بدلا من كشف القناع عن مخططات تخريب وتدمير مصر وهدم الدولة الوطنية وتفكيك الجيش المصري وعمليات القتل والاغتيال.. وبدلا من تحليل ابعاد مشروعات وأهداف الجماعة الإرهابية التي كانت تسعي لاستكمال مقومات الدولة الفاشية الدينية التكفيرية فى مصر وتمزيق النسيج الوطني وتحريك الفتن الطائفية والمذهبية. وبدلا من فضح المؤامرات الأمريكية- التركية- القطرية- الأوربية- الإسرائيلية التي استهدفت- ولاتزال- إلحاق مصر، مرة أخري ، بدائرة التبعية للغرب والإبقاء علي بلادنا- إلي ما لا نهاية جزءا من الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة.. وبدلا من الرد علي الاكاذيب التي ترددها وسائل الإعلام المعادية فى الغرب ضد الثورة المصرية علي الاستبداد السياسي والديكتاتورية باسم الدين.. وبدلا من إحلال ثقافة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة محل ثقافة التخلف ومجتمع البداوة وفتاوي الدم.. بدلا من ذلك كله.. يخصص البعض كل كتاباتهم ويكرسون أقلامهم لموضوع واحد يحتوي علي الكثير من المبالغات ولا يعكس حقيقة الأوضاع فى مصر بطريقة موضوعية. ثمة تركيز مكثف وإلحاح مستمر من جانب البعض علي أننا نعيش فى مجتمع يعاني من جرعات النفاق الضخمة للمشير السيسي، وفي مجتمع الإجراءات القمعية والاعتقالات العشوائية التي يخسر فيها اصحاب الضمائر كل شيء.. بل إن هذا البعض يؤكد أننا اصبحنا فى مجتمع الاستبداد، وانك إذا كنت معارضا للنظام.. لابد أن تتوقع حملة تشويه ضدك حيث إن الاتهامات واللعنات تتكاثر علي رؤوس «المعارضين»! ولا يقتصر الأمر علي ذلك، بل إننا بإزاء الاختيار الصعب: إما أن تؤيد ما تفعله الشرطة بلا أي تحفظ، وتقبل كل شيء تفعله القوات المسلحة.. أو تكون خائنا لبلادك!! ذلك أننا نعيش فى مجتمع يجري فيه غسيل لأدمغة المصريين وتزييف وعيهم بالكامل والصاق كل الجرائم بجماعة الإخوان.. تمهيدا لعودة نظام مبارك!!! والحقيقة أن الحد الأدني من التحليل الموضوعي لحقائق الأوضاع فى مصر يؤكد أن هذا التصور- الذي سبق عرضه- للمجتمع المصري والممارسات الجارية الآن.. غير منصف وغير متوازن علي الاطلاق، بل أنه يعني أن المصريين الذين قاموا بأعظم ثورتين فى التاريخ ويحاكمون رئيسين للجمهورية أمام القضاء فى وقت واحد.. هم جماعة من السذج والبلهاء الذين يمكن أن تفرض عليهم اجراءات قمعية وغسيل مخ أو يخضعون لأي استبداد. ولابد هنا أن نلاحظ أن ثمة إغفالا واضحا لكل ما يرتكبه الإرهابيون- ومن يساندونهم فى الخارج- ضد الشعب المصري، واغفالا تاما للربط بين ما يجري فى مصر وما يجري فى عالمنا العربي. و»المعارضون» الآن هم الذين يستخدمون العنف، أما اصحاب الآراء التي تنتقد كل ما يجري .. فإن المجال أمامها مفتوح علي مصراعيه فى كل وسائل الإعلام علي نحو يتجاوز كل الحدود . وثمة سؤال: لماذا لا نقبل ما تفعله القوات المسلحة إذا كان ما تفعله هو تطهير سيناء من أوكار الإرهاب ومعاقل الإرهابيين، وإغلاق انفاق التهريب ومواجهة المخربين الذين يقتلون ابناءنا كل يوم، والدفاع عن الأمن القومي المصري. وأريد أن اطمئن اصحاب هذا الكلام إلي أن نظام مبارك انتهي ولن يعود، وكذلك نظام الجماعة الارهابية .. ذلك أن الوعي السياسي للشعب المصري بلغ الذروة. ولن يهدر تضحياته. ملاحظة أخيرة: لا اعتبر من يصفون الأوضاع فى مصر علي النحو المشار إليه خونة لبلادهم أو يستحقون إلصاق الاتهامات بهم أو صب اللعنات علي رؤوسهم أو تشويههم . وكل ما اتمناه أن يتفهموا بصورة اكثر دقة وتفصيلا.. ما يريده الغرب والاخوان.. ويدبرونه لهذا البلد.