"الزراعة" توافق على استيراد 145 ألف رأس عجول للذبيح والتربية والتسمين    وزير التجارة يبحث مع نظيره التركي سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين    بيطري الجيزة: تنظيم قوافل مجانية لرش وتحصين الثروة الحيوانية بمركزي الصف والواحات    الحوثيون: القبض على شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية (تفاصيل)    خضر ألمانيا: النتائج السيئة في انتخابات أوروبا ليست سببا للتشكيك في الائتلاف الحاكم    روغوف: القوات الروسية تعزز مواقعها في بلدة أوروجاينويه بدونِتسك الشعبية    بشكل مارادوني.. محمد صلاح ينهي عصيان شباك غينيا بيساو (فيديو)    «الفنانات بيعلوا على بعض».. يحيى الفخراني يكشف مفاجأة عن أجور الفنانين (فيديو)    بعد تصدرها مؤشر جوجل.. أبرز تصريحات لميس الحديدي    وَفَدَيْنَٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ.. قصة إسماعيل والأضحية بالدليل من القرآن والسنة    نصائح للمواطنين في عيد الأضحى.. ليلة الواقفة ناكل رقاق وأول يوم العيد اللحمة    فتح: استقالة قائد العمليات الإسرائيلية في غزة يشكل ضغطا على نتنياهو وحكومته    حجازي: نمتلك تجربة قوية في إعداد بنوك الاسئلة والامتحانات الإلكترونية    يورو 2024| منتخب هولندا يحلم بتكرار إنجاز نسخة 1988 .. إنفوجراف    مقتل عجوز ثمانينية على يد ابنها في أحد أحياء الفيوم    بث مباشر .. كيف تشاهد مؤتمر أبل WWDC 2024 اليوم    عزة مصطفى عن واقعة مدرس الجيولوجيا: شكله شاطر    "وطني الوحيد".. جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب مجدي الجلاد رئيس تحريرها الأسبق    القاهرة الإخبارية: حركة حماس والجهاد تؤكدان ضرورة تضمن أى اتفاق وقفا دائما للعدوان وانسحابا شاملا    تكريم أحمد رزق بمهرجان همسة للآداب والفنون    ياسمين صبري تنشر جلسة تصوير جديدة من أثينا والجمهور يعلق (صور)    جمال الكشكي: إسرائيل غير مستعدة لحرب جديدة في جنوب لبنان    أمين الفتوى يرد على شبهات ذبح الأضاحى (فيديو)    أمين الفتوى: الخروف أو سبع العجل يجزئ عن البيت كله في الأضحية    تطورات جديدة حول اختفاء طائرة نائب رئيس مالاوي ومسؤولين آخرين    أول رد من جامعة الإسكندرية على فيديو رفض إعطاء مريضة سرطان جرعة كيماوي    بالفيديو| كريم قاسم يروج لفيلم "ولاد رزق 3": "لازم الصغير يكبر"    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    قافلة جامعة قناة السويس الطبية تفحص 115 مريضًا ب "أبو زنيمة"    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    المنيا تعلن استمرار فتح باب التقدم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    بحبكم.. مسرحية غنائية للأطفال بقصر ثقافة بورسعيد (صور)    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    محمد عبدالجليل يقيّم أداء منتخب مصر ويتوقع تعادله مع غينيا بيساو    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد التيار بقلم:أمينة النقاش
نشر في الأهالي يوم 30 - 11 - 2011


هكذا تحدث التيجاني الطيب
كما هي عادته دائما، فاجأني التيجاني الطيب برحيله، كما اعتاد أن يفاجئني بمقدمه إلي مكتبي في الصحيفة والحزب.
كنسيم الصبح في يوم ربيعي صحو، يهل عليك التيجاني بطلته البهية ورشاقته المعهودة، تسبقه ابتسامته الرائقة الحنون ويسألك بحياء وصوت خافت: أدخل أم أنصرف؟!
وحين يدخل، يأتي معه التفاؤل من كل حدب وصوب، تفاؤل لا ينضب بقدرة الشعب السوداني علي هزيمة أنظمة الحكم المستبدة المسيطرة مهما طال بقاؤها، كنت اسميه من فرط تفاؤله «بالمتفائل التاريخي» وكنت أجادله قائلة : أخشي أن يكون هذا التفاؤل هو حيلة للتعمية علي واقع بالغ القسوة شديد القبح، لكنني أدركت عبر الاقتراب من شخصيته. أن التفاؤل هو سلاح للقابضين علي الجمر، وللثابتين علي المبدأ، وللساعين بإصرار لا تفتر همته، علي تغيير العالم، واقتناص حقوق شعوبهم في الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية من قلب براثنه.
قدم «التيجاني الطيب » نموذجا للشيوعي المثالي، حين تطابقت تماما أفكاره مع سلوكه الشخصي الذي تألق بالزهد والتجرد والاستقامة والترفع والتواضع والرضا، رضاء المستغني إلا عن أشواق لا حدود لها بنهضة وطنه وتقدمه.
كتبت مرة في مجلة «اليسار» مقالا وصفت فيه الأزمة السودانية بأنها صراع بين ضعفين، وأزمة حكم وأزمة معارضة، فأغضبته المقالة، وكتب ردا عليها شديد اللطف والتهذيب، كان جوهره أن فترة الحكم الديمقراطي شابها كثير من الأخطاء، لكن الشعب السوداني يتعلم من اخطائه، وأدرك أن عيوب الحكم الديمقراطي، لا تعالج إلا بمزيد من الديمقراطية. وحين سألته يوما ماذا تعلم الحزب الشيوعي السوداني وهو أحد قادته ومؤسسيه من تجربة انقلاب هاشم العطا عام 1971 قال بحسم : تعلمنا أن نقف دائما ضد كل الانقلابات العسكرية، حتي لو كانت يسارية، لأن أي تغيير لا تكون الجماهير طرفا فيه، فإن مآله الفشل لا محالة.
تلقي التيجاني الطيب تعليمه الجامعي في مصر، بعد أن فصلته لنشاطه السياسي سلطات الاحتلال البريطاني من الجامعة في السودان، فتعلم في مصر وعمل بها، ثم عاد لمصر ليعيش بها لاجئا بعد انقلاب الانقاذ، لنحو عقدين من الزمان، وربما كان التيجاني يصف نفسه وهو يكتب «أن الإيمان بمبدأ الكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني، والإخلاص والعمل وفق مقتضياته من سمات الوطني الأصيل.
في أكتوبر عام 1982 قضت علي التيجاتي الطيب محاكم «نميري» العسكرية بالسجن لمدة عشرة أعوام، بعد أن كان نظامه قد أعدم رفاقه من قادة الحزب الشيوعي السوداني التاريخيين قبل هذا التاريخ بنحو عشر سنوات، وفي أثناء المحاكمة، سرد التيجاني الطيب قصة حياته، فقال:
ليست هذه أول مرة أواجه فيها القضاء، فأنا مناضل من الصبا الباكر، والفضل في ذلك يعود إلي أبي معلمي الذي كان قائدا الثورة 1924 في شندي، وظل وطنيا غيورا حتي وفاته. كما يعود لجيلنا العظيم جيل الشباب الذي حمل أعباء نهوض الحركة الوطنية والديمقراطية الحديثة، وأنني اعتز بأنني كنت من المبادرين والمنظمين البارزين لأول مظاهرة بعد عام 1924 وهي مظاهرة طلاب المدارس العليا عام 1946. وأعتز بأنني في مصر أديت نصيبي المتواضع في النضال المشترك مع الشعب المصري الشقيق ضد الاستعمار، وحكومات السراي والباشوات، ونلت معه نصيبي المتواضع من الاضطهاد باعتقالي سنة، وقطع دراستي. واعتز بأنني شاركت مع رفاق اعزاء في كل معارك شعبنا من أجل الحرية والتقدم الاجتماعي والديمقراطي، وقمت بدوري المتواضع في بناء الحركة العمالية وتنظيماتها ونقاباتها، والحركة الطلابية، واعتز بأنني في سبيل وطني وشعبي شردت واعتقلت وسجنت ولوحقت، وإنني لم أسع إلي مغنم، ولم أتملق حاكما، ولم اتخلف عن التزاماتي الوطنيةو كما اعتز بأنني مازلت مستعدا لبذل كل تضحية تتطلبها القضية النبيلة التي كرست لها حياتي، قضية حرية الوطن وسيادته تحت راية الديمقراطية والاشتراكية، وأضاف التيجاني :
ولست أقول ذلك بأي نزعة فردية، فأنا لا أجد تمام قيمتي وذاتي وهويتي إلا في خضم النضال الذي يقوده شعبنا وقواه الثورية، إلا كمناضل يعبر عن قيم وتطلعات وأهداف ذلك النضال، إلا عبر تاريخ شعبنا ومعاركه الديمقراطية والاجتماعية: إنني جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ المجيد، وهذه القيم والتطلعات النبيلة. أن هدف السلطة من تقديمي لهذه المحاكمة ليس شخصي بالدرجة الأولي، وإنما مواصلة مساعيها لمحو التاريخ الذي أمثله والتطلعات التي أعبر عنها ولكن هيهات.
وهيهات أن يموت من كان مثل التيجاني الطيب. فالأشجار التي بذرها شوقا إلي العدل والحرية، سوف تثمر اجيالا وأجيال من الحالمين والمتفائلين مثله، بمولد وطن ترفرف علي ربوعه رايات العدل والحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.