أعلن محمود عطا الله نائب رئيس هيئة الاستثمار أنه يجري حاليا استكمال منظومة تحسين مناخ الاستثمار المصري، والتغلب علي مشكلات وصفها ب "الكبيرة"، وعلي رأسها تصفية الشركات والانسحاب من السوق، مشيراً إلي أن هناك بعض الشركات الأجنبية التي تم تصفيتها منذ 12 عاماً ومازالت حبيسة في السوق المصري. وحول هذه القضية وقضايا أخري تتعلق بمناخ الاستثمار كان ذلك الحوار الذي أجرته "الأسبوعي" مع نائب رئيس هيئة الاستثمار. * تعتبر الاستثمارات الأجنبية أحد الطرق الأساسية للتمويل بدلاً من اللجوء إلي الاقتراض، فما تقييمكم لوضع هذه الاستثمارات في هذا الشأن؟ ** لن تتحقق خطة التنمية في مصر والتي تهدف تحقيق معدل نمو يصل إلي 6%، إلا عن طريق جذب الاستثمارات الخارجية وخاصة ان الاستثمارات المحلية لا تكفي لتعويض الفجوة الحالية، وإذا نظرنا إلي ما تم تنفيذه خلال الفترة الماضية، سنجد أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بدون البترول تضاعف من 407 ملايين دولار عن العام المالي 2003 2004 ليصل إلي حوالي مليار دولار عن العام المالي الماضي، ووصلت هذه الاستثمارات خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 6.2 مليار دولار، تتضمن استثمارات واردة من تأسيس شركات أو زيادة في رؤوس الأموال بنحو 2 مليار دولار مقابل 9.429 مليون دولار في النصف الأول من العام المالي الماضي. * أبدي المستثمرون الأتراك الذين يستهدفون إقامة منطقة صناعية متكاملة للغزل والنسيج تخوفهم من عدة نقاط لعل أولاها هي المتعلقة بتحويل الأرباح فهل مصر أصبحت خالية من المشكلات الخاصة بجذب الاستثمار؟ ** لو جاء أي مستثمر إلي مصر وهو غير مطمئن إلي انه يستطيع تحويل ربحه أو رأسماله فلن يأتي، وبالرغم من ذلك فإن العمل يجري حاليا للتغلب علي مشكلات كبيرة منها علي سبيل المثال كيفية خروج المستثمر الأجنبي في حالة تصفيته للشركة، وخاصة ان هناك بعض المؤسسات الأجنبية تم حبسها في مصر بعدان أغلقت أبوابها منذ أكثر من 12 عاما، ولم تستطع الخروج، وتتعلق المشكلة هنا بالشركات الأجنبية المحترمة والتي تلتزم بالقواعد والقوانين المطبقة في بلدها والتي تتضمن ضرورة الحصول علي ما يفيد عدم وجود أي مديونية أو التزامات في البلد التي سوف يخرج منه. ويجري العمل حالياً علي هذه المخاوف من خلال تعديل القوانين الخاصة بالتصفية والإفلاس وخلافه إضافة إلي إصدار القرارات الخاصة بهذا الشأن من الوزارات المعنية والبنك المركزي وهو ما سيمنح المناخ الاستثماري في مصر جواً مريحاً. * ولكن الأتراك أعلنوا تخوفهم من الاستثمار في مصر بسبب ما سمعوه من بعض رجال الأعمال المصريين بأن المناخ الاستثماري مليء بالصعوبات والتعقيدات؟ ** لو لم يكن هؤلاء المدعون يحققون ارباحاً لما قالوا ذلك، وهم قلة من رجال الأعمال قصيري النظر ولكن إذا كنا نريد ان نكون سوقاً جاذباً للاستثمار في الملابس الجاهزة والمنسوجات لابد من تحقيق حجم إنتاج كبير لكي يكون هناك اختيارات متعددة، وإذا نظرنا علي سبيل المثال نشاط مثل السياحة، فلكي أجعل منطقة العين السخنة علي الخريطة العالمية فلابد ان يتم تحقيق حد أدني من الغرف يتيح لشركات السياحة الترويج للمنطقة. وأري ان هؤلاء القلة دائماً ما يخشون المنافسة التي لم يعتادوا عليها فهم يخشون جودة الصناعة التركية ويخافون مواجهة رخص المنتجات الصينية. * بالرغم من عدم تحديد الأتراك بعد نوعية الاستثمار سواء كان داخليا أو علي غرار المناطق الحرة لإقامة منطقتهم الصناعية، كيف تري النظام الأفضل لإنشاء ذلك المشروع؟ ** أنا أفضل ان يكون استثمارهم داخلياً لكي يدفعوا الضرائب وخاصة ان ما تم تنفيذه من إصلاحات ضريبية مؤخراً يجعل مصر من أفضل دول العالم تشجيعاً للاستثمار وأيضاً، فإن هؤلاء المستثمرين لو لم يدفعوا ضرائب هنا في مصر سيدفعوها في تركيا لعدم وجود ازدواج ضريبي بيننا وبينهم، ولذلك فإن من المصلحة توفير البيئة الاستثمارية المناسبة للاستثمار الداخلي. * لقد عرض الأتراك أيضاً إمكانية ان تقوم الهيئة بإقامة المصنع لهم وبعد ذلك يستأجرون لبدء نشاطهم فهل هذه الآلية متوافرة في مصر؟ ** يحتاج ذلك أولاً إلي منظومة متكاملة وعلي سبيل المثال فإن الرهن العقاري لو بدأ عمله سنجد مؤسسات ترغب ان تقوم بأعمال البناء والتأجير وهي ما تسعي إليه وزارة الاستثمار الآن بالتعاون مع وزارتي الصناعة والإسكان وبعدها سوف يكون هناك مجال للربح ودخول المستثمرين في نشاط التخطيط، وهو ما نسعي لتفعيله أيضاً في المناطق الصناعية وخاصة في بعض الصناعات ذات الشكل الموحد مثل العنابر التي يتم بناؤها بمقاييس دولية ليدخل المستثمر ويضع بها خط إنتاجه ليبدأ العمل. * وهل كان للهيئة تجارب سابقة في هذا الشأن؟ ** بالرغم من عدم وجود هذه المنظومة في مصر فقد قدمتها الهيئة في نطاق ضيق وبشروط وضمانات تضمن من خلالها استرداد أموالها، وتم تنفيذ ذلك في 12 مشروعاً في نشاط الغزل والنسيج ومكونات السيارات باستثمارات بلغت نحو 60 مليون جنيه، ولكن الأهم من ذلك ان المشروع يتوقف علي ماهيته، وهل سيقود من ورائه صناعات أخري مكملة أم سيعطيني معرفة جديدة أم سيقوم بتشغيل العمالة، وبالرغم من ذلك أيضاً فالهيئة لها حدود في هذا الشأن لأن ذلك في الأصل ليس عملها، ولكنه عمل القطاع الخاص بشرط ان نوفر له المنظومة المناسبة. * وماذا عن دخول الهيئة مؤخراً في شركات؟ ** ليس الهدف من ذلك ان تشارك الهيئة مشاركة مالية مؤثرة، ولكن تشجيع شركائها في التنمية في الصعيد وفي المناطق التي تقررها الدولة علي ان يستفيدوا من إمكانياتها من خلال الخبرات والدراسات والتواجد والانتشار في كل أنحاء مصر.