هل صحيح ان ميثاق الشرف واخلاقيات المهنة غائبان عن سوق تكنولوجيا المعلومات..فهي في حقيقتها مبادئ من شأنها تنظيم السوق، وبنظرة فاحصة لسوق المعلومات العالمي والمحلي ايضا نجد انه لا يخلو من المنازعات التي تنشب بين الشركات وبعضها او بين الشركات ومبرمجيها، وكثيرا ما تعود هذه المنازعات لانعدام اخلاقيات المهنة التي تدفع شركة لاغراء مبرمج يعمل لدي شركة اخري، وقد ينصاع المبرمج للاغراء ويترك شركته دون سابق انذار إما لانه ضاق صدره من الممارسات السلبية التي تقع عليه من جانب الشركة سواء اكانت انعدام التقدير المادي او اهدار حقه في الترقي. وقد يعود سبب تركه الشركة الي طمعه في العائد المادي وفي هذه الحالة يضرب بحقوق الشركة التي قامت بتأهيله عرض الحائط بحثا عن مصالحه الشخصية. "العالم اليوم" فتحت هذا الملف الذي يمس الكثير من النقاط المؤلمة في السوق المصري. ينفي أسامة الديب مدير ادارة توفير البرامج لمنتجي الحاسبات بمايكروسوفت وجود نظام موحد تستند اليه الشركات في تنظيم علاقتها بالمبرمج، مشيرا الي ان هذه المسألة ترجع الي اعراف تطبقها الشركات بصفة ودية عند تبادل المبرمجين فيما بينها وقد يلتزم بها البعض ويهملها اخرون. ويوضح الديب ان هذة الاعراف تقضي بعدم التعامل مع مبرمج يعمل في شركة اخري الا بالرجوع الي الشركة المتعاقدة معه لضمان اخذ التدابير اللازمة لخلو مكانه ولكن هذا الاسلوب يفشل امام تعسف بعض الشركات تجاه مبرمجيها حيث تمارس عليهم اساليب الضغط المادي والمعنوي. ومن ناحية اخري، يؤكد ان طبيعة سوق تكنولوجيا المعلومات التي تطبق فيها آليات السوق تفقد مواد قانون العمل فاعليتها، فعلي سبيل المثال يتم الاتفاق مسبقا بالزام المبرمج بدفع قيمة الدورات التدريبية التي تلقاها اثناء فترة عمله بالشركة وتحملت الشركة هذه التكلفة نظرا لوجوده علي قوتها الا ان القانون يقضي بان تكون هذه الدورة من خلال عقد بين الشركة ومركز تدريب مع الاخذ في الاعتبار ان الخبرات التي يكتسبها المبرمج اثناء عمله لدي الشركة لا يعتد بها في هذا الشق ومن ثم فان هذه المادة تفقد قوتها في قطاع المعلومات. ويشير الديب الي ان ممارسات المبرمجين السلبية ليست جميعها بدافع الطمع او الجشع المادي ولكن لنا ان نتصور حال مبرمج سعي واجتهد لتطوير برنامج ولم يستفد منه لعدم قدرته علي تسويقه، هذا بفرض انه نجح في تطويره في ظل تعسف الشركة ضده ومنعه من القيام باعمال تطوير لحسابه الشخصي حتي وان كانت في غير اوقات العمل وذلك بحجة استفادته من خبرات الشركة لخدمة مصالحه. تقييد الابداع ويري الدكتور شريف هاشم نائب الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) انه بالنظر إلي النظام المتبع عالميا في تنظيم العلاقة ما بين المبرمج والشركة نجد انه في اغلب الحالات يسمح للمبرمج بالقيام بأعمال تطوير في غير ساعات العمل الرسمية لحسابه الشخصي تشجيعا للابداع وتطوير المهارات الا انه لا يقبل في أحيان اخري خشية إعادة كتابة البرامج مرة اخري وبيعها للمنافسين. من ناحية اخري يتم تضييق الخناق علي المبرمج لتجنب قيامه بنقل خبرات الشركة إلي المنافس بمنعه من العمل لمدة تتراوح ما بين خمس وعشر سنوات في حالة تركه للعمل قبل المدة المتفق عليها خاصة ان الشركات تقف عاجزة أمام بند القانون الذي ينص علي عدم جواز الاتفاق علي ما يخالف القانون الذي يمنع وضع شرط جزائي يدفعه العامل في حالة تركه للعمل اذ يعتبر شرطا تعسفيا. ويوضح هاشم ان خطورة انعدام الولاء للشركة تتفاوت تبعا للتخصص، فالمبرمج اقل خطورة عن محلل النظم الذي اكتسب خبرة طائلة في المجال ويمكن ان يهدد حقوق ملكية الشركة لبرامجها. وعن دور "ايتيدا" قال هاشم ان الهيئة تعمل بهدف تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات في المقام الاول ولا شك ان مثل هذه المشكلات تشكل عائقا كبيرا امام نمو الصناعة ومن ثم تعمل الهيئة من خلال تفعيل ادوارها لتخفيف تفاقم المشكلة من خلال مكتب ايداع حقوق الملكية الفكرية الذي تسجل به البرامج بحقوق ملكيتها اذا كانت للمبرمج او الشركة.. ومن ناحية اخري تطبيق آليات فض المنازعات ما بين الشركات من خلال لجنة فض المنازعات التابعة للهيئة. ونفي هاشم نية الهيئة الاتفاق علي صيغة واحدة لعقد عمل المبرمج يضمن حقوق طرفيه مشيرا إلي ان آليات السوق تتنافي مع هذا الاتجاه ولا يعتقد ان الشركات ستقبل مثل هذا الاتجاه.