علي الرغم من أن شركة بروكتر اند جامبل قد حصلت علي المركز الثالث في قائمة الشركات الأمريكية الجديرة بالإعجاب فإن رئيسها اَلان لافلي يبدو مكروبا وهو يقول إن النمو أصبح مسألة صعبة وأنه يصبح أصعب كلما كبرت الشركة.. والمفارقة أن ما يثير الإعجاب في مسيرة بروكتر اند جامبل هو عودتها تحت قيادة لافلي في السنوات الخمس الأخيرة إلي النمو في الأرباح والإيرادات وهي المهمة الصعبة التي اضطلع لافلي بتحقيقها دون كلل.. وفي العام الماضي قام لافلي بشراء شركة جيليت وهي اسم كبير في عالم الحلاقة مقابل 57 مليار دولار وزاد بذلك حجم بروكتر اند جامبل التي يبلغ عمرها 169 سنة بنسبة 20%، وقبل ذلك بعامين اشتري لافلي شركة ويللا الألمانية لصناعة الشامبو مقابل 5.7 مليار دولار وكان قد اشتري قبل عامين اَخرين شركة كليرول وهي شركة أخري لمواد العناية بالشعر مقابل 5 مليارات دولار. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن لافلي جعل من استمرار بروكتر اند جامبل في النمو مهمته الأساسية منذ توليه قيادتها عام 2000.. وقد حاولت الشركة في التسعينيات أن تنمو عن طريق الاعتماد علي الابتكار والإنفاق علي الأبحاث والتطوير ولكنها لم تفلح وعندما تولي لافلي القيادة غير استراتيجية النمو وراح يعتمد كما أشرنا علي عمليات الاندماج والاكتساب إلي جانب الأبحاث والتطوير. والحقيقة أن لافلي هو أحد أبناء بروكتر اند جامبل الذين قضوا حياتهم كلها بين أروقتها ولكنه لم يكن ابنا تقليديا وإنما كان يجمع في فكره بين القديم والجديد، وقد تعلم في كلية هاميلتون وهي كلية للفنون في نيويورك.. كما حصل بعد ذلك علي ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هارفارد.. وقد كانت خدمته في بروكتر اند جامبل حافلة بالابتكارات. وفي التسعينيات تولي لافلي قيادة العمليات الاَسيوية لشركة بروكتر اند جامبل وكان يدير هذه العمليات من مقره باليابان.. وبعد ذلك تولي مسئولية قسم الجمال في مختلف أسواق العالم وصار هذان القسمان فيما بعد جزءا من استراتيجيته لتحقيق النمو في بروكتر اند جامبل.. وقد زادت مبيعات الشركة في السوق الصيني علي سبيل المثال من 90 مليون دولار عام 1993 لتصبح 3 مليارات دولار سنويا في الوقت الراهن. ولا شك أن تكوين لافلي غير التقليدي قد ساعده علي تطوير ثقافة بروكتر اند جامبل لكي تتناسب مع ثقافات مختلف الأسواق كما جعله يعتمد علي العاملين من الشباب في المقام الأول حيث لا يتجاوز متوسط سن العاملين في الشركة حاليا ال 38 عاما، كما أن 40% من قوة العمل قد جاءت مع الشركات التي قام بشرائها. ومن الحقائق ذات الدلالة كما تقول مجلة "الإيكونوميست" إن لافلي قام بإدخال تغييرات واسعة علي الإدارة العليا بالشركة فمن بين أكبر 35 مديرا في الشركة عام 1999 لم يعد باقيا إلي الاَن سوي 10 فقط والباقون قام بتغييرهم. ومن بين أكبر 44 مديرا وردت اسماؤهم في تقرير بروكتر اند جامبل عن عام 2005 نجد أن نصفهم ولد خارج أمريكا وأنهم ينتمون إلي جنسيات متنوعة من فلسطين إلي كولومبيا إلي موزمبيق. أما النساء فإن حظهن مع لافلي كان جيدا، ففي عام 1999 لم يكن فريق الإدارة العليا للشركة يضم سوي 3 سيدات صار عددهن الاَن 6 أي أن العدد قد تضاعف.. ومع ذلك فإن وجود 6 سيدات فقط ضمن فريق الإدارة العليا البالغ عدده 44 شخصا في شركة تهتم بالجمال والصحة يعتبر نقطة ضعف خصوصا إذا عرفنا أن أرباح الشركة من منتجات التجميل قد تضاعفت في السنوات الخمس الأخيرة. والحقيقة أن النمو هو جوهر فلسفة لافلي في إدارة بروكتر اند جامبل، كما أنه يعتمد في التسويق علي اسماء الماركات العالمية التي تنتجها شركته ولكنه يلجأ أيضا إلي المتاجر الشهيرة التي يؤمها الناس ومن بينها متاجر الخصم وول مارت التي يتسوق منها أسبوعيا نحو 120 مليون شخص.. وتحقق بروكتر اند جامبل 17% من جملة مبيعاتها العالمية حتي الاَن عن طريق متاجر وول مارت. يبقي أن نشير إلي أن الاندماج بين بروكتر اند جامبل وبين جيليت لم يكتمل حتي هذه اللحظة نظرا لاختلاف توجهات الشركتين، فشركة جيليت التي تنتج أمواس الحلاقة وفرش الأسنان تبيع منتجاتها أساسا للرجال أما الأخري التي تنتج الكريمات ومستحضرات التجميل فتبيع منتجاتها للنساء وسوف يحتاج الأمر إلي 15 شهرا أخري أو ربما سنة واحدة لكي تهضم بروكتر اند جامبل مشكلات هذا الاندماج ولكن لافلي الباحث عن النمو سيواصل السعي من أجل شراء شركة أخري أو اقتحام سوق جديد.