تبلغ حصة الإنفاق العام علي التعليم في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2011/2012 نحو 692.55 مليار جنيه بما يوازي 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي المذكور مقارنة بإنفاق قدره 654.48 مليار جنيه في العام المالي 2010/2011 بما يوازي 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي حسب بيانات وزارة المالية علي موقعها، مقارنة بإنفاق قدره 7.41 مليار جنيه في العام المالي 2009/2010 بما يعادل 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام نفسه مقارنة بنحو 9.39 مليار جنيه في العام المالي 2008/2009 بما يعادل 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك العام، وبهذه النسب من الإنفاق علي التعليم تعد مصر من أدني بلدان العالم في الإنفاق في هذا المجال. برغم الزعم بتوفير متطلبات التعليم سواء التعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي وتأكيدا من الدولة علي أن التعليم حق للجميع وإيمانا منها بأن التعليم هو المدخل الأساسي للإنتاج والتنمية، لكن الموازنة الحالية والحكومة المصرية الحالية لم تعكس نبض الشارع أو الشعب المصري بل أعادت إلينا اتباع نفس الرؤي في الموازنات السابقة لعهد مبارك، حيث إنها لم تتغير عن الموازنات السابقة في وضع التعليم في صدر أولياتها. نفس الرؤي والمعروف أن ميزانية التعليم هي ثلث للتعليم العالي وثلثان للتعليم ما قبل الجامعي، وقد أعلن في الموازنة الجديدة أن الزيادة في مخصصات التعليم هذا العام هي للبحث العلمي والتطور التكنولوجي، ففي موازنة 2010/2011 كانت مخصصات البحث العلمي 8.3 مليار جنيه زادت في موازنة 2011/2012 إلي 8.4 مليار جنيه بزيادة مليار جنيه عن العام الماضي، وزيادة لدخول أعضاء هيئات التدريس في مشروع ربط الأداء بالجودة 745 مليون جنيه لتصبح 1345 بالمليون، وكانت في العام المالي 2010/2011 600 مليون جنيه، وقد أعلن وزير التربية والتعليم في حوار ل «الأهالي» عن أن هناك عجزا في الأبنية التعليمية وأنه برغم زيادة مخصصات الأبنية التعليمية في الموازنة الجديدة إلي 7.5 مليار جنيه وهو ثلاثة أمثال مخصصات الأبنية في الموازنة السابقة، لكننا نحتاج حتي عام 2017 حوالي 51 مليار جنيه للأبنية التعليمية حتي تقضي علي مشاكل التكدس وكثافة الفصول ومدارس الفترتين وبناء مدارس جديدة في الأماكن المحرومة من وجود مدارس بها، لأن هذه المشكلة تؤدي إلي زيادة نسبة الأمية وعدم الإلمام بالقراءة والكتابة وإلي التسرب من التعليم.. والحقيقة أن هذا المستوي المتدني من الإنفاق علي التعليم في مصر لا يتسق مع ما تعلنه الدولة عبر كل أجهزتها المعنية عن رغبتها وتخطيطها لإنهاء الأمية ورفع مستوي التعليم وتطويره، ومن المنطقي والحال هكذا أن تكون نسبة المتسربين من التعليم بين الشباب في الفئة العمرية من 18 - 29 سنة هي 27% ومنهم 10% لم يدخلوا التعليم قط وذلك وفقا لتقرير التنمية البشرية في مصر عام 2010، كما أن مشكلة عدم إجادة طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية للقراءة والكتابة وهي الطامة الكبري وذلك باعتراف كل وزراء التعليم بهذه المشكلة متهمين التكدس بالفصول وعدم كفاية الأبنية التعليمية وكذلك انخفاض رواتب المعلمين وكلها مشاكل تؤدي إلي تدهور مستوي التعليم، ولكن للأسف أن حكومة ما بعد ثورة 25 يناير مازالت تسير علي نفس نهج الحكومات السابقة، وأن التعليم والبحث العلمي لم يعدا من أهم أولوياتها. وتشير الدكتورة ثريا عبدالجواد الأستاذ بجامعة المنوفية أن نسبة الزيادة في ميزانية التعليم ضئيلة ولا تكفي مقارنة بما ينبغي أن تخصصه الدولة لتصحيح أوضاع التعليم، لأن أوضاع الجامعات متدهورة، وهذه الزيادة لا يمكن بداية الإصلاح بها، فجزء كبير من هذه الزيادة تمتص في رواتب الأساتذة والمعلمين، ومليار جنيه زيادة في ميزانية البحث العلمي لا تكفي لشيء، فنحن نحتاج إلي معامل ومكتبات ودوريات علمية، وتتساءل ثريا عبدالجواد هل تكفي مليار جنيه زيادة في ميزانية البحث العلمي لتطوير المعامل ومواد البحث وكذلك النشر في الدوريات العلمية، ونحتاج أولا إلي بناء البنية الأساسية للجامعات والبحث العلمي، فمثلا ميزانية البحث العلمي في إسرائيل حوالي 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي ومقارنة بعدد السكان عندنا فلابد أن تضرب هذه النسبة في ثلاثة بالزيادة علي الأقل حتي نستطيع تطوير البحث العلمي والجامعات، وأن تكون مخصصات تطوير البحث العلمي والجامعات بميزانية خاصة منفصلة عن مخصصات الأجور، وأن تكون هناك نظرة مستقبلية للتعليم قبل الجامعي بزيادة مخصصاته لتطوير المدارس والمعامل والمكتبات والأنشطة ولزيادة رواتب المعلمين إذا كان بالفعل التعليم والبحث العلمي من أولويات الحكومة الآن. زيادة ضئيلة الدكتورة ليلي سويف الأستاذ بجامعة القاهرة تقول الزيادة في مخصصات التعليم والبحث العلمي ضعيفة وهذا يدل علي خلل في الأولويات بالنسبة للحكومة الحالية، لأنها مازالت تضع مخصصات كبيرة للأمن، وتتجاهل المطالب بوضع ميزانية معقولة للتعليم، وخاصة أن هذه الزيادة سوف تلتهما عملية تحسين أجور الأساتذة والمعلمين، التي وصلت إلي 7 مليارات زيادة في الميزانية يمكن أن تطور الجامعات والبحث العلمي والتعليم قبل الجامعي، ولو كان وضع هذه الزيادة لتطوير التعليم ما قبل الجامعي فقط فكان ممكن أن يتم بعض التطوير ولكن أن تكون هذه الزيادة الضئيلة للتعليم الجامعي وما قبل الجامعي فهذا شيء سييء ولن يفعل شيء منظور للتطوير، وتشير إلي أن المؤسسات البحثية تعاني من قلة الأدوات التي تساعد في البحث العلمي ومعظم شباب الباحثين في هذه المراكز ليسوا بعقود بل للأسف باليومية والبحث المفروض أن يكون علي عينة من 200 ، يتم عمله ب 30 فقط ومعظم الباحثين يدبرون موارد البحوث فهل يمكن أن يكون عندنا بحث علمي والحال هكذا وتتساءل ليلي سويف متي يكون التعليم والبحث العلمي في مقدمة أولويات الحكومة؟ ويؤكد الدكتور عمرو السباخي - الأستاذ بجامعة الإسكندرية - أنه لا توجد خطة قومية للارتقاء بالجامعات والبحث العلمي وربطه بالصناعة والإنتاج، ولكن هناك بعض أبحاث للترقية ولا علاقة لها بالبحث العلمي والابتكار، والاهتمام بالتعليم لم يعد من ضمن أولويات هذه الحكومة والمسئولين عن التعليم، وهذه الزيادة سوف تذهب لأجور الأساتذة والمعلمين، ولا توجد رؤية واضحة للتطوير، فالجامعات ومراكز البحث العلمي تحتاج إلي إمكانيات مادية ومعملية ومكتبات ودوريات علمية، وكذلك المدارس في التعليم ما قبل الجامعي حتي يتم التطوير، ونحن أمامنا مرحلة طويلة من المعاناة حتي يتم تحديد ميزانية تسمح بالتطوير المنظور.