احتفلت مصر برأس السنة احتفالا يليق بشعبها وشهدائها وثورتها. وتحتفل بعد أيام بأعياد الميلاد المجيد ، وستحتفل مصر ايضا بعدها بأيام قليلة بمرور عام علي قيام ثورة اللوتس المجيدة. الثورة التي وحدت المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين تحت مطلب " عيش، حرية، عدالة اجتماعية». ثورة صلي في ميدانها المسلم وحماه أخوه المسيحي ، وصلي المسيحي وحماه المسلم، ثورة استشهد فيها أحمد ومينا فرُفع شعار " اقتل أحمد واقتل مينا.. كل رصاصة بتقوينا". منذ عام تقريبا كان الحادث المؤسف لكنيسة الاسكندرية في ليلة رأس السنة في ظل نظام مبارك، ذلك الحادث الذي تورط فيه وزير الداخلية السابق حبيب العادلي. والآن بداية 2012 سيحتفل الاقباط بالعيد بعيدا عن رجال مبارك وحاشيته، فكيف ينظرون الاقباط إلي "عيد الميلاد" وأي امل يأملونه في عام ميلادي وثوري جديد ورسالتهم للعام الجديد. من اهم الرموز القبطية الثورية قائدة المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، كان القمص فلوباتير جميل كاهن كنيسة العذراء بفصيل، وأحد رموز ائتلاف شباب ماسبيرو وكان علي رأس مشيعي جنازة الشهيد الشيخ عماد عفت الذي استشهد في احداث قصر العيني الاخيرة، ويعد فلوباتير مثالا للروح المصرية الخالصة، حيث شارك وعقد اللقاءات مع شباب الثورة و6 ابريل والاشتراكيين الثوريين وحركة حشد وأطباء المستشفي الميداني واللجان الشعبية للدفاع عن الثورة وحزب المصريين الأحرار، وفي حفل تأبين شهداء الاسكندرية بكنيسة مارمينا بجليم بالاسكندرية الاسبوع الماضي، وخلال كلمته معلقا علي أحداث القديسين التي لم تنته تحقيقات النيابة فيها حتي الآن: قال "لو كان مبارك، في هذا الوقت، نظر إلي المرآة لعرف من المسئول عن أحداث القديسين". مضيفاً "هذا العام بدأ بجريمة القديسين وانتهي بدماء أخي الشيخ عماد عفت، ونظام مبارك وبقاياه هم المسئولون عن كل الدماء التي جرت هذا العام". فرح وحزن وأعرب الأنبا بسنتي اسقف حلوان، عن أمله في عام جديد يسوده السلام والمحبة. ووصف احتفالات العيد باحتفال ديني روحاني، أما بالنسبة لعام 2012 دعا بسنتي ان يكون عاما يعود فيه الأمن مرة أخري وعودة الاقتصاد المصري لمكانته بصورة اقوي.اما مينا ثابت عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب ماسبيرو، فيقول ان عيد الميلاد هذا العام مختلف تماما عن كل الاعياد السابقة، فهو عيد به طعم الفرحة وطعم الحزن معا. شعور بالفرح لامرين اولا من الناحية العقائدية وثانيا بسبب استمرار الثورة المصرية حتي وان لم يحدث التغيير للان الا ان بوادر التغيير موجودة، فمصر بدأت صفحة جديدة في تاريخها. اما الحزن فيتمثل في أن عام 2011 كان اكثر الاعوام التي مرت علي مصر دموياً، ورفض الاتحاد تماما دعوة البابا شنودة لكل من حزب الحرية والعدالة الاخواني والأصالة السلفي لحضور قداس ليلة العيد، لان هذه التيارات كفرتنا تاره وتطاولت علي رموز الكنيسة، وتاره اخري طالبت باخواتها كاميليا وعبير ولم يتحرك لهم ساكن عندما تعرت اختنا المصرية "هدير" في التحرير وتبرأوا منها، وأضاف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد نحن نرفض دعوة بعض السلفيين بتشكيل لجان شعبية لحماية الكنائس اثناء احتفالات رأس السنة وليلة العيد، فكيف لهؤلاء الذين تجمعوا من قبل وهددوا باقتحام مقر الكاتدرائية والان يدعون ويتحدثون بلهجة الوصاية لحمايتها! وإذا حمي السلفيون دور العبادة فأين مهمة الدولة والقانون؟ ونثق أن الكنائس يحميها الشعب كله بمسلميه وأقباطه. غياب الأمن اما بيشوي فوزي عضو المكتب السياسي للاتحاد، فأكد ان احتفالات اعياد 2012 مختلفة تماما لاننا ونحن نعيش "حالة حداد" بعد ان فقدنا اصدقاء كثيرين ممن استشهدوا في احداث مجلس الوزراء الاخيرة وقبلها احداث محمد محمود. الا انه اكد ان الحالة الأمنية اصبحت أسوأ ومازالت غائبة حتي الان ولم نشعر بتحسن يذكر وحتي الان التهديدات مازالت ترسل للكنائس من قبل بلطجية كما في نجع حمادي بمحافظة قنا، واكد بيشوي ان البلطجية معروفون لدي رجال وزارة الداخلية الا انها تتركهم احرارا دون عقاب او حبس وهم من يستخدمون أيضا في الانتخابات. الا ان هناك تغييرات علي مستوي المواطنين وخاصة الاقباط منهم، فأصبحوا اكثر جراءة عن ذي قبل في المطالبة بحقوقهم والمشاركة السياسية وهذا أهم انجاز في 2011. ويري القس صفوت البياضي رئيس الطائفة الانجيلية في مصر، أن الاحتفالات باعياد الميلاد هذا العام لم تختلف في مضمونها، لانها مبنية علي طقوس عقائدية جوهرية ولا تتغير، اما ما يختلف من مظاهر خارجية ويؤثر بطبيعة الحال علي جو الاحتفالات من أزامات تمر بها مصر فاننا نشارك المصريين جميعا في الآلام التي يعيشها المواطنون الذين فقدوا أبناءهم وأصيبوا في احداث الثورة وما بعدها. رسالة للشعب والمجلس وفي رسالة فلوباتير جميل إلي المجلس العسكري قال: "لو أردت أن تعرف من هو اللهو الخفي الذي يقتل المصريين، فعليك أن تنظر في المرآة"، مضيفا لو أراد العسكري معرفة من المسئول عن دهس المتظاهرين في ماسبيرو فليبدأ التحقيق مع اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية، ولو حقق مع احد منهما سيعرف من دهس 27 مواطنا ومن قتل الطبيب علاء عبدالهادي ومن المسئول عن الدماء الزكية لأخي الشيخ عماد عفت". وفي رسالة من اتحاد شباب ماسبيرو، والتي وجهها عضو المكتب التنفيذي مينا ثابت قائلا: رسالتي للشعب المصري الأصيل "دماء الشباب وأراوحهم أمانة في أعناقنا جميعا لانها زُهقت ليحققوا لنا الحرية والعدالة الاجتماعية، وعلينا استكمال مسيرة ثورتنا بنجاح" ورسالة أخري للمجلس العسكري: "انتهاء الفترة الانتقالية التي أؤتمنت عليها وكُلفت بها من قبل المخلوع وفُرض علي الشعب ذلك وتعايشنا مع الامر، الا اننا فوجئنا بدماء الشهداء من جديد ونحن نرجو من المسئولين ايضاح من المسئول عنها." اما رسالة بيشوي فوزي عضو المكتب السياسي للمجلس العسكري كالتالي: "النظام الذي سيطر اكثر من ستين عاما، جاء الجيل الذي يستطيع القضاء عليه نهائيا، وعليك المجلس العسكري ان تتعظ مما حدث لمبارك وان ترحل بكرامتك". وللكنيسة "أرجو الا تتحالف مع أي نظام قادم كما كان في السابق". رسالة سلام ودعا صفوت البياضي رئيس الطائفة الانجيلية، في رسالته " ان هذا العيد هو عيد سلام واطلب من كل مسئول ان يساعد المواطنين كي تسير مركب الوطن في أمان، وان يعمل كل مسئول علي نشر الطمأنينة بين الشعب حتي تستقر الامور وطمأنة من فقد ابنه او اصيب ابنه في الاحداث الماضية، لاننا لايمكن أن ننسي من دفع حياته وضحي بعمره من اجل هذا الوطن الغالي، ولم يتوقف الامر علي القصاص من الجاني فقط وانما نوجه الشكر لكل ابناء مصر المخلصين لانهم سبب التغيير الذي نعيشه الأن، وهذا ما يدفعنا لخدمة البلد اكثر والتفاني في الدفاع عنها باستمرار ضد المخربين. واكد البياضي اننا مدينون للشهداء والمصابين وسنظل نذكرهم باستمرار. اما الانبا بسنتي فوجه رسالته للشعب والمسئولين بدعوته للحياة والعيش معا في حب الله ومصر كما تعودنا.