«صوت أجراس عم بتدق بعيد»، فقط كانت هذه هي الصورة ليخرج من إطارها الزينة والناس كما قالت فيروز واصفة «ليلة العيد»، فالمشهد لم يحتمل معه الزينة، ظلت الشوارع مزدحمة قليلا تبحث لها عن شخص سعيد ولم تجد.. ليلة عيد الميلاد لم تكن جميلة بالدرجة الكافية لتحمل معها دموعا كثيرة علي ما حدث ودموعا خائفة لما سيحدث، إحساس المصريين بعيد الميلاد المجيد كان اشبه بالبارحة قليلا في العام الماضي عندما حدثت حادثة نجع حمادي، ولكن هذا العام لأن الألم أقرب كان الحزن أقرب، ولم نرصد حزن المسيحيين فقط ولكن جاء معه حزن المسلمين أيضا وملامح أخري بجانبه حملت التحدي لتعم الشوارع بالجميع من يرتدي ملابس أنيقة للذهاب إلي الكنيسة للصلاة - رغم أنف الإرهاب- ومن فضل المشاركة بالنزول للشارع والسير فيها كمراقب لما يحدث أو مشارك أو متحد، المهم أن المشهد حمل ملامح الاخاء خاصة مع حرص الكثيرين من المسلمين علي الذهاب إلي من الكنائس ومشاركة اخوانهم لحظات الصلاة. امتلأت شوارع وسط القاهرة عن آخرها ليلة العيد وازدحم المرور لتتكدس السيارات في الطرق وتعلوأصوات الأبواق، بينما جاءت الكنائس هادئة المعالم ينيرها الصليب بالأعلي وتفتح أبوابها، رغم كل شيء لاحظنا فرحة في عيون الاطفال أيدتها - مجاملة- عيون الاباء والامهات ليشتري البعض ملابس العيد ويكتفي آخرون بما لديهم. تواجد الأمن بالشوارع بشكل مكثف وكثيف والسيارات المصفحة بينما أغلق الأمن الكثير من المقاهي بالشوارع الجانبية وظل يوقف من يرتاب منه حتي الساعات الأولي من الصباح استمعنا إلي أحد الحوارات التي جاءت علي لسان رجلين «بالمترو» مؤكدين أن استعدادات الأمن مجرد شكل مرددين «كانوا فين وقت الحادث» ليرد آخر قائلا «النهاردة عيد الكل مش شايف زحمة الشارع» وعند تنقلنا إلي مطرانية الجيزة نشعر بتكدس السيارات في شارع مراد وبسؤال السائق رد قائلا: عيد بقي كل سنة وانت طيبة» كل هذه الملامح جعلتني رغم انف الجميع اتفاءل «بمصر الحلوة» فالزحام والشوارع والوجوه رغم الحزن الذي يميزها ويجعلها خالية من الجمال يؤكد أن هناك «ليلة عيد» تنتظر مريديها. مني السيد، فتاة تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها وتعمل بائعة داخل محل ملابس بوسط البلد قامت بشيء لافت للنظر خلال يوم الخميس الماضي حيث وضعت بجوارها شنطة ممتلئة بالحلوي (البونبون والتوفي) لتوزيعه علي الزبائن خاصة الاخوة المسيحيين وهي تملأ وجهها بابتسامة بسيطة مرددة «كل سنة وانتم طيبين» مما جعل الجميع يندهش من تصرفها ولكنه يردد في قرارة نفسه «مصر بخير»، ولاقت استحسان الجميع حتي صاحب المحل الذي خشيت من رد فعله شجعها علي هذا الفعل. وفي بعض المناطق الشعبية مثل بولاق الدكرور أصر عدد من شباب المنطقة أن يعلقوا بعض الأنوار علي شكل «الصليب» مع الهلال تأكيدا لمشاركتهم الاحتفالات مع اصدقائهم المسيحيين بينما ذهب عدد كبير من الشباب إلي الكنائس القريبة لحمايتها كدروع بشرية بعد الدعوات التي جاءت علي الإنترنت تحمل كلمة «يانعيش سوا يا نموت سوا»، لتظل مصر حتي الساعات الأولي من الصباح علي موعد مع الترقب المغلف بالأمل في الأمان، «فعشاق الحياة» رغم كل شيء يفضلونها «حياة»