موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفض علماء الأزهر وأساتذة متخصصون من اتجاهات سياسية ودينية مختلفة مقترح القانون الذي يقضي بإلغاء المرجعية الدينية للأزهر الشريف
نشر في الأهالي يوم 17 - 05 - 2012

رفض علماء الأزهر وأساتذة متخصصون من اتجاهات سياسية ودينية مختلفة مقترح القانون الذي يقضي بإلغاء المرجعية الدينية للأزهر الشريف وهو مقترح القانون الذي ناقشته لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب وتقدم به «علي قطامش» النائب السلفي، جاء مقترح القانون ليفتح باب النقاش مرة أخري عن الأزهر الشريف ودوره وإمكانية تطوير هذا الدور واستعادته لدوره التاريخي المعهود بعد فترة من الخمود ولكنه في
نفس الوقت فتح باب الكثير من التأويلات حول بعض بنوده التي تطالب بألا يكون الأزهر هو المرجعية الدينية الوحيدة، ولا يكون صاحب الرأي الوحيد فيما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام ويكون اتخاذ القرار داخل الأزهر بأغلبية مطلقة لهيئة كبار علمائه وليس لشيخ الأزهر.
من ناحية أخري رفض الأزهر أي قوانين تجرده من دوره بعيدا عن علمائه وشيوخه وتاريخه العريق وأكد في بيان له منذ أيام أنه لا يوافق علي أي تعديلات تقدم علي قانونه وأكد البيان أن الأزهر يكتسب مكانته علي مدار ألف عام في مصر والعالم الإسلامي.
«الأهالي» تناقش الأمر مع الخبراء والمتخصصين..
د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر اعتبرت هذا النوع من الحديث «عبث غير رشيد» ومن الأقوال غير المدركة لتاريخ الأزهر الذي يصل إلي ألف سنة فهو الضابط لإيقاع المسلمين ليس في مصر فقط إنما علي مستوي العالم الإسلامي والعربي، وأضافت د. آمنة: «أن يأتي إنسان الآن ويطالب بمساس دور الأزهر بعلمه ووسطيته وتاريخه هو إنسان لا يدرك كل هذه المقومات لنموذج الأزهر وتاريخه، لأنه لو أدرك هذا ما جرؤ علي أن يفكر في ذلك»، وشبهت «نصير» الأزهر ب «القلعة الحصينة»، وأنه علي مر السنين يطلب من الأزهر الرأي السديد لحماية الفكر الإسلامي بأن يمس تحت تطرف أو ادعاء أو هوي أو نزف لذا لم يستطع أحد أن يهدم أو يقترب من هذه المؤسسة واعتبرت الدعوة الأخيرة بجعله ليس المرجعية الدينية الوحيدة نوعا من الجهالة والأمية التاريخية، وأكدت «نصير»: قد نغضب من الأزهر أو نطالب بدوره الإيجابي ولكن أن يمس فهو غير مقبول وطالبت بأن يقوم أعضاء البرلمان المصري بدورهم تجاه مسئولية الوطن والدولة بعيدا عن مساس بمقدسات الوطن».
المذهب السلفي
ويري د. محمود إسماعيل - الباحث والمفكر الإسلامي - أن صاحب الدعوي من الأساس «سلفي» وهو الذي يتبع المذهب الوهابي، والذي لا يعد مذهبا قدر ما هو نزعة بدوية منطلقة من فكر ابن تيمية المنطلق من فكر ابن حنبل، وتتبع «إسماعيل» الفترة التاريخية التي انطلق منها هذا الفكر والتي تعد فترة انحطاط فكري حيث حرمت العلوم الدنيوية وحتي العلوم الدينية اقتصرت علي التلخيص والشروع واعتبر كل إبداع بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهي مرجعية سعودية في الأساس لا يجب النزوع إليها، ولذا فالمذهب الوهابي المعادي لكل المذاهب لا يمكنه تقبل دور الأزهر.. هذا من الناحية التاريخية، أما ناحية «الأزهر» كمؤسسة مهمة فقال «إسماعيل»: قد يكون الأزهر تخلي عن دوره في وقت مبارك إلا أنه يمكن إعادته لدوره الإيجابي وليس تحجيمه وجعله ليس المرجعية الوحيدة واسترجع «إسماعيل» الدور التاريخي للأزهر منذ تأسيسه في العصر الفاطمي كأعظم جامعة إسلامية وتوقفه بعد دخول صلاح الدين الأيوبي لمصر وإغلاق الأزهر ثم عودته في العصر المملوكي وإنجاب عشرات الأسماء والفقهاء حتي يومنا، وهو الدور الذي يؤهله لأن يكون المرجعية الدينية الوحيدة علي مر الزمان، كما تطرق «إسماعيل» إلي دور الأزهر في مواجهة ظلم السلاطين وهو الدور النضالي الذي امتد للحملة الفرنسية علي مصر وثورة 1919.
وقال إسماعيل إن تبعيته لمبارك لفترة ليس معناه إلغاء كينونته فشأنه شأن أي مؤسسة طاولها الفساد ويمكن عودته ووصف «إسماعيل» من يحاول تقليل شأنه كأزهر شريف «بالجاهل» وأن أي مذهب آخر يحاول أن يقوم بدور الأزهر لا يصلح ومنها المذهب الوهابي الذي يختزل الإسلام في «تحريم الدخان، وهدم مقامات الأولياء» وفسر «إسماعيل» مهاجمة البعض للأزهر الآن لأنه عاد لدوره السياسي المعهود «بدأ يلعب سياسة» ومنها إصداره لوثيقتين سياسيتين وهذا ما يفسر هجوم البعض عليه الآن.
خطيئة
وتحدث د. عبدالمعطي بيومي - عضو مجمع البحوث الإسلامية - عن المشروع المقدم واصفا إياه «بالهراء واللغو» وأن تقديمه لمجلس الشعب عبث بالتشريع يقصد به أمر أسمي من التنافس مع شخص أو جهة علي مرجعية الأزهر، وهي المرجعية المبنية علي العلم الذي يمكن العالم في طلبه، ليكون الشخص عالما يستفسر منه في الدين فيفتي ويصل إلي جوهر الشريعة والألفاظ وروايات الحديث ووجوه التفسير في القرآن الكريم وهو الأمر الذي أجمع العالم في مرجعيته إلي الأزهر فقط، ولا أحد يطمع لهذه المرجعية، ويضيف «بيومي» أن بعض من يقرأ كتابا أو اثنين يعتقد خطأ إمكانية مساواته «بالأزهري» مذكر بما أشار له الإمام الشافعي عن «وهم الجاهل».
الذي يصور له أنه أعلم العلماء وهو ما نراه الآن ولذا يدعو «بيومي» هؤلاء - كما يقول - لاختبارهم نصف ساعة فقط في الأزهر لامتحانهم في قراءة القرآن الكريم ليس في حفظه ولا فهمه.
ويري «بيومي» أن طلب أحد النواب في البرلمان بهذا الطلب يدل علي الخطيئة التي وقع فيها المصريون عندما قاموا بانتخاب هؤلاء ودعاهم «بيومي» للاستغفار عن هذا الذنب وطالب من ناحية أخري نواب البرلمان المصري للنظر إلي مطالب الشعب الأساسية ومنها رغيف العيش، والعدالة الاجتماعية وهي الأشياء التي انصرفوا عنها، ونهي «بيومي» حديثه ل «الأهالي» ببيت من الشعر يؤكد عدم تأثر الأزهر بما يطالب به البعض وهو:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فما وهنت وأوهي قرنه الوعل
دول الخليج
أما د. محمد حافظ دياب - الباحث التاريخي - فقال «الأزهر هو مصدر الشريعة الوطنية في مصر من قبل الجيش الذي تم إنشاؤه وقت محمد علي» وأكد أنه لم يكن مؤسسة بالمعني «اللاهوتي» إنما هو مؤسسة منفتحة علي كل المذاهب الأربعة وحتي المذهب الشيعي كان يدرس فيه وهي مميزات لن تتواجد في أي مرجعية أخري وبرغم من تقادم الأزهر إلا أنه يمثل الأساس، ونبه «دياب» إلي تعامل الأزهر طوال تاريخه من هذا المنطلق وقدم «وسطيته» بمعني عدم الغلو والتشدد فرفض المذهب الحنبلي ورفض المعتزلية، أما عن مشروع القانون فيما يخص بمبدأ عدم مرجعيته الوحيدة قال إن الاتجاه السلفي هو أحد الظواهر العجيبة لثورة يناير وظهوره وتبلوره في الأحداث نتيجة الإغراقات التي تأتيه من دول الخليج وهو ما جعله يقدم خدمات خيرية وغيرها ووصل به الأمر إلي تخيل دور أو مشروع سياسي أيضا بجانب هذا والنظر إلي الأزهر، ولأن المبدأ السلفي التقليدي قائم علي الوقوف مع «الحاكم» وهو العائق الذي يمنعهم من ممارسة دور سياسي أيضا وجود الأزهر عائق آخر والذي يناؤه في المرجعية الدينية.
وعن ضعف الأزهر الآن ارتأي «دياب» أن هذا نتيجة تراكمات تاريخية كثيرة يمكن علاجها ويمكن تجديد الخطاب المقدم أو إعادة إنتاج الصيغة الأزهرية لتكون الأفضل.. وربط «دياب» ما يحدث في مصر الآن بما يحدث في المنطقة العربية فدول الخليج تحاول أن تبعد عن نفسها «العدوي الثورية» بمبادرات مثل هذه.
الاجتهاد
أما «علي قطامش» نائب مجلس الشعب السلفي والمقدم لاقتراح تعديلات قانون الأزهر صرح ل «الأهالي» بأن الأزهر الشريف من حقه الاعتراض علي القانون المقدم وهو ما يمثل حوارا حضاريا وقال إن المشروع به العديد من النقاط المهمة ولكن الإعلام من وجهة نظره قام بالتركيز علي بند «عدم مرجعية الأزهر» وكونه ليس مرجعيا دينيا وحيدا بهدف «خبطات صحفية» كما وصفها.
وقال إن المشروع مكون من 12 بندا منها رفع يد السلطة التنفيذية عن شيخ الأزهر وألا يعين من قبل رئيس الجمهورية وينتخب من هيئة كبار العلماء، وعن بند «المرجعية» قال قطامش «إنه كان المرجعية الدينية الوحيدة في وقت كانت معظم الدول الإسلامية ليس بها مؤسسات شرعية بخلاف اليوم حيث تم إنشاء الكثير من المرجعيات الإسلامية في كثير من الدول واعتبر استمرار جعله المرجعية الوحيدة للدول الإسلامية مصادرة للاجتهاد وهو أمر شرعي لا يجوز مصادرته ونفي «قطامش» مقصده بهذه الدول أن تكون «السعودية» وقال إنه لم يضع في اعتباره أيا منها، وقال إن الأزهر سيعتبر المرجعية الوحيدة «محليا» فقط، وأضاف أن مشروعه مجرد اقتراح يمكن الجلوس والتباحث فيه.
ويري سالم عبدالجليل - وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة الإسلامية - أن الأزهر هو المرجع العلمي الشرعي للمسلمين السنة في مصر وخارجها علي مدي مئات السنين ومعظم علماء الدين علي مستوي العالم هم من أبناء الأزهر الشريف، أو تعلموا علي يد علمائه ولدي الأزهر الآن طلاب من أكثر من مائة دولة وجنسية.
وهو ما يؤكد مرجعية الأزهر الشريف عالميا ومحليا، وأضاف «عبدالجليل» أن أي شخص ينادي باستبعاد الأزهر وتحويل المرجعية عنه يجب أن يراجع نفسه لأنه يخطئ خطأ فادحا في حق الإسلام والمسلمين، إذا أضفنا إلي هذا أن الأزهر الشريف لديه أعظم مجمع علمي بحثي في العالم وإليه يرجع الناس في قضاياهم المهمة.
ويؤكد «عبدالجليل» بأنه لا بديل عن الأزهر الشريف كمرجعية إسلامية سنية لغالبية مسلمي العالم، وأهيب بنواب البرلمان الغيورين علي الدين وعلي الأزهر الشريف أن يرفضوا طرح الموضوع للمناقشة حتي لا ترتكب أكبر خطأ تاريخي.
رفض علماء الأزهر وأساتذة متخصصون من اتجاهات سياسية ودينية مختلفة مقترح القانون الذي يقضي بإلغاء المرجعية الدينية للأزهر الشريف وهو مقترح القانون الذي ناقشته لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب وتقدم به «علي قطامش» النائب السلفي، جاء مقترح القانون ليفتح باب النقاش مرة أخري عن الأزهر الشريف ودوره وإمكانية تطوير هذا الدور واستعادته لدوره التاريخي المعهود بعد فترة من الخمود ولكنه في نفس الوقت فتح باب الكثير من التأويلات حول بعض بنوده التي تطالب بألا يكون الأزهر هو المرجعية الدينية الوحيدة، ولا يكون صاحب الرأي الوحيد فيما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام ويكون اتخاذ القرار داخل الأزهر بأغلبية مطلقة لهيئة كبار علمائه وليس لشيخ الأزهر.
من ناحيةأخري رفض الأزهر أي قوانين تجرده من دوره بعيدا عن علمائه وشيوخه وتاريخه العريق وأكد في بيان له منذ أيام أنه لا يوافق علي أي تعديلات تقدم علي قانونه وأكد البيان أن الأزهر يكتسب مكانته علي مدار ألف عام في مصر والعالم الإسلامي.
«الأهالي» تناقش الأمر مع الخبراء والمتخصصين..
د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر اعتبرت هذا النوع من الحديث «عبث غير رشيد» ومن الأقوال غير المدركة لتاريخ الأزهر الذي يصل إلي ألف سنة فهو الضابط لإيقاع المسلمين ليس في مصر فقط إنما علي مستوي العالم الإسلامي والعربي، وأضافت د. آمنة: «أن يأتي إنسان الآن ويطالب بمساس دور الأزهر بعلمه ووسطيته وتاريخه هو إنسان لا يدرك كل هذه المقومات لنموذج الأزهر وتاريخه، لأنه لو أدرك هذا ما جرؤ علي أن يفكر في ذلك»، وشبهت «نصير» الأزهر ب «القلعة الحصينة»، وأنه علي مر السنين يطلب من الأزهر الرأي السديد لحماية الفكر الإسلامي بأن يمس تحت تطرف أو ادعاء أو هوي أو نزف لذا لم يستطع أحد أن يهدم أو يقترب من هذه المؤسسة واعتبرت الدعوة الأخيرة بجعله ليس المرجعية الدينية الوحيدة نوعا من الجهالة والأمية التاريخية، وأكدت «نصير»: قد نغضب من الأزهر أو نطالب بدوره الإيجابي ولكن أن يمس فهو غير مقبول وطالبت بأن يقوم أعضاء البرلمان المصري بدورهم تجاه مسئولية الوطن والدولة بعيدا عن مساس بمقدسات الوطن».
المذهب السلفي
ويري د. محمود إسماعيل - الباحث والمفكر الإسلامي - أن صاحب الدعوي من الأساس «سلفي» وهو الذي يتبع المذهب الوهابي، والذي لا يعد مذهبا قدر ما هو نزعة بدوية منطلقة من فكر ابن تيمية المنطلق من فكر ابن حنبل، وتتبع «إسماعيل» الفترة التاريخية التي انطلق منها هذا الفكر والتي تعد فترة انحطاط فكري حيث حرمت العلوم الدنيوية وحتي العلوم الدينية اقتصرت علي التلخيص والشروع واعتبر كل إبداع بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهي مرجعية سعودية في الأساس لا يجب النزوع إليها، ولذا فالمذهب الوهابي المعادي لكل المذاهب لا يمكنه تقبل دور الأزهر.. هذا من الناحية التاريخية، أما ناحية «الأزهر» كمؤسسة مهمة فقال «إسماعيل»: قد يكون الأزهر تخلي عن دوره في وقت مبارك إلا أنه يمكن إعادته لدوره الإيجابي وليس تحجيمه وجعله ليس المرجعية الوحيدة واسترجع «إسماعيل» الدور التاريخي للأزهر منذ تأسيسه في العصر الفاطمي كأعظم جامعة إسلامية وتوقفه بعد دخول صلاح الدين الأيوبي لمصر وإغلاق الأزهر ثم عودته في العصر المملوكي وإنجاب عشرات الأسماء والفقهاء حتي يومنا، وهو الدور الذي يؤهله لأن يكون المرجعية الدينية الوحيدة علي مر الزمان، كما تطرق «إسماعيل» إلي دور الأزهر في مواجهة ظلم السلاطين وهو الدور النضالي الذي امتد للحملة الفرنسية علي مصر وثورة 1919.
وقال إسماعيل إن تبعيته لمبارك لفترة ليس معناه إلغاء كينونته فشأنه شأن أي مؤسسة طاولها الفساد ويمكن عودته ووصف «إسماعيل» من يحاول تقليل شأنه كأزهر شريف «بالجاهل» وأن أي مذهب آخر يحاول أن يقوم بدور الأزهر لا يصلح ومنها المذهب الوهابي الذي يختزل الإسلام في «تحريم الدخان، وهدم مقامات الأولياء» وفسر «إسماعيل» مهاجمة البعض للأزهر الآن لأنه عاد لدوره السياسي المعهود «بدأ يلعب سياسة» ومنها إصداره لوثيقتين سياسيتين وهذا ما يفسر هجوم البعض عليه الآن.
خطيئة
وتحدث د. عبدالمعطي بيومي - عضو مجمع البحوث الإسلامية - عن المشروع المقدم واصفا إياه «بالهراء واللغو» وأن تقديمه لمجلس الشعب عبث بالتشريع يقصد به أمر أسمي من التنافس مع شخص أو جهة علي مرجعية الأزهر، وهي المرجعية المبنية علي العلم الذي يمكن العالم في طلبه، ليكون الشخص عالما يستفسر منه في الدين فيفتي ويصل إلي جوهر الشريعة والألفاظ وروايات الحديث ووجوه التفسير في القرآن الكريم وهو الأمر الذي أجمع العالم في مرجعيته إلي الأزهر فقط، ولا أحد يطمع لهذه المرجعية، ويضيف «بيومي» أن بعض من يقرأ كتابا أو اثنين يعتقد خطأ إمكانية مساواته «بالأزهري» مذكر بما أشار له الإمام الشافعي عن «وهم الجاهل».
الذي يصور له أنه أعلم العلماء وهو ما نراه الآن ولذا يدعو «بيومي» هؤلاء - كما يقول - لاختبارهم نصف ساعة فقط في الأزهر لامتحانهم في قراءة القرآن الكريم ليس في حفظه ولا فهمه.
ويري «بيومي» أن طلب أحد النواب في البرلمان بهذا الطلب يدل علي الخطيئة التي وقع فيها المصريون عندما قاموا بانتخاب هؤلاء ودعاهم «بيومي» للاستغفار عن هذا الذنب وطالب من ناحية أخري نواب البرلمان المصري للنظر إلي مطالب الشعب الأساسية ومنها رغيف العيش، والعدالة الاجتماعية وهي الأشياء التي انصرفوا عنها، ونهي «بيومي» حديثه ل «الأهالي» ببيت من الشعر يؤكد عدم تأثر الأزهر بما يطالب به البعض وهو:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فما وهنت وأوهي قرنه الوعل
دول الخليج
أما د. محمد حافظ دياب - الباحث التاريخي - فقال «الأزهر هو مصدر الشريعة الوطنية في مصر من قبل الجيش الذي تم إنشاؤه وقت محمد علي» وأكد أنه لم يكن مؤسسة بالمعني «اللاهوتي» إنما هو مؤسسة منفتحة علي كل المذاهب الأربعة وحتي المذهب الشيعي كان يدرس فيه وهي مميزات لن تتواجد في أي مرجعية أخري وبرغم من تقادم الأزهر إلا أنه يمثل الأساس، ونبه «دياب» إلي تعامل الأزهر طوال تاريخه من هذا المنطلق وقدم «وسطيته» بمعني عدم الغلو والتشدد فرفض المذهب الحنبلي ورفض المعتزلية، أما عن مشروع القانون فيما يخص بمبدأ عدم مرجعيته الوحيدة قال إن الاتجاه السلفي هو أحد الظواهر العجيبة لثورة يناير وظهوره وتبلوره في الأحداث نتيجة الإغراقات التي تأتيه من دول الخليج وهو ما جعله يقدم خدمات خيرية وغيرها ووصل به الأمر إلي تخيل دور أو مشروع سياسي أيضا بجانب هذا والنظر إلي الأزهر، ولأن المبدأ السلفي التقليدي قائم علي الوقوف مع «الحاكم» وهو العائق الذي يمنعهم من ممارسة دور سياسي أيضا وجود الأزهر عائق آخر والذي يناؤه في المرجعية الدينية.
وعن ضعف الأزهر الآن ارتأي «دياب» أن هذا نتيجة تراكمات تاريخية كثيرة يمكن علاجها ويمكن تجديد الخطاب المقدم أو إعادة إنتاج الصيغة الأزهرية لتكون الأفضل.. وربط «دياب» ما يحدث في مصر الآن بما يحدث في المنطقة العربية فدول الخليج تحاول أن تبعد عن نفسها «العدوي الثورية» بمبادرات مثل هذه.
الاجتهاد
أما «علي قطامش» نائب مجلس الشعب السلفي والمقدم لاقتراح تعديلات قانون الأزهر صرح ل «الأهالي» بأن الأزهر الشريف من حقه الاعتراض علي القانون المقدم وهو ما يمثل حوارا حضاريا وقال إن المشروع به العديد من النقاط المهمة ولكن الإعلام من وجهة نظره قام بالتركيز علي بند «عدم مرجعية الأزهر» وكونه ليس مرجعيا دينيا وحيدا بهدف «خبطات صحفية» كما وصفها.
وقال إن المشروع مكون من 12 بندا منها رفع يد السلطة التنفيذية عن شيخ الأزهر وألا يعين من قبل رئيس الجمهورية وينتخب من هيئة كبار العلماء، وعن بند «المرجعية» قال قطامش «إنه كان المرجعية الدينية الوحيدة في وقت كانت معظم الدول الإسلامية ليس بها مؤسسات شرعية بخلاف اليوم حيث تم إنشاء الكثير من المرجعيات الإسلامية في كثير من الدول واعتبر استمرار جعله المرجعية الوحيدة للدول الإسلامية مصادرة للاجتهاد وهو أمر شرعي لا يجوز مصادرته ونفي «قطامش» مقصده بهذه الدول أن تكون «السعودية» وقال إنه لم يضع في اعتباره أيا منها، وقال إن الأزهر سيعتبر المرجعية الوحيدة «محليا» فقط، وأضاف أن مشروعه مجرد اقتراح يمكن الجلوس والتباحث فيه.
ويري سالم عبدالجليل - وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة الإسلامية - أن الأزهر هو المرجع العلمي الشرعي للمسلمين السنة في مصر وخارجها علي مدي مئات السنين ومعظم علماء الدين علي مستوي العالم هم من أبناء الأزهر الشريف، أو تعلموا علي يد علمائه ولدي الأزهر الآن طلاب من أكثر من مائة دولة وجنسية.
وهو ما يؤكد مرجعية الأزهر الشريف عالميا ومحليا، وأضاف «عبدالجليل» أن أي شخص ينادي باستبعاد الأزهر وتحويل المرجعية عنه يجب أن يراجع نفسه لأنه يخطئ خطأ فادحا في حق الإسلام والمسلمين، إذا أضفنا إلي هذا أن الأزهر الشريف لديه أعظم مجمع علمي بحثي في العالم وإليه يرجع الناس في قضاياهم المهمة.
ويؤكد «عبدالجليل» بأنه لا بديل عن الأزهر الشريف كمرجعية إسلامية سنية لغالبية مسلمي العالم، وأهيب بنواب البرلمان الغيورين علي الدين وعلي الأزهر الشريف أن يرفضوا طرح الموضوع للمناقشة حتي لا ترتكب أكبر خطأ تاريخي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.