10 ملايين قضية بلطجة أمام المحاكم الداخلية تحارب الإرهاب وتتجاهل أمن المواطنين تحقيق: نجوى إبراهيم لم يكن مقتل «د. أحمد عمارة» أستاذ طب وجراحة العيون بمستشفى قصر العينى نجل رائد طبيب العيون العالمى الدكتور محمد عمارة وابنه البالغ عشر سنوات على أيدى بلطجية فجر يوم 31 يناير الماضي.. مجرد حادث فردى عابر ولم يأت بالمصادفة ولم يكن الأول ولن يكون الأخير فى مجتمع اعتمد البلطجة كأسلوب لإدارة الأعمال والتعامل مع الرأى الآخر وحل المنازعات.. ورغم محاولة الداخلية تهوين الأمر واعتباره قضاء وقدرا لكن حالة الفوضى والبلطجة وحالات العنف التى تشهدها مصر عقب ثورة 25 يناير وحتى الآن من قتل وسرقة بالإكراه وفرض إتاوات والانتقام من الخصوم واستخدام الأسلحة البيضاء والنارية بأنواعها وترويع المواطنين الأبرياء.. أصبح يشكل ظاهرة خطيرة وللأسف كل هذا يحدث فى غياب الأمن بحجة انشغال الداخلية بمحاربة الإرهاب. مأساة أسرة مصرية لقد هزت حادثة مقتل «د. عمارة» المجتمع المصرى خاصة إنها حظيت بمساحة واسعة من تسليط أضواء الإعلام عليها ولكن هناك من الحوادث التى يقوم بها البلطجية ويذهب ضحيتها أناس أبرياء دون أن يشعر بهم أحد ومنها حادثة مقتل المواطن «محمود أبوجازية» 47 عاما أب لأربع أولاد تعرض للقتل منذ عدة أشهر على أيدى بلطجية متخصصين في سرقة السيارات ورغم أن الجناة معروفون والداخلية لديها صور البطاقات الشخصية لهم لكن هناك تباطؤ فى القبض عليهم. والقصة المأساوية ترويها زوجته منال نجيب قائلة فى يوم 26/6 قبل ثورة 30 يونيه بأيام توجه زوجى إلى طريق الفيوم الصحراوى لكى يقوم بتموين السيارة بنزين خاصة أن أزمة البنزين كانت مشتعلة وفشل فى الحصول على بنزين من أى محطة قريبة ، وتستطرد الزوجة والألم بحبس أنفسها لم يكن زوجى بمفرده ولكنه تقابل مع أخيه عند هضبة الهرم وذهبا إلى محطة البنزين فى أول طريق الفيوم وأثناء عودتهما سمعا صوت انفجار واعتقد زوجى أنه انفجار كوتش – حسب رواية أخيه – وتوقف لمدة دقيقتين وفوجئ بثلاثة بلطجية قاموا بإطلاق النار على السيارة وأرغموه هو وأخاه على ترك السيارة وأثناء هروبهم بها ومحاولة زوجى إيقافهم أطلقوا عليه النار وجاءت رصاصة فى رأس زوجى ولفظ أنفاسه فى الحال وعندما ذهبنا إلى هناك تحول المكان إلى خلية من البشر بعد اختفاء المجرمين جاءت الشرطة العسكرية والنيابة والمباحث وبعد يومين فوجئت بأن أحد هؤلاء البلطجية يتصل بى لأنه سرق السيارة وبها موبايل زوجي، وقال «فين جوزك» وقتها شعرت بأن الجناة لا يعلمون بأن زوجى مات وتحدثت معهم كأن زوجى موجود وبالفعل تحدث معهم زوج أختى على أنه زوجى وطلبوا فدية 40 ألف جنيه مقابل استرداد السيارة وبلغت النيابة بذلك وكنت على اتصال بمباحث أكتوبر وطلبوا منى إطالة زمن الاتصال حتى يتمكنوا من الوصول إليهم، وبعد أسبوع فوجئت باتصال من الوحدة السادسة فى الجيش وأخبرونى بأن سيارتى عندهم واستطاع الجيش أخذ صور بطاقات المجرمين ولكنهم تمكنوا من الهرب وقامت مباحث أكتوبر بالقبض على أحدهم ويسكن بالفيوم وتحددت جلسة 30/1 للحكم عليه وللأسف تم تأجيلها إلى 25/5 وحتى الآن لم يتم القبض على باقى المتهمين. القبض على الجناة وناشدت «منال نجيب» وزير الداخلية بسرعة القبض على الجناة ومحاكتمهم قائلة أنا عايزة حق زوجى وحق هؤلاء اليتامى الأربعة الذين فقدوا والدهم فجأة وأبسط حقوقنا هو القصاص من هؤلاء البلطجية. وأضافت «منال» أن والدة زوجى حتى الآن فاقدة الوعى ولا تستطيع أن تصدق ما حدث لابنها، ورغم أنى على اتصال باللواء «مجدى عبدالعال» لكنه دائما يقول لى إن ظروف البلد والإرهاب هى سبب انشغالنا عن القبض على هؤلاء المجرمين، فما ذنبى وذنب أولادي، مؤكدة أن هؤلاء البلطجية يواصلون قطعا ممارسة الإرهاب على المواطنين الأبرياء. أما «يوسف محمود» ثانية ثانوى وابن القتيل الأكبر فيقول كيف أستطيع أن أحب بلدى وللأسف لم يهتم أحد فيها بحقى وحق والدي. وأشار إلى أن أمنيته أن يدخل كلية الشرطة علشان يحمى الناس الأبرياء من البلطجية. أما «ياسمينا ومازن ومحمد» فرغم صغر سنهم فكانوا على وعى بحجم المأساة التى يعيشونها قائلين إحنا اتحرمنا من بابا وعايزين الناس اللى حرمونا منه يتحاسبوا. وقالت «منال نجيب» كنا زمان قبل الثورة ننزل أنا وأولادى فى أى وقت، كنا عايشين فى أمان أما الآن ومن ساعة الحادثة أخاف أنزل حتى فى عز الظهر. انتهت قصة «محمود أبوجازية» الذى راح ضحية البلطجية وترك أولاده الأربعة فجأة وللأسف لم تتمكن أجهزة الأمن من القبض على الجناة حتى الآن لكى يحاكموا بعقوبة رادعة. حوادث بلطجة ومنذ ثورة 25 يناير حتى الآن لم تخل صفحة من صفحات الحوادث والمجلات من أخبار البلطجية الذين أصبحوا يحكمون شوارع المحروسة فخلال الأيام الماضية شهدت مصر العديد من الحوادث المؤسفة فقد تمكنت أجهزة الأمن بالغربية القبض على عامل يمارس أعمال البلطجة وفرض إتاوات على المواطنين بشارع سيدى عبدالحق بمدينة طنطا دائرة القسم، وفى حدائق القبة تعرضت سيدة لخطف شنطتها من قبل بلطجى يركب «موتوسيكل» وفى المحلة تعرضت طبيبة لمحاولة اختطاف بعدما أوقف مجهولون سيارتها وألقوها أرضا ثم لاذوا بالفرار بالسيارة وسط ذهول الموجودين الذين اكتفوا بالمشاهدة خشية التعرض للقتل على أيدى البلطجية، كما قام عدد من البلطجية بالاعتداء على رئيس مباحث قسم الدقى «محمد مجدي» أثناء مداهمته لمقهى بدير الكائنة بشارع التحرير. وبلغت حصيلة الحملات الأمنية التى قام بها قطاع مصلحة الأمن بوزارة الداخلية فى منتصف فبراير الحالى القبض على 8 تشكيلات عصابية ضمت 24 متهما ارتكبوا 15 حادث سرقة متنوعة، و5 متهمين لقيامهم بأعمال بلطجة وحوادث سرقة بالإكراه وضبط 649 دراجة بخارية مخالفة و6 سيارات مبلغ بسرقتها وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الأمن العام من خلال المحاضر الرسمية أن حوادث البلطجة فى الشوارع على مستوى الجمهورية من 50 إلى 60 بلاغا يوميا منذ عام 2011 أما الحوادث التى لا يتم تسجيلها أو الإبلاغ عنها فهى تفوق هذا الرقم. عملية سطو مسلح ومن ضمن الحوادث الغريبة قيام مسلحين بعملية سطو مسلح على مصنع أدوية بمنطقة الكلاحين مركز جفت قنا على مسمع ومرأى من الشرطة هذا ما يؤكده «حسانى عثمان» عضو حزب التجمع، مشيرا إلى أن مصنع الأدوية بمركز جفت مغلق منذ 6 سنوات نظرا لتراكم الديون على صاحبه الذى ترك المصنع وهرب، إلا أن موظفي المصنع كان لديهم أمل أن يعمل المصنع من جديد، ومنذ عدة أسابيع فوجئنا بعدد من البلطجية يدخلون المصنع وقاموا بسرقة الأجهزة ومحتوياته، وقمنا بإبلاغ كمين الشرطة الموجود بالقرب من المصنع وكذلك قمنا بإبلاغ المحافظ ولكن للأسف لم يتحرك أحد خوفا من البلطجية وقال المحافظ «أنا مش عارف أعمل إيه». وأشار «حساني» إنه منذ الثورة ونحن نعيش فى حالة انفلات أمني، مشيرا إلى أن تقاعس الأمن أدى إلى تفاقم حوادث البلطجة خاصة أن الشرطة لا تتدخل من بداية الحادث ولكنها تنتظر إلى الآخر مما أدى إلى تصاعد الحوادث. وقال نحن لدينا عصابات متخصصة فى سرقة السيارات بالحمولة التى عليها وبعد ذلك يطلبون فدية، ورغم أن الشرطة تعرف المناطق التى يتركز فيها هؤلاء البلطجية لكنها تخشى من مهاجمتهم خاصة بعد قتل ضابط وأمين شرطة على أيدى البلطجية. وطالب حسانى بضرورة تدعيم الشرطة بالسلاح والأفراد من أجل حماية المواطنين. 10 ملايين قضية بلطجة وفى دراسة بعنوان «المعاملة الجنائية للمسجلين خطر» أكدت «د. فادية أبوشهية» أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن قضايا البلطجة المنظورة أمام المحاكم حاليا وصلت إلى أكثر من 10 ملايين قضية وتجاوز عدد المسجلين خطر رسميا إلى 92 ألفا و680 مسجلا خطرا. وأشارت الدراسة إلى تزايد أعداد البلطجية فى مصر خاصة فى المرحلة الانتقالية التى أعقبت ثورة 25 يناير ويرجع ذلك إلى ضغط الدولة ومؤسساتها الرسمية وسيادة عدم احترام القانون وتآكل هيبة الدولة وغلبة الشعور بالاستبعاد الاجتماعى لدى الكثير من فئات المجتمع. وأوضحت «د. فادية» أن 50% من البلطجية والمسجلين خطر تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما ويتركز أغلبهم فى محافظاتالقاهرة وبورسعيد والشرقية، بينما تقل ظاهرة البلطجة فى المحافظات الحدودية وهى شمال وجنوب سيناء ومطروح. وأكدت الدراسة أن 49.2% من المسجلين خطر أميون و3.5% فقط حاصلون على شهادات جامعية.