأساسية "لتطفيش" المستثمرين. ويقول الخبراء إن الحلول باتت معروفة بعد ان طرحتها أجهزة الإعلام المختلفة علي لسان رجال الأعمال وخبراء وأساتذة القانون وتتمثل في إيجاد دوائر قضائية يشكل أعضاؤها من قضاة متخصصين وتضم في عضويتها نخبة من كبار ممثلي منظمات الأعمال والبنوك والمؤسسات المالية المختلفة وان يتوافر لهذه الدوائر الأجهزة الفنية المعاونة التي تقوم بسرعة إنجاز الأعمال المناط بها كالخبراء الفنيين والمترجمين وان تختصر إجراءات التقاضي وتسد الثغرات الموجودة في القوانين بحيث تصبح الدعوي جاهزة للفصل فيها بمجرد تقديمها إلي الدائرة التي تنظرها ولا تقبل إذا كانت هناك مستندات ناقصة. رغم ما أثاره مجلس الدولة من زوابع بأن الحكومة أعدت مشروع قانون للمحاكم الاقتصادية يسلب بمقتضاه سلطة المجلس في نظر القضايا التي يختص بها القضاء الإداري وقدم النصيحة للحكومة بأن مثل هذا المشروع يشوبه العوار الدستوري فإن الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشوري وأستاذ القانون يؤكد ان هذه الزوبعة ليس هناك داع لإثارتها لأن مجلس الدولة استمد معلوماته عن مشروع قانون المحاكم الاقتصادية مما نشرته الصحف في هذا الصدد لكن في الواقع ليس هناك مشروع قانون للمحاكم الاقتصادية قد تم وضعه أو صياغته من قبل الحكومة. إنذار للحكومة اعتبر شوقي هذا الانتقاد أو المذكرة التحذيرية التي أعدها مجلس الدولة بمثابة إنذار أو تحذير من المجلس للحكومة بأن هذا المسلك مخالف للدستور الذي أكد علي اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في الدعاوي والمنازعات الإدارية والتأديبية. ويضيف انه يعتبر هذه المذكرة التي أعدها المجلس بمثابة تحذير للحكومة من مشروعات القوانين التي لا تعرض عليه لمراجعتها خاصة وانه اشتكي كثيراً بأن القوانين لا تعرض عليه لمراجعتها مما يترتب عليه مخالفات دستورية كثيرة لكنه أشار إلي ان المنازعات في مجال الاستثمار لا تكون مقصورة فقط علي رجال الأعمال والجهات الإدارية لكن هناك المنازعات بين الأفراد أو الشركات الاستثمارية الخاصة بعضها البعض وهناك منازعات بين الأفراد والبنوك وشركات التأمين بل ان هناك منازعات بين الأفراد والجهات الإدارية لكن هذه العقود لا تكون ممثلة فيها هذه الجهات كسلطة حكومية وبالتالي يطبق عليها القانون التجاري المدني. ويطالب د. شوقي السيد بأن تكون هناك حلول جذرية للمشكلة.. فرجل الأعمال لا يعنيه قضاء إدارياً أو مدنياً لكن ما يسعي إليه ان يكون هناك سرعة في حسم هذه المنازعات لضمان عودة حقوقه إليه وهكذا الحال بالنسبة للشركات والهيئات الاستثمارية. قانون سوق المال أما الدكتورة سميحة القليوبي أستاذ القانون التجاري بحقوق القاهرة والمحامية بالنقض فترجع بالخلاف بين مجلس الدولة والحكومة إلي فترة تطبيق المادة العاشرة فقرة "2" من قانون سوق المال التي كانت تحث علي ان يكون التحكيم اجباريا عندما يصدر قرار من الجمعية العمومية بشركات المساهمة ولا يراعي فيه حقوق الأقلية وقضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذه المادة، مشيرة إلي ان احكام التحكيم الصادرة برغبة الطرفين وارادتهما أيضا في التحكيم فإن الطرف الخاسر للتحكيم يلجأ إلي القضاء العادي للطعن بالبطلان أو العيب في الإجراءات ونظراً لأن دوائر القضاء المدني تعج بملايين القضايا فإن احكام التحكيم أيضا لا تصبح جاهزة للتنفيذ إلا بعد مرور 4 أو 5 سنوات في المتوسط مما أضاع الميزة النسبية التي كانت تتحلي بها احكام المحكمين في سرعة اصدارها رغم التكلفة المرتفعة. تقول د. سميحة إن قضايا الإغراق علي سبيل المثال يكون بها شق مستعجل والمفروض ان تفصل فيها المحكمة بعد فترة زمنية يجب ألا تزيد علي شهر لكننا نجد المحكمة تمنح مهلة للفصل فيها لا تقل عن عام كامل بل قد تصل إلي 3 سنوات ومثل هذه الإجراءات تعني القضاء علي حقوق المستثمرين وضياع رؤوس أموالهم والمطلوب تحديد فترة زمنية لحسم النزاع لا تزيد علي ستة أشهر وهذا يتطلب زيادة الدوائر التي تنظر قضايا الاستثمار والمستثمرين بحيث لا يؤثر قصر الفترة الزمنية علي جودة الاحكام الصادرة وسلامتها مما يتطلب أيضاً توفير الأجهزة المعاونة والارتقاء بأدائها من خلال تحديث هذه الإدارات.