في فندق كونراد الذي يطل علي ضفاف نهرالنيل وخلال مناقشة تقرير التنمية البشرية لعام 2005 والذي جاء تحت عنوان اختيار مستقبلنا: نحو عقد اجتماعي جديد تم تخصيص جلسة لمناقشة أزمة توافر مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي الكافي كشروط أساسية لسلامة صحة البشر ولتخفيض معدلات الأمراض والوفيات خاصة بين الأطفال.. سيطر علي ذهني مشهدان الأول صور أهالي المنطقة الكائنة خلف فندق كونراد وهم يغسلون ملابسهم وأواني الطهي تحت احدي الحنفيات العامة ويملأون منها جراكن للشرب والطهي حتي لحظة كتابة هذه السطور والمشهد الثاني في احدي قري الغربية واسمها قرية الغياتم والتي مازالت تشرب من مياه المرشح وهو خزان مليء بمياه جوفية والذي اعتبره مجلس مدينة المحلة منذ عام 95 غير صالح للاستخدام الأولي وفي المقابل تصاعدت حالات الوفيات بهذه القرية خلال العشر سنوات الماضية بأمراض الأورام السرطانية كما يؤكد ذلك أهالي القرية أنفسهم لكنهم ماذا يفعلون ومحطة المياه النقية منشأة منذ عام 2002 وتحتاج قرارا للتشغيل. تحديات ونترك ذلك لننقل الصورة كما وصفها تقرير التنمية البشرية والذي أكد أن احد التحديات الكبري التي تواجه قطاع المياه في مصر هو ضرورة زيادة المتاح من الموارد المائية المحدودة للوفاء بالطلب المتزايد علي المياه نتيجة عمليات التنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية وايضا اعادة النظر في الدعم الحكومي للخدمات في قطاع المياه والتحدي الأخير هو تدهور نوعية المياه وتدني خدمات الصرف الصحي خاصة في الريف إلي جانب ضعف التنسيق المؤسس بين مستخدمي ومقدمي خدمات المياه. نصيب الفرد أوضح التقرير انه وفقا للمؤشر العالمي يبلغ متوسط نصيب الفرد سنويا من المياه أقل من 1000 متر مكعب وهو ما يشير إلي وجود ندرة في المياه وحتي عام 1997 كان متوسط نصيب الفرد في مصر في حدود هذا الرقم لكن مع توقع أن يصل عدد السكان إلي 83 مليون نسمة عام 2017 فهو ما يعني انخفاض نصيب الفرد إلي 720 مترا مكعبا سنويا ويشير التقرير الي ان الموارد المائية تقتصر علي مياه النيل والمياه الجوفية العميقة في الدلتا والصحراء الغربية وصحراء سيناء ومياه الأمطار والسيول ويعتبر النيل المصدر الرئيسي للمياه العذبة ويعتمد حجم مياه النيل علي المياه المتاحة المخزونة في بحيرة ناصر لتلبية احتياجاتنا من المياه في إطار نصيب مصر منها سنويا والذي يبلغ حاليا 55 بمليون متر مكعب بمقتضي الاتفاقية الموقعة مع السودان عام 1959 وتحصل مصر علي حوالي 98% من موارد المياه العذبة من خارج حدودها الدولية. أما الموارد غير التقليدية فتشمل مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية أو مياه البحر المحلاة ومياه الصرف الصحي المعالجة وقد أعطيت أولوية متأخرة لمياه البحر المحلاة كمصدر من مصادر المياه نتيجة ارتفاع تكلفتها ولكن من المتوقع ازدياد محطات التحلية لتوفير مياه الشرب وللاستخدامات الصناعية في المناطق التي بدأت فيها هذه المحطات بمشاركة القطاع الخاص حيث سيزيد الطلب علي المياه المعالجة بحلول عام 2050 ومن جهة أخري من المخطط ان تروي مياه الصرف الصحي المعالجة في كل من القاهرة والاسكندرية حوالي280 ألف فدان حول القاهرة وفي الساحل الشمالي. الاحتياجات اضاف التقرير ان حجم احتياجات القطاع المنزلي والمؤسسات بلغ حوالي 5.4 بليون متر مكعب سنويا ومن المتوقع ان يزيد هذا الرقم كثيرا نتيجة ارتفاع معدل النمو السكاني السنوي نسبيا "1.2%" ولهذا يقدر اجمالي احتياجات هذا القطاع بحوالي 6.6 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2017 ويأتي جزء من هذه المياه من منظومة النيل بينما يأتي الجزء الأخر من المياه الجوفية ويعتمد 97% من السكان علي شبكات توزيع المياه ومستوي كفاءة هذه الشبكات يعتبر العامل الرئيسي الذي يؤثر علي كمية المياه المخصصة وبزيادة مستوي كفاءة شبكات التوزيع تصبح معالجة مياه الشرب ذات جدوي من الناحية الاقتصادية. التلوث يؤكد التقرير علي أن تدهور نوعية المياه قضية بالغة الأهمية وتختلف شدة هذا التدهور بين مختلف المصادر المائية حسب حجم تدفق المياه الملوثة ونمط استخدام المياه والكثافة السكانية ونطاق التصنيع ومدي توافر شبكات الصرف الصحي الآمنة والظروف الاجتماعية والاقتصادية القائمة في المناطق التي توجد بها مصادر المياه وهناك العديد من العوامل التي تؤثر علي نوعية المياه مثل تصريف مياه الصرف الصحي الخاصة بالمصانع أوالمنازل التي لا يتم معالجتها أوالتي تعالج جزئيا وتسرب المبيدات ومتبقيات الأسمدة ومخلفات النقل النهري.