فشلت محاولات حزب الحرية والعدالة الحوار مع الأزهر الشريف، للعودة مرة أخري للجنة التأسيسية للدستور، وهو ما أكدته أيضا الكنائس الثلاث، الارثوذكسية والانجيلية والكاثوليكية. بسبب حالة "تكويش" التيار الديني وجماعة الاخوان علي الجمعية التأسيسية المناط بها وضع دستور البلاد الجديد، في الوقت نفسه أصدرت فيه 12 منظمة قبطية بيانا اعلنت فيه رفضها الاستحواذ والانفراد بكتابة الدستور. مما يعني الانسحاب سقوط شرعية اللجنة في ظل الرفض والغضب الشعبي وانعدام صفة التوافق الوطني، مما يشير ان التيارات الدينية الاسلامية فقدت شرعيتها بمحاولة التسلط علي ارادة الشعب والاستحواذ علي اللجنة التأسيسية، بما يزيد علي 70%.. وغياب صفة التوافق تماما علي اللجنة، والتي اعتبرت غير معبرة اطلاقا عن كل فئات الشعب المصري كما كان معد سابقا. معيار الشرعية أكد د. عبد المعطي بيومي، عضو مجمع البحوث الاسلامية، استمرار رفض الأزهر الشريف المشاركة في الجمعية التأسيسية للدستور، وذلك لسيطرة تيار واحد فقط عليها دون مشاركة القوي السياسية الأخري وهو السبب الرئيسي في رفض الأزهر وانسحابه. مشيراً في الوقت نفسه الي أن شرعية اللجنة التأسيسية للدستور متأثرة بأغلبية تيارين لحزبين بعينهم علي جميع القوي والفئات السياسية الوطنية الأخري بالمجمتع كله، وهذا هو معيار الشرعية، وفي كل الاحول سيكون للمحكمة الدستورية العليا قضاؤها في هذه المسألة. واستنكر بيومي تصريحات المستشار محمود الخضيري، بسبب قوله أثناء الاجتماع الثاني اللجنة التأسيسية "أنا مش عارف الحقيقية ليه انسحبت مؤسسة الأزهر.. وهل السبب هو تمثيل شخصي؟" أيضا علي حد قول بيومي فقد قال الخضيري "ان كلام الأزهر مش حلو" وهو قول يحسب علي الخضيري بصفته قاضيا يقرأ الواقع بصورة عادلة محايدة، منذ سنوات فكيف به اليوم يقرأ ايضا الواقع لينتهي به الحكم الي ان كلام الازهر مش حلو، بينما حقائق الواقع الذي يقوم علي التهميش والتكويش واخذ حقوق الفئات الاخري حلو في نظره! فهل يصح ان كلام الازهر مش حلو ومشاركة سيادته في الظلم حلو، ومن ثم نتمني منه الانسحاب من لجنة التكويش والظلم، أما السياسة التي تجعل رأي الحزب بمثابة الخلاط الذي يفرم الآراء المستقلة العادلة، ومن هنا نقول كما قال الامام محمد عبده لعن الله السياسة والساسة.. توافق شامل وطالب عبد المعطي بيومي بضرورة اعادة تشكيل اللجنة التاسيسية مرة أخري طبقا لحقوق كل الفئات الوطنية والسياسية والمجتمعية والعمالية والعلمية والنقابات والتجمعات الجغرافية السكانية بما فيها حلايب وشلاتين وسيناء والنوبة والصحراء الغربية.. بالاضافة لاهم المبادئ الاساسية الخاصة بالحريات العامة كما وضعت في وثيقة الازهر سابقا، والتي حظيت بتوافق شامل آنذاك كوثيقة وطنية ماعدا موقف الاخوان المسلمين الذين يستعلون ويقولون انها غير مقبولة فهي مجرد وثيقة استرشادية ليس أكثر. اما د. عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية، فيري أن انسحاب الازهر جاء بسبب عدم احسان الاختيار العادل للجنة، وسيطرة حزب وفصيل واحد فقط علي اللجنة، وغياب التوافق والاتفاق بين أعضائها، لان الدستور الذي يأتي دون اتفاق لا يحترمه الشعب فيما بعد وهنا تكون الكارثة، لان المعضلة ليست في من يضع الدستور بل في ان يكون دستورا ناتجا من مشاركة وطنية ولا يكون "مفروضاً" بالاجبار علي مواطنيه، بل يكون الجميع متراضيا حوله. الأزهر والكنيسة رأي واحد اما رأي الكنيسة الأرثوذكسية فجاء بعد قرار المجلس الملي العام وهيئة الأوقاف القبطية بالانسحاب من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، حيث أشار الانبا بسنتي أسقف حلوان إلي ان الازهر والكنيسة اكبر مؤسستين معبرتين عن ضمير الأمة وانسحابهما من اللجنة يهدد باستمرارها وشرعيتها، ومن ثم لابد من تشكيل لجنة معبرة عن كل أطياف المجمتع المصري ككل، حتي يخرج دستور مدني كما قال شيخ الازهر من قبل ان مصر لايمكن ان تكون دولة دينية اسلامية، والكنيسة ايضا اكدت ان الدين لله والوطن للجميع. واكد بسنتي ان حتي الآن الكنيسة موقفها من موقف الازهر حتي يتم الاتفاق علي ما هو للصالح العام. ولابد أن يشمل الدستور القادم مبادئ اساسية تضمن أن لا اكراه في الدين، والعمل علي تطبيق مبادئ الحريات العامة كما نص عليها في وثيقة الازهر. تهميش الانجيلية اما الكنيسة الانجيلية فقد تم تهميشها باللجنة وغاب ممثلون عنها تماما، واعتبر البعض ان انسحاب الازهر والكنيسة الارثوذكسية يهدد بشريعة اللجنة، علي حد قول د. أندريا زكي نائب الطائفة الانجيلية، مؤكدا ان الطائفة الانجيلية مستمرة علي موقفها برفض تشكل اللجنة التأسيسية كما هي عليه للآن بأغلبية لفئة وتهميش الاخرين، ومن ثم لابد من اعلان موقف واضح لتمثيل الاخرين باللجنة، فالدستور ليس مجرد عملية مؤقتة حتي يسيطر عليها أغلبية بعينها، وأكد زكي ان الكنيسة الانجيلية كانت قد وقعت علي مبادئ الحريات العامة بوثيقة الازهر، خاصة لابد ان يتضمن الدستوري القادم مبادئ ترسيخ دولة القانون العادل بين المواطنين، وهدد زكي اذا استمر التهميش للطائفة الانجيلية بهذا الشكل سيتم التنسيق مع باقي القوي الوطنية والجغرافية المهمشة ايضا لرفضهم مبدأ التكويش وسيطرة الأغلبية. احتجاج الكاثوليكية وقال الأب رفيق جريش المستشار الصحفي للكنيسة الكاثوليكية بمصر، ان الكنيسة الكاثوليكية قد أرسلت للمشير طنطاوي احتجاجا علي تشكيل اللجنة التاسيسية، مع تأكيد الفصل بين مسيحيين تابعين للأحزاب ومسيحيين تابعين للكنيسة، فالأقباط أعضاء الجمعية التأسيسية يمثلون فقط أحزابهم وليس الأقباط بصفة عامة. وطالب جريش باعادة النظر في اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية، وحل تلك الأزمة وأن يأتي تشكيل الجمعية التأسيسية محققا لآمال الشعب في تأسيس دولة مدنية حديثة تقوم علي مبادئ المواطنة والحرية والعدالة والمساواة،. وشدد جريش علي ان يكون الدستور القادم متوزانا بين كل السلطات، يشمل الحريات العامة للمواطنين كافة، ولا خلاف علي المادة الثانية من الدستور مع اضافة احتكام غير المسلمين لاحكام شرائعهم في الاحوال الشخصية.