عبدالنبى عبدالجواد: أثار الحكم الصادر بعودة الحرس الجامعى لحرم الجامعات المصرية، جدلا شديدا بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب وبعض ممن ينتمون للقوى الثورية ما بين مؤيد ومعارض. ويعتبر الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة بعابدين بعودة الحرس الجامعى حكما غير نهائي، وإنما مجرد طعن قضائى لقبول الدعوى المنظورة فى هذا الشأن، بالإضافة إلى أن هناك حكما «المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة» بتاريخ 23/10/2010 بتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بإلغاء الحرس الجامعى التابع لوزارة الداخلية من حرم الجامعات وهو حكم لا يجوز الطعن عليه، وكان الحكم ينص على إنشاء وحدة أمنية تشرف عليها كل جامعة لأن وجود حرس الداخلية يمثل انتقاصا للاستقلال الذى كفله الدستور والقانون للجامعات ويعد قيدا على حرية الأساتذة والباحثين والطلاب. فى التحقيق التالى نبحث تداعيات هذا الحكم . أكد د. بكر زكى عوض «عميد كلية أصول الدين بالقاهرة» أهمية عودة الحرس الجامعى فى هذه الفترة التى بلغ التجاوز فيها مداه ونال الكثير من أعضاء هيئة التدريس ومنشآت الجامعة والممتلكات العامة والخاصة فى شكل إرهاب منظم امتدت آثاره للعديد من كليات جامعة الأزهر والجامعات المصرية مما استوجب استدعاء الأمن لإعادة الاستقرار لساحات الجامعة. ورحبت د. آمنة نصير أستاذة الشريعة فى جامعة الأزهر بعودة الحرس الجامعى لحرم الجامعة لحماية المنشآت والمؤسسات الجامعية وحماية الطلبة وأعضاء هيئة التدريس من الانتهاكات اليومية واستهداف جماعة الإخوان لمن يعارضونهم فى الرأى والفكر، ووصفتها بأنها خطوة فى إطار تهيئة المناخ الملائم للعملية التعليمية والعلماء فى تحقيق رسالتهم وأداء دورهم فى خدمة الطلاب والمجتمع وأنها أول من طالبت بعودة الحرس الجامعى لساحات الجامعات ولكن بشرط عدم التدخل فى العملية التعليمية والإدارية للجامعات. حق التظاهر السلمي ورفض جورج إسحاق عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان دخوله لساحات الجامعات المصرية وطالب بأن يقتصر دوره خارج أسوار الجامعة لحماية المؤسسات التعليمية ويتم استدعاؤه فى حالة التخريب أو خروج المظاهرات عن نطاق السلمية وألا يكون وجوده مصادرة لحق الطلاب فى التظاهر السلمي. بينما أكد أحمد بهاء الدين شعبان – أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى وأحد قيادات الحركة الطلابية فى السبعينيات – أنه كثيرا ما ناضل من أجل تحرير الجامعة ضد تدخل حرس الجامعة والأمن فى شئونها ولكن ما صنعته جماعة الإخوان من إرهاب وتدمير لمؤسسات الدولة وممتلكات الشعب وتحويل الجامعة لساحة حرب هو الذى مهد الطريق لعودة الحرس الجامعى بل أصبح أمرا اضطراريا وواقعا مفروضا نظرا لتعدد مظاهر الإرهاب واتساع نطاقه. فترة محدودة وناشد الحرس الجامعى بعدم التدخل فى شئون الجامعة الإدارية والسياسية والفكرية حتى لا يتجدد الصراع من جديد مع الحركات الطلابية بالجامعات المصرية وأن يكون وجوده لفترة محدودة لحين استقرار وعودة الأمن بالجامعة. كما حث الطلاب على الاهتمام بدراستهم والبعد عن مؤامرات الإخوان التى تهدف لتشويه الحركة الطلابية وكسب تعاطفها وجرها للصدام مع الدولة والمجتمع وأن يدركوا خطورة اللحظة الراهنة التى تمر بها مصر وأن تصب حركتهم الطلابية ونشاطهم السياسى لخدمة الوطن والمجتمع بعيدا عن العنف والتخريب. الإحساس بالمراقبة بينما ساد التوجس والخوف أوساط الشباب فى الجامعات المصرية حيث أكد حسن محمد «كلية اللغة العربية جامعة الأزهر» رفضه التام لعودة الحرس الجامعى لأنه سيدفع الطلاب للإحساس بالمراقبة طول الوقت وأن حل مشكلة الأمن داخل جامعة الأزهر يتمثل فى عدم إضطلاع الأمن بدوره فى تفتيش الطلاب ونجاح عناصر الإخوان فى الدخول بالمولوتوف والأسلحة داخل الكليات وأن الحل يكمن فى زيادة أفراد الأمن وتركيب بوابات إلكترونية على أبواب الجامعة. تكميم الأفواه بينما وصف أحمد غنام «آداب المنصورة» عودة الحرس الجامعى بأنه محاولة لعودة النظام القديم بكل صوره كما أنه محاولة لتكميم الأفواه لأن معاملة الأمن لا تفرق بين الطالب والمجرم. عودة نظام مبارك واعتبر أمير البحراوى عودة الحرس الجامعى عودة لنظام مبارك القمعى وضد ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو وطالب الحرس الجامعى بأن يسمح بممارسة السياسة داخل الجامعة وإنشاء الاتحادات الطلابية والإفراج عن المعتقلين من طلبة الجامعات المصرية وعدم استخدام العنف فى مواجهة المظاهرات السلمية. الاستعانة بشركات خاصة وطالب مصطفى محمود «آداب طنطا» بالاستعانة بشركات الأمن المتخصصة فى مجال الأمن داخل الجامعة بينما يقتصر وجود الشرطة خارج أسوارها ويتم استدعاؤها فى حالة طلب عميد الكلية أو رئيس الجامعة لها أو فى حالة إحداث تخريب أو خروج المظاهرات عن السلمية وعجز شركات الأمن عن احتوائها. وشاركه الرأى صالح خالد حيث طالب بعدم توظيف عودة الحرس الجامعى سياسيا حتى لا تعود للأذهان تجاوزات الأمن وصورته أيام الرئيس المعزول محمد حسنى مبارك. الاعتقالات العشوائية بينما وصفه أحمد خالد «جامعة حلوان» بأنه عودة للتوتر لأن مواجهة العنف يكون بالفكر وليس بالأمن. وانتقد معاملة الأمن مع الطلبة التى تعتمد على العنف والاعتقالات العشوائية. بينما رحب ياسر محمد «جامعة القاهرة» بعودة الحرس الجامعى لأنه سيضع حدا للتجاوزات التى يرتكبها الإخوان والجماعات الإسلامية والتى تجاوزت الحدود وجعلت من محراب العلم ساحة للمعارك السياسية وأودت بحياة العديد من الطلاب داخل الجامعة. وشاركه الرأى مى سمير «جامعة بنها» حيث أكدت أن عودة الحرس الجامعى ضرورة فرضتها الظروف الأمنية التى تعيشها مصر كما أنه يحفظ حق الطالب المنتظم فى تحقيق أهدافه وتحمى الفتيات من عبث وإرهاب الإخوان داخل الجامعة. ومع هذا وذاك يبقى الأمن مطلوبا والتخوف مشروعا وسلوك الإخوان داخل الجامعات مرفوضا ومعاملة الحرس الجامعى للطلاب برفق واحترام أملا مرغوبا. خارج الأسوار الدكتورة ثريا عبدالجواد – الأستاذ بجامعة المنوفية – ترى أن هناك تخوفا من رجوع الحرس إلى داخل الجامعات، ويهدد استقلالها كما كان فى عهد مبارك، فالمعروف أن حرس الداخلية فى الجامعات قبل الحكم التاريخى بخروجهم كان يتصرف فى كل أمور الجامعة حتى الأكاديمية، من يسافر من يحصل على وظيفة أو ترقية وحصول أى أستاذ على منصب كان لابد من موافقة الأمن، ودعوة أى محاضر من أى جامعة أخرى فهو أمر يخص الأمن وحده إلا إذا كان المدعو وثيق الصلة بالأمن ولجنة السياسات وحتى أمور البعثات العلمية الأمن كان يحدد من يسافر ومن لا يسافر، وكان مكتب رئيس الجامعة ومكتب العميد هما بكل منهما ممثل لأمن الدولة هو الذى يقرر كل شيء ورئاسة الجامعة لا تحرك ساكنا ولا حتى تحتج للحفاظ على كرامة الأساتذة. الحل الأمنى وحده لا يكفي وتقول ثريا عبدالجواد من الممكن وجود حرس الداخلية ولكن خارج أسوار الجامعات، ولا يدخل الجامعة إلا باستدعاء من رئيس الجامعة إذا كان هناك خطر، ومن يح اول منهم بعد ذلك إتلاف الممتلكات أو تعطيل الدراسة أو التخريب يعاقب بالقانون، لأنه لا عودة مرة أخرى لفرض قيود أمنية على الجامعات، بالإضافة إلى حكم محكمة القضاء الإدارى بخروج الحرس وتأييد الحكم من المحكمة الإدارية العليا ولا يمكن إلغاإه، ونحن سندافع عن استقلال الجامعات ومنع تغول يد الأمن فيها مرة أخري. رجوعه لمدة محدودة الدكتور شبل بدران – الأستاذ بجامعة الإسكندرية – يقول: من سخريات القدر أننا نطالب برجوع الحرس الجامعى مرة أخري، بعد سنوات عديدة من الرفض والاحتجاج لوجوده لأنه يهدد استقلال الجامعات، ولكننا اليوم فى حاجة ماسة لوجود الحرس فهذا ظرف ضرورة، الأمن العادى لا يستطيع مواجهة إرهاب طلاب الإخوان وتعريض حياة الطلاب للخطر ونشر التخريب والفوضى وإعاقة العملية التعليمية وتهديد الأمن الاجتماعى للبلاد، ولكن لا نطالب بعودة حرس أمن الدولة السابق الذى كان يسيطر على الجامعات فى كل أمورها حتى الأكاديمية، وليكن رجوع الأمن لمدة عام حتى تستقر الأوضاع، لأننا ضد وجود الحرس بشكل دائم لأنه يهدد استقلال الجامعات أى أن يكون استدعاؤه مؤقتا. يؤمن الجامعات من الخارج الدكتور عبدالحكيم عبدالخالق – رئيس جامعة طنطا – يقول إنه ملتزم بتنفيذ الأحكام القضائية، ولكنه فى ذات الوقت ملتزم بتكليف الأمن الإدارى المدنى لتأمين الجامعات من الداخل، مشيرا إلى أن الجامعة كأى منشأة داخل الدولة يجب أن تؤمنها قوات الداخلية من الخارج لامن الداخل، إلا فى الظروف الاستثنائية كالتخريب فى المنشآت، لأن وجود الحرس الجامعى داخل الجامعات فى السابق لا يجوز إعادته مرة أخري. رفض عودة الحرس وأثار عدد من الأساتذة من أعضاء مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات رفضهم المطلق لعودة الحرس الجامعى معتبرين أن المحكمة التى أصدرت حكم عودة الحرس غير مختصة، وأنه لا عودة مرة أخرى لفرض الوصاية الأمنية على الجامعات وتهديد استقلالها. ويبدى عدد كبير من الأساتذة رغبتهم فى عودة الحرس الجامعى مرة أخرى إلى الجامعات، ولكن بنفس منطوق كلمة «الحرس الجامعي» أى أن يكون مختصا فقط بتأمين الجامعات ومنشآتها دون التدخل فى سياسات أو قرارات إدارات الجامعات، لأن الجامعات لن تؤدى دورها فى نهوض المجتمع إلا بالتزام الدولة بحرية الجامعات واستقلالها.