الجولة الخليجية بحثت آليات مساندة الموازنة العامة للدولة بعد ثورة 25 يناير من المنتظر أن تشهد الأيام القليلة القادمة مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الجديد 2011-2012 وسط حالة من التخوفات الشديدة بسبب تصاعد المطالبات الفئوية وفي نفس الوقت الوعود التي قدمتها الحكومة لتحقيق تلك المطالب في إطار المحاولات لإعادة عجلة الإنتاج وتنشيط الاقتصاد المصري، الذي بلغت خسائره طبقا للمعلومات التي حصلت عليها "الأهالي" أكثر من تسعة مليارات دولار خلال الثلاثة شهور الماضية. لذلك لم يكن غريبا أن تصف وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا الموازنة الجديدة بأنها "ميزانية أزمة" يمر بها الاقتصاد المصري . تشير المعلومات أن وزارة التخطيط والتعاون الدولي قد انتهت من وضع المؤشرات الأولية للموازنة الاستثمارية وذلك بعد عدد من الاجتماعات علي مستوي القطاعات الاقتصادية التي عقدتها الوزيرة فايزة أبو النجا علي مدي الشهر الماضي وربما كان ذلك أهم البنود في الموازنة الجديدة في ظل تراجع حركة الاستثمار الاجنبي وعلمت "الأهالي" أن العجز المالي المتوقع ربما يزيد قليلا علي 149.5 مليار جنيه . لكن في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لمناقشة الموازنة العامة للدولة تمهيدا لرفعها إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإقرارها إلا أن تلك الموازنة - رغم أن البعض اعتبرها آخر موازنات الخطة الخمسية الحالية والتي ستكون الأساس للخطة الخمسية الجديدة - فإن هناك العديد من المشاكل والعقبات التي تعترض بنود تلك الموازنة خاصة فيما يتعلق بنسبة العجز المتوقعة في ضوء الشهور الثلاثة الماضية التي قفز فيها العجز من 8.1% إلي 8,5% في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السابقة تخطط للوصول بالعجز إلي 7.9%من إجمالي الناتج القومي وكذلك تراجع الإيرادات المتوقعة بنسبة كبيرة بالمقارنة بإيرادات كانت تقدر بحوالي 285.8 مليار جنيه. أما المشكلة الأكبر فتتمثل في المصروفات العامة المتوقعة، والتي كانت تقدر خلال الموازنة العامة الحالية 2010-2011 بأكثر من 403 مليارات جنيه. وطبقا لما قالته مصادر حكومية أصبح لزاما علينا أن نعطي البعد الاجتماعي أولوية في ضوء المطالبات الفئوية التي قمنا بحصرها علي مدار الثلاثة شهور الماضية ومواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار من خلال زيادة حجم الدعم المخصص للسلع التموينية الأساسية بل والاستعداد لتحمل أعباء جديدة في ظل الوعود باستخراج بطاقات جديدة وكذلك زيادة معاشات الضمان الاجتماعي وأعداد المستفيدين من الأسر الأولي بالرعاية. وكذلك الوعود بتحسين معدلات الأجور علي الأقل إذا لم تستجب الحكومة الآن للمطالبات بوضع حد ادني للأجور نظرا للظروف الراهنة. وكذلك الرعاية الصحية والتعليم بجميع أنواعه .أما التحدي الأكبر فهو توفير الاعتمادات المالية لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية .وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها "الأهالي" فان مناقشة الخطة الاستثمارية لوزارة الكهرباء قد حظيت بدراسة شديدة خاصة ان هذا القطاع من القطاعات التي تعتمد علي التمويل الذاتي وكما قالت مصادر مسئولة بوزارة التخطيط فان إجمالي موازنة الكهرباء للعام المالي 2011/2012 يصل إلي 20 مليار جنيه، يتم تدبيره من خلال الشركات التابعة لقطاع الكهرباء دون تحميل ميزانية الدولة سوي 2,5 مليار جنيه وهي موازنات الهيئات التابعة لقطاع الكهرباء. واعتبرت فايزة ابوالنجا إن موازنة العام المالي الحالي قد تكون أساس للخطة الخمسية علي اعتبار أنها الموازنة الأخيرة من الخطة الخمسية الأخيرة، لذلك لم يكن غريبا أن نعطي الأولوية لقطاع التنمية البشرية وقطاع الزراعة فيما يتعلق بالاستصلاح الزراعي والتعليم العالي كأحد أدوات التنمية في الموازنة الاستثمارية وحتي إذا كانت الاعتمادات محدودة نتيجة الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري كنا حريصين علي إعطاء الأولوية لهذه القطاعات وتعمدنا أن تكون الموازنة الاستثمارية أعلي قليلا من العام الماضي بهدف إعطاء مؤشرات ايجابية للمستثمرين في الخارج إننا ندعم ونشجع الاستثمارات الأجنبية في مصر. وقالت إننا تعمدنا لأول مرة إشراك القطاع الخاص في الصناعة والزراعة والتجارة في مناقشات اعتمادات الخطة الاستثمارية وحتي المجتمع المدني وحتي ائتلاف اتحاد الثورة وذلك بالتنسيق مع وزارة المالية لتوفير التمويل اللازم ولذلك فان العبء الاساسي سيكون علي عاتق المصريين أنفسهم ونحتاج إلي دعم الجاليات المصرية في جميع دول العالم سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية وحتي الدول العربية . لكن مع الاستعداد لمناقشة أول موازنة عامة للدولة بعد الثورة خلال اجتماع مجلس الوزراء ربما اليوم لم تتوقف حدة التخوفات عند ذلك الحد بل إن أحداث الشهريين المتبقيين من العام المالي الحالي قد تؤدي إلي زيادة تلك التخوفات في ضوء القفزات المتوقعة سواء للتضخم أو نسبة العجز المالي في الأسابيع القليلة المتبقية من عمر الموازنة العامة الحالية خاصة ان وزير المالية د.سمير رضوان قد أكد انه من المتوقع أن تحتاج الفترة المتبقية منها إلي 2 مليار دولار لسد العجز في الموازنة أما إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية علي ما هي علية فان ذلك يعني أن مصر ربما تحتاج إلي مايقرب من عشرة مليارات دولار علي الأقل خلال العام المالي الذي سيبدأ بعد شهرين تقريبا وبالتالي إذا حدث ذلك فان نسبة العجز ربما تقفز من 9.1% الي ما يقارب ال10% . وعندما سألت وزير المالية حول معدل النمو خلال الثلاث شهور الماضية قال لقد حدث انكماش شديد في معدل النمو بنسبة 7% خلال الربع الثالث من الموازنة العامة الحالية اي إن النمو -7% . توابع الأزمة مازلت مستمرة واي مبالغ إضافية تقررها الآن الحكومة غالبا ما تمثل عبئا علي الموازنة العامة للدولة وخلال الأيام الماضية ودون مقدمات قررت الحكومة فجأة رصد اعتماد اضافي بمبلغ 10 مليارات جنية وذلك لمواجه النقص الشديد في سلع البطاقات التموينية بل ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل قررت الحكومة فتح باب استيراد الأرز لأول مرة واستمرار حظر تصدير الأرز المصري. وربما يفسر ذلك السبب من وراء الجولة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء برفقة وزير المالية د.سمير رضوان إلي عدد من دول الخليج بهدف إيجاد آليات لمساندة الموازنة العامة للدولة إما مساندة مباشرة من خلال المساعدات أو غير مباشرة عن طريق مطالبة هذه الدول بزيادة استثماراتها في مصر فقد تنبهت الحكومة إلي أهمية تحويلات المصريين في الخارج علاوة علي بعض التوقعات بتراجعها خلال الفترة المقبلة بعد أن تراجعت تلك أن فقدت مصر جانبا من تلك التحويلات في ظل استمرار الأزمة الليبية ويبدو أن المحادثات قد تطرقت إلي فتح فرص عمل للعمالة المصرية في الأسواق الخليجية لتعويض السوق الليبي ، خاصة ان تحويلات المصريين من الدول الخليجية كانت تصل إلي أكثر من ستة مليارات دولار سنويا .كما ان الدول الثلاث - السعودية والكويت وقطر - من الدول التي تحظي بأهمية في ميزان العلاقات التجارية الخارجية .حيث يبلغ الميزان التجاري مع السعودية إلي أكثر من 3.5 مليار دولار ومليار دولار مع الكويت وأكثر من 350 مليون دولار مع قطر وبالتالي من الممكن أن تلعب تلك الدول دورا في إعادة التوازن للميزان التجاري المصري .