إسهاما من الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة قطر في تضميد جراح قطاع النقل البحري بعد كارثة عبارة السلام 98 قامتا بإهداء مصر أربع عبارات لنقل الركاب للعمل علي خط البحر الأحمر الملاحي، وقد أعلن المهندس محمد منصور وزير النقل أن شركة خاصة هي التي ستتولي إدارة من العبارات الأربع لضمان السلامة للركاب والإدارة المؤهلة علميا لتولي مثل تلك المسئولية الضخمة. إعلان الوزير أثار مخاوف الكثيرين خاصة وأن شركة خاصة وهي الشركة السلام تعد المسئولة الأولي عن أكثر من كارثة بحرية شهدتها مصر في السنوات الأخيرة. تحقيقنا التالي ناقش هذه القضية مع عدد من المختصين بشئون الملاحة البحرية. سلامة الإبحار بداية يقول اللواء هشام السرساوي رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر إنه سواء تولت إدارة العبارات الجديدة شركات خاصة أو حكومية فيجب أن تكون لديها خبرة عريضة بالعمل بالبحر ومجابهة المواقف المختلفة. ويوضح أن الشركة المديرة لابد أن تضع نصب أعينها أن تكون طواقمها مدربة تدريباً جيدا. مشيرا إلي ضرورة ألا تضع الشركة أمام أعينها الكسب السريع وأن يكون الأهم لديها أمن وراحة الركاب.. مؤكدا أنه لابد أن تخضع تلك الشركة لجميع قوانين هيئات الاشراف الدولية والمصرية العاملة في الملاحة البحرية. ويؤكد أنها لابد أن تتقيد بجميع التعليمات من هيئة موانئ البحر الأحمر والتي تؤدي إلي ابحار آمن إلي العبارات وحسن معاملة الركاب إلي جانب التفتيش علي جميع وسائل الأمان المختلفة. ويشير إلي أن هذه الشركات يجب أن تلتزم بعمل تدريب واقعي للركاب علي التصرف في المواقف المختلفة بحيث تتلافي حدوث أي كوارث.. ففي الفترة القادمة سنلجأ إلي تشغيل أفلام فيديو في قاعات خاصة داخل العبارات لنعلم الركاب كيفية التعامل في الظروف المختلفة وكيفية التعامل مع وسائل الأمان ومعرفتهم المخارج المختلفة للسفينة. الإدارة العشوائية ويري محمد أنور السادات عضو مجلس الشعب ولجنة العلاقات الخارجية والقبطان البحري السابق أن قرار اسناد إدارة العبارات الجديدة التي سترد من الخارج لشركة خاصة لضمان توافر عنصري الكفاءة والخبرة يضعنا أمام تساؤل حول مدي كفاءة الشركة الخاصة المقترحة خاصة أن كارثة عبارة الموت تسببت فيها الادارة العشوائية لشركة خاصة. ولكن الجانب الجيد في الأمر أن الكوادر المصرية الكثيرة التي تعمل في هذا المجال منذ سنوات عديدة علي سفن بالخارج والتي تملك من الكفاءة والخبرة والتدريب الفني ما يؤهلها لإدارة واعية للعبارات الجديدة ستجد فرصة للعمل علي عبارات مصرية. ويضيف السادات أن الجانب الاقتصادي له دور مهم في النهوض بكفاءة الشركة وقدرتها علي الإدارة السليمة بمعني ضرورة توافق العائد الاقتصادي لتذاكر السفن مع نوعية الركاب وهو الأمر الذي يكفل حدوث صيانة دورية للاتصالات السلكية واللاسلكية بالعبارة علي سبيل المثال ومن ثم ضمان إجراء الطاقم للاتصال اللحظي في حالة حدوث مشكلة. وهو الأمر الذي يصب بدوره في استراتيجية متابعة خط سير العبارة أثناء رحلتها في البحر ومداومة الاتصال بها. ويؤكد السادات أن التحدي القادم خلال الأيام القادمة هو وجود تنسيق تام بين الحكومة والشركة المختصة بالإدارة وشركات التقييم العالمية لضمان حل مشكلة شهادات الصلاحية الخاصة بالعبارات والقضاء علي ثغرة اصدار ملاك العبارات لشهادات صلاحية جديدة لنقل عدد مضاعف من الركاب ومن ثم تحقيق مكاسب سريعة علي حساب المواطن المصري البسيط لذلك فإن الدور الاساسي للهيئات والمؤسسات الحكومية يكمن حيث ضمان وجود آلية متطورة لمتابعة وضمان عنصر الأمان والسلامة البحرية. ويري السادات أن سر مشروع الحكومة في اسناد إدارة هذه العبارات للشركات الخاصة علي وجه التحديد هو ضمان سرعة اتخاذ القرارات والوصول إلي أعلي درجات الكفاءة في الإدارة وهو اتجاه يواكب استراتيجية الحكومة الرامية إلي الخصخصة بالاضافة إلي معاناة القطاع الحكومي مؤخرا من مديونيات متفاقمة لعلها حالت دون القيام بمسئولية الإدارة هذه، لذلك ففكرة اسناد إدارة هذه العبارات لشركة استثمارية خاصة يشارك فيها كل من البنوك وشركات التأمين هي فكرة صائبة. الأهداف المرجوة فيما يؤكد "عادل شكري".. ربان أعالي البحار أن الأزمة التي تعرضت لها مصر مؤخرا وأعني بها كارثة العبارة 98 وما خلفته من ضحايا أدت إلي فقدان الثقة في الشركات الخاصة بوصفها شركات تسعي لجني مكاسب طائلة من خلال التحكم في الركاب لذلك فإننا إذا كنا ننشد بالفعل تحقيق الأهداف المرجوة من الشركة المسئولة عن إدارة العبارات الاربع الجديدة ينبغي اسناد هذه الادارة إلي شركة استثمارية تقوم الحكومة المصرية بتأسيسها علي أن تكون هذه الشركة تابعة للشركة القابضة للنقل البحري وتخضع لاشرافها المباشر والمثال الواضح في ذلك هو الشركة الوطنية للنقل البحري وهي شركة استثمارية تختص بنقل القمح من استراليا وقد استطاعت احراز نجاح كبير في إدارة العبارات التي تمتلكها. ويضيف عادل شكري أن العامل الأول لانجاح هذه الشركة يكمن في الاستعانة بخبراء لهم باع لا يستهان به في فتون الإدارة علي أن يتم إعادة النظر في الاجيال الجديدة التي يتم تخريجها سنويا من الاكاديمية البحرية وتوفر منهجية نظرية وعملية بهم تكفل تلقينهم أرفع مستويات التدريب. الإدارة النزيهة ويري حاتم القاضي اللواء البحري ورئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية أنه بصرف النظر عن اسناد إدارة العبارات الاربع الجديدة الواردة من قطر والسعودية إلي شركة خاصة أو حكومية ينبغي الالتزام التام بأسلوب الإدارة العشوائية التي تسعي إلي توزيع تذاكر مجانية علي سبيل المجاملة كما حدث في عبارة السلام 98 والتي حدث فيها الكارثة اتضح وجود أكثر من 600 شخص علي متن السفينة بدون تذاكر. ويضيف القاضي أن شرعية الادارة السليمة في حد ذاتها تكمن في تطبيق قانون السلامة البحرية بشيء من الحزم والصرامة وتنفيذ معايير الرقابة ومتابعة الأداء بغرض الحفاظ علي أرواح الطاقم والركاب علي حد سواء مع الوضع في الاعتبار الدور المسئول الذي ينبغي أن تسند إلي الجهات الحكومية المختصة مثل وزارة النقل بوصفها كياناً رقابيا يضمن سلامة تنفيذ القواعد وصلاحية التراخيص وردع الخارجين عن القانون.