بعد أن رفع مجلس الشوري الحصانة عن ممدوح إسماعيل وهناك إجراءات يقوم بها المدعي الاشتراكي لفرض الحراسة علي أمواله، ووجود مؤشرات عن حساب المتسببين في كارثة العبارة واقتصاص سيف العدالة منهم.. إلا أن سؤال مهم يبقي.. لماذا تأخرت تلك الإجراءات إلي ما يقرب الشهرين من وقوع الفاجعة ومن الذي سمح لإسماعيل بالسفر للخارج؟ وعلي الرغم من أن صاحب العبارة ممدوح إسماعيل قد أكد أنه لم يهرب وأن سفره للخارج سببه تلقي العلاج وأنه سيعود قريباً ومستعد للدفاع عن نفسه.. إلا أن التأخير في محاسبة المقصرين سواء لأن صاحب العبارة أو غيره جعل الرأي العام يشعر بالغضب، وتنتابه شكوكه حول المساواة في تطبيق القانون علي افراد الشعب المصري.. ففي الوقت الذي ترفع الحصانة علي نائب في بضع ساعات ويتهم في قضية لم تتسبب في وفاة المئات، نري التأخير الواضح في رفع الحصانة عن النائب صاحب العبارة. "الأسبوعي" تابعت الجدل الدائر حول هذه القضية وسألت رجال القانون وأعضاء مجلسي الشعب والشوري.. أجمع الخبراء وأعضاء البرلمان أن الحصانة من المفترض أن تهدف لحماية النواب من مضايقات الحكومة في اداء دورهم الرقابي، وليس من أجل حماية المجرمين واباحة الاجرام.. واشاروا الي ان تأخر الاجراءات القانونية في أية حادثة أو كارثة يمثل مؤشرا خطيرا يتسبب في ضعف الانتماء وفقدان الثقة.. وقالوا إن الحماية الدستورية المفترضة سقطت مع غرق العبارة، وأصبح مالكها بلا حصانة ولكن إذا ثبت أنه المتسبب في الكارثة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وثبت ذلك بحكم قضائي مؤكدين قيام وزارة العدل والنيابة العامة بالنيابة عن ضحايا العبارة الذين لقوا حتفهم بتقديم طلب لرفع الحصانة البرلمانية عن مالكها، وتقديمه للتحقيق وتوقيع العقوبة التي تناسب الخطأ. وفي بداية تحليله لهذه الظاهرة التي تثير استياء الرأي العام يقول الدكتور شوقي السيد وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشوري ان العدل من سمات الدول الديمقراطية، وأن المواطنين تحكمهم قاعدة ومظلة المساواة، فالمخطئ مهما كان، مادام تسبب في وقوع ضرر للغير، أو استغل منصبه في احداث اذي للآخرين، يقع تحت طائلة القوانين والعقاب، حتي لو كان المخطئ عضوا برلمانيا لأن الهدف من الحصانة يتمثل في حماية العضو من الكيدية وما حدث بشأن العبارة ليس من الكيدية، فهي كارثة وجريمة راح ضحيتها أكثر من ألف شخص غرقا، وخلفت وراءها العديد من المصابين بأمراض نفسية، وعضوية وبالتالي يجب علي وزارة العدل، والنيابة العامة القيام بدور الضحايا في تقديم طلب لرفع الحصانة، وللأسف لم يتم ذلك رغم أن الحماية الدستورية سقطت مع غرق العبارة وأصبح مالكها بلا حصانة علي حد تعبيره بعدما سقطت الكيدية. وهناك شهود اسمتعت إليهم النيابة من بين الذين مازالوا علي قيد الحياة ونجوا من هذه الكارثة. وأشار إلي أنه رغم قيام اللجان الفنية، والجهات المختصة بالتحقيق والإشارة إلي وجود عيوب فنية بالعبارة، إلا أنه لم يتم محاكمته حتي الآن، وهو مؤشر خطير يزيد من اتساع مساحة عدم الثقة وغياب الشفافية والمصداقية بين الحكومة والمواطنين، خاصة بالمقارنة لقضايا أخري تم رفع الحصانة عن نواب خلال ساعات من توجيه اتهام لهم وأمثال ذلك رجب هلال حميدة، بسبب توقيعه شيكات بدون رصيد ثم أيمن نور بعد اتهامه في قضية تزوير توكيلات عند إنشائه حزبا جديدا، كما أن لجان تقصي الحقائق التي شكلت وأشارت إلي وجود مسئولية علي مالكها ورغم ذلك لم يتم الانتهاء من الإجراءات القانونية حتي يحصل المتسبب علي جزائه، وكان يجب علي الجهات المختصة التحفظ علي المتهم لحين الانتهاء من دراسة الظروف التي وقعت فيها الكارثة، وتحديد المسئولية، ورفع الحصانة عن مرتكبها، والتحقيق معه، خاصة أن الجريمة جنائية. مبدأ المساواة أما إبراهيم النمكي وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب سابقاً فيؤكد أن سياسة الكيل بمكيالين للعديد من الجهات المختصة أمر مقلق والتي تتأخر في اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن العبارة، وهو ما أعطي الانطباع بانعدام الثقة، وغياب الشفافية بين الجماهير والحكومة، مقارنة بما يتم مع المواطن العادي الذي سرعان ما يتم استدعاؤه في حالة ارتكابه خطأ، واتخاذ كل الإجراءات القانونية ضده لذلك فالتساؤل كبير حول العبارة ومالكها ولماذا لم تستدعه النيابة العامة ووزارتا الداخلية والعدل، ولماذا هذه "الرقة" في تعامل مجلس الشوري في هذه القضية وقام برفع يسع حتي إلي رفع الحصانة عن النائب بعد مدة طويلة وشد وجذب تمهيداً للتحقيق معه.